تُعد الرحلات الاستكشافية إلى القطب الشمالي من أصعب التحديات التي يواجهها المستكشفون، إلا أن رحلة واحدة من هذه الرحلات شهدت قصة استثنائية للمستكشف الدنماركي إجنار ميكلسن وزميله، حيث استطاعا البقاء على قيد الحياة لمدة سنتين بعد أن تخلي زملاهم عنهم.
وسوف نستعرض في هذه المقالة قصتهما وكيف استطاعا التغلب على التحديات والبقاء على قيد الحياة في ظروف قاسية.
الغرض من الرحلة الاستكشافية
حيث كان سبب ذهاب المستكشف الدنماركي ميكلسن وزميله لشمال شرق جزيرة جرينلاند هو إحضار خرائط وبيانات خاصة بالبعثة الدنماركية السابقة الذين قُتلوا في عام 1907 والذين كانوا في مهمة انتحاريه، هذه المهمة كان غرضها محاولة إثبات ملكية هذه الجزيرة لدولة الدنمارك وتكذيب الادعاءات الأمريكية بملكيتها لهذه الجزيرة في شمال جرينلاند.
فالبعثة كانت مكونة في البداية من 6 مساعدين ميكلسن ومن بينهم ميكانيكي من أجل محرك القارب إلا أنه كان مدمن كحوليات مما اضطر ميكلسن استبداله بشاب ليس لديه خبرة كافية في الجليد، ولكنه صبور وشجاع ودخل التاريخ بمصاحبته للمستكشف الدنماركي بعد هذه الرحلة القاسية.
حيث غادر ميكلسن عام 1909 الدنمارك في هذه المهمة الخطيرة ويعلم أنه لن يعود إلا في يوليو عام 1912، حيث كان هو وزميله أيفر أيفرسون على وشك الموت وحالتهما سيئة من الصدمة نتيجة الظروف الصعبة التي عاشا فيها حين وجدهما صيادين للحيتان بالصدفة، وقد واجها عدة صدمات معاً أثناء تلك الرحلة.
الصدمة الأولى:
حيث واجهت البعثة خلال رحلتها عواصف ثلجية قوية وظروف جوية قاسية منذ بدايتها، وبعد مرور عدة أسابيع، تدهورت حالة الطقس بشكل أكبر، ونظراً للظروف القاسية التي واجهت البعثة وبعد أن علق القارب بالجليد في جزيرة شانون وهي تبعُد عن سواحل جرينلاند بمسافة 200 ميل، طلب المستكشف الدنماركي من مساعديه أن يتركوا السفينة ويرافقوه عن طريق عربتين تجرها الكلاب فرفضوا وفضّلوا العودة إلى القاعدة الرئيسية وتركهما وحيدين في القطب الشمالي فكانت الصدمة الأولى في مساعديه، إلا أن الميكانيكي الجديد قرر أن يرافقه وقررا عبور هذا البحر المتجمد لمسافه 200 ميل في مجازفة كبيرة منهما.
الصدمة الثانية:
وبعد عبورهما ووصولهما المحيط المتجمد اكتشفوا أن البعثة السابقة التي يبحثون عنهم يبعدوا عن المكان الذي وصلوا إليه بحوالي 300 ميل وكانت هذه الصدمة الثانية. فقررا أن يعودا للسفينة العالقة مرة أخرى ثم انطلقا لمسافة 500 ميل في رحلة مرعبة وعذاب لا ينتهي مع برودة وصلت لـ 59 درجة تحت الصفر.
الصدمة الثالثة:
وكانت موت جميع الكلاب، فبدءا أكل غذاء الكلاب مما أصابهم بهلوسة، وفي هذه الأثناء وصلا للخرائط ودفاتر الملاحظات للمستكشفين السابقين والتي تثبت أن جزيرة جرينلاند جزيرة واحدة، وعليهما أن يعودا مرة أخرى 500 ميل، فبعد أن نجوا بأعجوبة من البرد والجوع والدببة القطبية فكانت الصدمة الرابعة كما سنرى.
الصدمة الرابعة:
حيث وجدا زملائهما غادروا وتركوهما وحدهما في جزيرة في القطب الشمالي ليواجها موسمين من الشتاء القارس وحدهما في ظروف شبه مستحيلة حيث أعلنت الدنمارك مقتلهما وهما يتعرضان للتجمد ونقص الطعام والمياه.
كيف نجحوا في النجاة في ظل هذه الظروف الصعبة:
رغم أن كل الظروف القاسية كانت ضدهما، إلا أنهما استخدما خبرتهما ومهاراتهما في البقاء على قيد الحياة لمواجهة هذه التحديات للتأقلم مع الظروف القاسية، فقاما ببناء مأوى مُحكم وتجهيزه بالأدوات والمعدات اللازمة للبقاء.
كما أنهما اعتمدا على مهاراتهما البدنية والنفسية للتغلب على التحديات النفسية الناجمة عن العزلة والوحدة التي عايشوها، وأخذا في تطوير مهارات جديدة والاستمتاع بالأنشطة البدنية مثل الرحلات القصيرة وممارسة التمارين الرياضية داخل المأوى، كما قاما بالقراءة وتعلم أشياء جديدة لملء وقتهم والحفاظ على الروح المعنوية، وتمكنا من الصمود لمدة سنتين كاملتين في القطب الشمالي حتى تم إنقاذهما.
فقصة نجاة المستكشف الدنماركي وزميله في القطب الشمالي تبرز قوة الإرادة البشرية والتحديات الهائلة التي يمكن التغلب عليها.
لذا، فإن نجاة المستكشف الدنماركي وزميله في القطب الشمالي لمدة سنتين بعد أن تخلي زملائهم عنهما تُعد قصة استثنائية للقوة الإنسانية والقدرة على التحمل والتكيف. ونتعلم منها أن الإرادة الصلبة والإصرار والتخطيط الجيد يمكننا تجاوز التحديات وتحقيق النجاح حتى في أصعب الظروف.