لقد تابعْنا جميعنا تلك النكسة الالكترونية التي تعرضت لها خدمات الانترنت من TE Data بعد انقطاع أحد الكابلات الموصلة للخدمة في مياه البحر المتوسط -كما أُشِيع- ؛ والتي تسببت في تعطيل مئات آلاف المصالح والأعمال في القطاعين العام والخاص، ناهيك عن تبعات تلك العطلة الإجبارية التي وبكل تأكيد أسفرت عن خسائر فادحة مادية ومعنوية نتجت عن عدم قدرة بعض الجهات على الوفاء بمتطلباتها وتقديم خدماتها للجمهور على الوجه الأكمل، لا سيَّما تلك التي تعتمد بشكل مباشر على شبكة الانترنت في تقديم خدماتها أو الترويج لمنتجاتها أو إدارة مشروعاتها.
الأمر ليس بِهَيِّن؛ فبالفعل قد مَرَّ قرابة الأسبوع على تلك الواقعة الكارثية ولم تُحَلْ بنسبة 100 % إلى لحظة كتابة المقال.. بل لا تزال الأزمة تحدق بالعملاء مع كل Click أو Search.. وأصبحت الـ Browsers كالأدغال مجهولة الهوية لا تعرف لها tabـًا من بابًا.
والكارثة الأكبر في نظري هي ذاك القطب الجنوبي الذي يَحيَى فيه أولئك القائمون على أمور الشركة والمسؤولون عن تسيير شؤونها؛ فلم نرَ حتى اعتذارًا، أو نسمع تنويهًا، أو نقرأ بيانًا أو أو أو.. رغم أن بياناتكم الاعلانية تملأ آفاق الشبكة العنكبوتية.. وسراديب السوشيال ميديا على مدار الساعة !
أليس رضا العملاء هو الذي تبنون عليه إعلاناتكم؟ وكيف تديرون تلك المؤسسة التي أخذت في الانحدار؟
الحقيقة أنني لم أجد مبررًا لخفوتكم هذا أكثر من كون الشركة مؤسسة حكومية خالصة.. فوالله لو كانت خاصة -بكل تأكيد- لاهتمَّ مجلس إدارتها وجهاز علاقاتها العامة وشؤونها الإدارية والقانونية وغيرهم من الإدارات والأقسام المعنية بترك ورسم وترسيخ صورة ذهنية ملائمة لدى العملاء، ولحاولوا اقناع المشتركين بِتَحَسُّنِ الخدمة في أقرب وقت ممكن بعد إطْلاعهم على سبب الأزمة، ومدى خطورتها، وإلى أي وقت يُتَوَقَّع أن تدوم.. إلخ.
بعد كل ذاك الجدل لا أريد سوى إجابة وحيدة واضحة صريحة على استفسارهذا >> كما تسارعون سيادتكم بقطع الخدمة في اللحظة الأخيرة من كل شهر -كما اعتدناكم- هل ستسارعون في تعويض العملاء وَرَدِّ الخدمة إليهم لمدة أسبوع كامل انقطعت فيه الخدمة؟ أم تَسْعَوْنَ فقط لامتصاص دماء العميل والتربح من وراءه بكل وأي أشكال التربح؟
أعتقد وبما أنها شركة حكومية؛ فإن أي تلاعب بحقوق العميل يُعَدُّ تلاعبًا بالمال العام.. ويجب محاسبة المُقَصِّر والمُفَرِّط في هذه الحقوق، وأعلم يقينًا أنها مشكلة خارجة عن إرادتكم، ولكن أيًا كان المبرر فلا ذنب للعملاء فيه فيه ويجب عليكم تعويضهم لتحافظوا على الرمق الأخير المتبفي من رصيدكم لدى المواطن؛ لا سيَّما بعد أن قرر الآلاف إلغاء التعاقدات معكم في أسبوع واحد أو يقل.. وهو ما أعتبِرُهُ كذلك تفريطًا في المال العام باستخفافكم من تهوين الأزمة وطمأنة العميل والحفاظ عليه.
يجب أن تَعْلَموا بأن العميل لن يتحمل أعباءً على أعباءه.. العميل لن يتحمل زيادة تكلفة الخدمة + ضعف مستوى الخدمة + فشل خدمة عملاءكم + الالتفاف على حقوقه + + + + + = ∞
وقبل الختام دعوني أؤكد أن حنفي ذاك ليس مصدره ماديًا فحسب قدر كونه مبدأً حقوقيًا أَوَدُّ التأصيل له والمطالبة بتفعيله في كل مؤسسات الدولة كما يحدث في الغرب ودول العالم المتقدم؛ فَمَنْ اتلَفَ شيءًا فعليه إصلاحه، ومَن أًهْدَرَ شيءًا فعليه تعويضه، ومَن جَمَعَ جبايات الانترنت فعليه توفير الخدمة كاملة لا تنقص KB واحدًا.
وهنا لا استثني وزارة الاتصالات والمركز القومي لتنظيم الاتصالات من المسائلة؛ وهما القادة الفعليين لتلك المؤسسات والمشرفين الرقابيين عليها.. وكذا لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالبرلمان الذي -من المفترض- عليه متابعة حقوق الشعب والذَّود عنها.. من المفترض ! ولكن كيف للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن يتابع الأزمة وهو نفسه لا يعبأ بمدى جاهزية موقعه الالكتروني وأنه في لحظة كتابة المقال لم يكن يعمل بشكل أو بآخر.. لعل فترة استضافته انتهت !
ولذا على كل تلك الكيانات التوصل فيما بينها لاتفاق يُعَوِّضُ المواطن ماديًا ومعنويًا، ليس هذا فحسب.. بل وإرسال رسالة اعتذار لكل عميل على ما أسفرَتْ عنه سوء خدماتكم على حيواتهم وأعمالهم، وإلا فلا تطلبوا حقوقكم من العملاء بل اطلبوها من أسماك القرش التي كان لها الحظ الوافر في استنشاق الـ ADSL عبر الكابلات المتهتكة في أعالي البحار.. ولا حول ولا قوة إلا بالله
شركة فاشلة
عندك حق والله صدقت