سنتحدث في هذا المقال عن قصة أكبر قائد عسكرى في عصره بل لعله في كل العصور وفي كل زمان، قصة الاسلام الأول، قصة خالد بن الوليد رضى الله عنه الصحابى الجليل وصاحب الانتصارات العسكرية الكبيرة في التاريخ الاسلامى، ويأتى هذا المقال ضمن سلسلة مقالات تتحدث عن الصحابة والتابعين سنقوم بكتابتها من خلال موقعنا نجوم مصرية، وسنتحرى الدقة في كل معلومة نذكرها حتى يكون هذا المقال مرجع لكل من يريد أن يعرف عن حياة خالد وأبرز نقاط حياته.
ولد خالد بن الوليد قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم ب 12 عام، امه هى لبابة بنت الحارث، من أعرق القبائل العربية، وهى اخت ميمونة أم المؤمنين، وكعادة قريش أرسل خالد إلى احدى القبائل في الصحراء حيث هواء الصحراء النقى الذي أعطاه القوة، وتشكلت شخصية خالد القوية من هنا، وأصيب في طفولته بمرض الجدرى وهذا ترك أثر في وجه ولكن لم يؤثر على وسامته، والده هو الوليد بن المغيرة زعيم بنى مخزوم، كان يلقب بالوحيد لأنه كان فريدا في صفاته، وكان بنى مخزوم مسئولون عن شئون الحرب والسلاح والتجارة، فكان لهم من المال ما لاحد غيرهم، فكان معظم وقت خالد يقضيه في التدريب على الفروسية وركوب الخيل، فكان خالد واحد من أفضل الفرسان في البلاد العربية، وكان خالد يجيد استخدام كل أنواع الأسلحة، وكان يتفوق في استخدام الرمح، وكان يقاتل بسيفين في نفس الوقت، وهذ أمر لم يحسنه الا هو والزبير بن العوام رضى الله عنهما، كان طويل فوق المترين، حتى انه عندما كان يركب على الفرس كانت رجليه تصل للارض، وكان نحيف لكنه قوى، له هيبة، فقد تجمعت له صفات الشرف.
معاداته للاسلام والمسلمين
نشأ خالد بن الوليد كارها للإسلام، فهو بن الوليد بن المغيرة سيد مكة وأبرز أعداء الإسلام والنبي (صلى الله عليه وسلم) كما كان حريصًا كل الحرص على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان له دور مهم في غزوة “أحد”، حيث استطاع أن يعدل كفة قريش بعد إلحاق الهزيمة بهم، بعد أن خالف الرماة أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم في جمع الغنائم، كما كان أحد قادة قريش يوم الخندق، وفي يوم “الحديبية” خرج “خالد” يقود 200 فارس من قريش لمنع المسلمين من دخول مكة، وقد تم عقد معاهدة الحديبية بين المسلمين والمشركين “صلح الحديبية”.
لقد قرر خالد بن الوليد أن يتجه إلى المدينة المنورة ليسلم على يد رسول الله وأن يشهد شهادة أن لا اله الا الله، ففكر في صحبة فوجد في طريقه عثمان بن طلحة، فوضح له أنه يريد اعتناق الاسلام، فما كان من طلحة إلا أنه ذهب معه، وفي طريقهم وجدوا عمرو بن العاص، فقال لهم مرحبًا بالقوم، فأجابوا: وبك يا عمرو، فقال: إلى أين تتجهون؟ فأخبروه، فقال لهم أنه أيضاً يريد النبي محمد ليسلم، فانطلقوا إلى المدينة، فلما رأوا رسول الله شهدوا شهادة الحق.، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: « قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير »، فبايع خالد رسول الله وقال: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صد عن سبيل الله، فقال ياخالد: « إنَّ الإسلامَ يَجُبُ مَا قَبْلَهُ ». قُلْتُ: يا رسول الله على ذلك فقال: اللَّهُمَّ اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك، ثم تقدم عمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حروب الردة
بعد موت النبي (صلى الله عليه وسلم) شارك “خالد” في قتال المرتدين في عهد “أبي بكر الصديق” – رضي الله عنه – حيث ادعى البعض النبوة، وامتنع البعض الآخر عن الزكاة، ومنهم من ارتد عن الإسلام. وحدث اضطراب كبير في الدولة الإسلامية، وقد واجه أبو بكر الصديق خليفة رسول الله تلك الفتنة بشجاعة، حيث بعث خالد بن الوليد لقتال “طليحة بن خويلد الأسدي” الذي ادعى النبوة في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) ولكن ازداد خطره بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد انتصر خالد عليه وهزمه هزيمة شديدة، وما كان من“طليحة” إلا أن يفر إلى “الشام”، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وشارك في حروب الفرس، وقد استشهد في عهد عمر بن الخطاب.
كان لخالد بن الوليد دور بطولى في معركة اليرموك التي وقعت عام 15 هـ بين المسلمين والروم، وهى من أشد المعارك التي دخلها المسلمون، حيث انسحب الجيش الاسلامى من الجابية بالقرب من دمشق إلى اليرموك بعد أن تقدم جيش الروم نحوهم، وقد كان المسلمون بتعداد 36 ألف مقاتل، بينما الروم تفوقهم عددا بأضعاف إلى أن وصلوا إلى 236 ألف، وفي هذا اليوم استلم خالد” القيادة من أبو عبيدة بن الجراح، ونظم خالد الجيش حيث جعل 10 ألاف جندى من الخيالة، وقسم الجيش إلى 36 كتيبة قسمت إلى لواءات يقودهم عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص)، واستمرت المعركة 4 أيام وأظهر المسلمون فيها تفوقا ملحوظا، وفي اليوم الخامس رفض خالد عرض الروم وهو “هدنة ثلاثة أيام” وقال لرسولهم “نحن مستعجلون لإنهاء عملنا هذا”، وقد لقى جيش الروم في هذه المعركة هزيمة كبيرة، وقد استقر المسلمون في بلاد الشام، واستكملوا فتوحاتهم في مصر والشمال الإفريقي.
بعث الوليد بن الوليد إلى أخيه خالد برسالة لكى يدفعه إلى الدخول في الإسلام، وقد أثرت هذه الرسالة أثرا كبيرا في نفس خالد، وبعدها بأيام ذهب إلى المدينة المنورة مسلماً قبل فتح مكة بستة أشهر، وقد شارك خالد رضي الله عنه في معارك كثيرة منها معركة مؤتة التي كانت أول مواجهة بين جيش المسلمين والروم، وفيها انسحب المسلمون، وقد سمى النبي عليه الصلاة والسلام خالد يومها بسيف الله المسلول، كما شارك في عهد النبي في معركة فتح مكة، وفي الصديق أبو بكر رضي الله عنه شارك خالد في كثير من المعارك منها معركة اليرموك ومعركة أجنادين، ومعارك حروب الردة ومنها معركة اليمامة، أما في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه استكمل خالد معاركه من أجل انتشار الإسلام، وقد شارك فيما يقارب مائة معركة لم يهزم في أي منها رضي الله عنه وأرضاه.
الوليد بن المغيرة
كان الوليد رجل غنى، ورغم غناه إلا أنه كان يعمل بنفسه أحيانا، فكان يشغل نفسه بالتجارة وكان ينظم القوافل التجارية، كثير من العلماء يقولون أن الآية التي نزلت ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) فقد كان يتمنى العرب أن ينزل القرآن على الوليد بن المغيرة فقد كان يجمع بين الغنى والعسكرية والشرف، وقد كان الوليد ضمن الوفد الذي ذهب إلى أبى طالب ليعرضوا عليه أن يعطوه عمارة ابن الوليد ليكون ولد له وكان عمارة وسيم بطل من أبطال قريش على أن يعطيهم محمد، فرفض أبو طالب بقوة هذا العرض وقال ” والله لا أظن هذا عدلا تعطوني ابنكم اطعمه واربيه وأعطيكم ابني تقتلونه”، ثم عرضوا عليه أن يعطوا محمد ما يريد إن كان يريد ملكا ملكوه عليهم، وإن كان يريد مالا جمعوا له المال، وقد قابل النبى هذا العرض وقال لعمه “والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في شمإلى على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ماتركته”، ذات مرة قرر الوليد أن يدخل في مفاوضات مباشرة مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي يطمع في اسلام الوليد لان إسلامه سيدخل الكثير من قريش في الإسلام، ثم زار محمد في بيته وقال له حدثنى ماذا تقول، فقرأ له النبى آيات القرآن بصوت جميل ومؤثر، فأثرت هذه الايات في نفس الوليد واستقرت في قلبه، ورجع الوليد من هذا اللقاء متأثرا، فجلس أبو جهل يفكر كيف يمنع الوليد من زيارة النبي مرة أخرى، فقال له “يا وليد إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا”، فتجب الوليد وقال ” لماذا “، فقال أبو جهل ” ليعطوك إياه”، فإنهم يقولون انك تذهب إلى محمد كي تصيب من طعامهم، فغضب الوليد غضبا شديدا، وقال له ” والله أنا لا أذهب إليه لتصيب من طعامه، ولكنى اسمع كلام عجيب، ووالله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني ولا بأشعار الجن منى، والله ما يشبه الذي يقوله شىء من هذا، والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وان أعلاه لمثمر، وان أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته”، ثم قال له أبو جهل إذن فقل فيه قولا نكرهه، ففكر الوليد كثيرا ثم قال أنه ساحر، يفرق بين الرجل وزوجته، والولد وأبيه.
الوفاة
توفي خالد بن الوليد عام 21 للهجرة، الموافق 642 ميلادي، حيث قضى خالد بن الوليد آخر أيام حياته في حمص ما يقارب الأربع سنوات، ثم مات على فراشه، وفاة طبيعية، وقد قال قبل وفاته: “لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفي ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء”. وقد حزن المسلمون على موته حزنا شديدا، وقال عمر بن الخطاب لما سمع النساء يبكنيه: “على مثله تبكي البواكي”.
نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم مقال مميز، ونرجو ترك تعليق عند وجود أى استفسار، وسوف نقوم بالرد عليكم في أسرع وقت.