– الكوارث المناخية تشرد9،8 مليون بإفريقيا والأطفال والنساء الأكثر تضررا
– 98 مليون يعانون انعدام الأمن الغذائي
– الدول المتقدمة لم تلتزم بتعهداتها لتحقيق العدالة المناخية
– إجراءات التكيف تضمن بقاء الدول النامية على قيد الحياة
تقدر أرقام منظمة الصحة العالمية أن تغير المناخ منذ عام 1970 يقتل سنويا فعلًا ما يزيد عن 140000 شخص سنويا، وأن ما يقرب من 1،1 مليون شخص قتلوا بفعل التغيرات المناخية وأن 2.7 بليون شخص تأثروا بها في المدّة من 2000 إلى 2011.
أرقام وإحصاءات مفزعة تحملها لنا التقارير الدولية حول تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة العامة و حياة البشر وخاصة الفئات المهمشة من النساء والأطفال وكبار السن، في الدول النامية وتحديدا الأفريقية، حيث يعانون تأثيرات تغير المناخ بشكل أكثر عنفا، في ظل تأثيرات الأزمة على الأمن الغذائي وانخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية وأيضا قضية النزوح بسبب الكوارث المناخية مما يضاعف الآثار وتصبح التوجهات والخطوات نحو المواجهة والتكيف أمرا حتميا لا جدال فيه.
الآمال معقودة على قمة المناخ 27 المقرر عقدها بشرم الشيخ في نوفمبر القادم، لتخرج بمكاسب منتظرة للدول النامية وخاصة الأفريقية التي تمثلها مصر في القمة القادمة.
وفقا للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي بالأمم المتحدة، فقد عانى نحو 98 مليون شخص عام 2020 من انعدام الأمن الغذائي الحاد واحتاج هؤلاء الأشخاص إلى مساعدات إنسانية في إفريقيا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 40% تقريبا مقارنة بعام 2019، وكانت الآثار المتراكمة الناجمة عن سنوات النزاع الطويلة، وعدم الاستقرار السياسي، وتقلب المناخ، وتفشي الآفات ووالأزمات الاقتصادية، والتي تفاقمت بسبب أزمة كورونا، العوامل الرئيسية التي أدت إلى ذلك.فعلى سبيل المثال بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في جمهورية الكونغو الديمقراطية 21،8 مليون نسمة وفي نيجيريا بلغ العدد 9،2 مليون نسمة.
نزوح داخلي
تتأثر إفريقيا بشدة بالغة بالتقلبات والتغيرات المناخية مقارنة بمناطق عدّة أخرى من العالم، ففي إفريقيا جَنُوب الصحراء الكبرى، يعيش نحو نصف السكان تحت خط الفقر ويعتمدون لكسب رزقهم على أنشطة تتأثر بالطقس، مثل الزراعة والرعي وصيد الأسماك، ويؤدي الفقر وتدني مستوى التعليم والرعاية الصحية إلى تقويض قدرة السكان على التكيف مع ازدياد أو انعدام الأمن الغذائي، والبطالة فضلا عن تراجع الرعاية الصحية وزيادة معدلات الأمية وعدم المساواة بين الجنسين على المدى الطويل.
في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، سجل مركز رصد النزوح الداخلي 14،8 مليون حالة نزوح جديدة في 124 بلدا وإقليما، وقد تسببت حالات النزاع والعنف في نزوح نحو 4،8 مليون شخص، في حين شردت الكوارث المناخية 9،8 مليون شخص وسجل ما يناهز 12% من حالات التهجير السكاني الجديدة في العالم في منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، وكان للفيضانات والعواصف ومن بعدهما الجفاف الدور الأكبر في النزوح بسبب الكوارث.و يشير التقرير إلى أن أشد المتضررين هم دائما اللاجئون والنازحون داخليا وعديمو الجنسية والفقراء والنساء والأطفال والمسنون وذوو الإعاقة.
مهندس صابر عثمان خبير التغيرات المناخية والتنمية المستدامة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة مناخ أرضنا للتنمية المستدامة يشير إلى خطورة التغيرات المناخية على الصحة العامة وخاصة بعض الفئات مثل المرأة والأطفال وكبار السن، مضيفا أن تقارير منظمة الصحة العالمية تقدر أن تغير المناخ الذي حدث منذ عام 1970 يقتل أكثر من 140 ألف شخص سنويا، كما تتمثل تأثيراتها على الصحة العامة نتيجة سوء التغذية والإجهاد الحراري، فشل القلب والأوعية الدموية، حساسية الجهاز التنفسي، الأمراض التي تنقل عن طريق الماء، الأمراض التي تنتقل ن طريق الحشرات، الربو، الأمراض العقلية.
و يضيف خبير التغيرات المناخية أن مصر شهد عام 2014 واحدة من أسوأ موجات الحرارة نتج عنها 116 حالة وفاة بفعل الإجهاد الحراري، كما تتأثر مصر بسبعة من الأمراض التي تنقل بواسطة الحشرات وهذا شيئ يدعو إلى القلق على الصحة العامة، حيث إن تغير المناخ يوفر بيئة ملائمة لانتشار الحشرات، كما تقدر أن الأمراض المنقولة عن طريق المياه تتسبب في أكثر من 2 مليون حالة وفاة.
و طبقا للتقرير التجميعي الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بحلول عام 2030، تسعة من المحاصيل الرئيسية سوف تشهد انخفاض في معدلات الإنتاج بسبب تغير المناخ، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير فضلا عن تأثيرات ذلك على الصحة العامة والتوظيف وسوء التغذية.
أمراض تغير المناخ
يقول الدكتور عبد المسيح سمعان خبير التربية البيئية بكلية الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس أن صحة الإنسان مرتبطة ارتباطا وثيقا بصحة البيئة وسلامتها ويتضح ذلك من الأمراض المرتبطة بالتغيرات المناخية مثل الأمراض المنقولة عبر الحشرات مثل الملاريا وحمى الدنج والليشمانيا، إلى جانب الأمراض المتنقلة عن طريق الماء والطعام مثل الكوليرا والتي يزداد انتشارها في المناطق التي تصيبها الفيضانات والسيول مما يصيب الملايين، وأيضا الأمراض التنفسية والصدرية مثل الربو والتي تصيب كبار السن، وكذلك تداعيات الانهاك الحراري التي يؤدي إلى وفاة كبار السن والأطفال ويقلل من انتاجية الفرد عمومًا.
أما عن الآثار النفسية فيقول عبد المسيح ان درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة بشكل كبير من شأنها التأثير على صحة الإنسان النفسية حيث تزيد من معدلات العنف وتحفز السلوك العدواني، كما يحذر علماء النفس من الآثار على المدى الطويل لتغيرات المناخ على الصحة النفسية، متمثلة في القلق البيئي والاكتئاب المناخي.
و من التأثيرات أيضا ما تسفر عنه تغيرات المناخ من التأثير على جودة وكميات المحاصيل الزراعية وبالتالي التأثير على الأمن الغذائي، إلى جانب التسمم الغذائي الناتج عن زيادة درجات الحرارة وتسارع نمو الكائنات الدقيقة المسببة لعدد من الأمراض المعدية والتسممات الغذائية
و لضمان قدرة الفئات الضعيفة على الصمود يوصي تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2021 بزيادة الاستثمارات لمواجهة الأعداد المتزايدة من الفئات الضعيفة في القارة الإفريقية والتي تواصل ارتفاعها من جرّاءِ تغير المناخ والكوارث الناجمة عنه والحد من الأثر البيئي الناجم عن مستوطنات اللاجئين، وتنفيذ خُطَّة لحماية المشردين، مع ضمان إجراءات التكيف ومشاركة الأشخاص المتضررين من النازحين وخاصة النساء، أمرا أساسيا في هذا الصدد.
تعهدات لم تنفذ
تكمن المشكلة في تحقيق قدرة الدول النامية على الصمود ونذكر هنا دول العالم التي قدمت كثير من التعهدات بخفض الانبعاثات الكربونية، لكنها لم تلتزم بأكثر من 60% منها، كما تعهدت الدول المتقدمة في 2009 بقمة كوبنهاجن بتقديم تمويل مناخي قيمته 100 مليار دولار سنويا للدول النامية، من أجل التخفيف والتكيف مع الأزمة وذلك بحلول 2020، وهو ما لم تلتزم به أيضا، وكان إجمالي ما قدمته الدول المتقدمة من تمويل مناخي حتى عام 2029 هو 79،6 مليار دولار، بزيادة 2% فقط عن العام الذي يسبقه.
و إلزام الدول المتقدمة بتمويل أل100 مليار دولار سنويا هو جزءا من تحقيق العدالة المناخية، وتحمل مسئوليتها فيما يصدر عنها من انبعاثات كربونية، حيث تسهم 10 دول متقدمة فقط في تصدير أكثر من ثلثي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 68%، متمثلة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، في حين تساهم قارة إفريقيا بنسبة 3% فقط من الانبعاثات.
تخفيف أم تكيف
قد يكون التركيز الأكثر حاليا في قضية التمويل المناخي على إجراءات التخفيف والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكن هذا لا يعني إغفال مسار التكيف الذي يمكن الأفراد والمجتمعات من مواجهة تأثير التغيرات المناخية والكوارث المناخية ويمكنهم من البقاء على قيد الحياة وخاصة الفئات المهمشة بالدول النامية.
الدراسات والتقارير تشير إلى توجيه النسبة الأكبر من التمويل نحو إجراءات التخفيف لإبقاء درجة حرارة الأرض دون 1،5 درجة بحلول 2030، حين أن تمويل التكيف لا يزيد عن 20% من تمويل المناخ، بالرغْم أن تكاليف التكيف المقدرة للدول النامية تصل ما بين خمسة إلى عشرة أضعاف التدفقات الحالية لتمويل التكيف.كما يشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن تكاليف التكيف المقدرة للدول النامية تتراوح ما بين 140 و300 مليار دولار عام 2030.
و هنا يبقى السؤال هل تفعل قمة شرم الشيخ (27) ما لم تفعله سابقاتها أل(26) في تحقيق آمال الدول النامية والفئات المهمشة في توفير التمويل اللازم للتكيف ومنحها القدرة للبقاء على قيد الحياة؟
كلمه حلم
تعلم قدر الامكان