خلال الأيام القليلة الماضية أثار البعض على وسائل التواصل الاجتماعي فكرة التبرع بالأعضاء بعد الموت، وقد قام بعض المشاهير بدعم هذا الاتجاه، وقامت وزارة الصحة المصرية بتوثيق ذلك وإصدار نموذجا وكارت تعريف للمتبرع بأعضائه بعد وفاته، وبعد أن قام نحو 50 عضو من لجنة الصحة بمجلس النواب المصري بالتوقيع على وثيقة التبرع بأعضائهم بعد الموت، تسائل الكثير عن حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت، حيث إنه يوجد رأيان في هذا الحكم منهم من أجازه ومنهم من حرمه.
هناك اتجاهان من أقوال العلماء في حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، منهم من حرم ذلك وحجته في ذلك أن الإنسان لا يملك حق التصرف في جسده لأنه مؤتمن عليه، لقوله تعالى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ومن القائلين بهذا الرأي فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، حيث قال إنه لا يجوز نقل التبرع أو نقل الأعضاء، متابعا في أحد لقاءاته: لو الأعضاء ملك الإنسان لما عاقب الله المنتحر”، مؤكدا أنه لا يجوز التصرف بالتبرع أو الهبة أو البيع في شيء لا يملكه الإنسان.
وأضاف الشعراوي: أن الله تعالى بجعله لك السمع والبصر بعد الخلق لا تعتقد أنه جعلها لك، لكنها ستظل أعضاءه ملكه، يبقيها على حالها، يحفظها، يصيبها بآفة، أو يعطلها فالأشياء النافعة لابن آدم يخلقها الله ويجعلها ثم يملكها لك، كن ذات الإنسان، وأبعاد الإنسان خلقت لله وجعلت لله، وتظل مملوكة لله، وما دام الأمر كذلك خلقًا وجعلاً وملكًا يجب أن يتنبه الذين يدعون العاطفة الإنسانية لخلق الله، فيخلعون عينًا أو كلية أو طرفًا ويضعونها في الإنسان لأن التبرع بالشيء فرض الملكية له، وبيع الشيء فرض الملكية له، وما دمت لا تملك ذاتك أو أبعادك، فلا يصح أن تتبرع بها.
وأما الفريق الثاني من العلماء وهم من يقولون بجواز التبرع بالأعضاء أو نقلها سواء في حالة الموت أو الحياة، وحجتهم في ذلك قوله تعالى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}، ومنهم فضيلة شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي، ودار الإفتاء المصرية.
ما عليه الفتوى أنَّ التبرعَ بعضو أو بجزء من إنسان حي لإنسان آخر مثله جائز بشرط أن يُصَرِّح بذلك طبيب ثقة يُقَرِّر أن هذا لا يترتب عليه ضرر بالشخص المُتَبَرِّع، ويترتب عليه حياة الشخص المُتَبَرَّع له أو إنقاذه من مرض صعب، ويجوز كذلك نقل عضو من أعضاء الميت إلى جسم إنسان حي إذا كان هذا النقل يؤدي إلى منفعة الإنسان المنقول إليه هذا العضو منفعة ضرورية لا يوجد بديل لها، وأن يحكم بذلك الطبيبُ المتخصصُ الثقة، كما ورد عن دار الإفتاء المصرية.