من السجن إلى الرئاسة: فوز باسيرو ديوماي فاي بالانتخابات الرئاسية السنغالية

أقيمت الانتخابات الرئاسية في السنغال يوم الأحد الماضي بعد محاولات تأجيل من قبل الرئيس ماكي سال، وعلى الرغم من معارضته، فقد صدق عليها البرلمان وقضت المحكمة الدستورية بتنظيمها في أسرع وقت ممكن.
لكن النتيجة المدهشة للانتخابات كانت فوز باسيرو ديوماي فاي مرشح المعارضة، في الجولة الأولى.

 

رئيس السنغال الجديد


وقد خرج فاي من السجن قبل عشرة أيام فقط من موعد الانتخابات، وبدأ الحملة الانتخابية بعد أسبوع فقط من خروجه من السجن.
وقد قدم الرئيس السنغالي السابق ماكي سال، التهاني لباسيرو ديوماي فاي على فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وقد أقر منافسه الرئيسي ومرشح التحالف الحاكم أمادو با بالهزيمة واتصل بفاي لتهنئته بالفوز.
وقد أعرب رواد منصات التواصل الاجتماعي في السنغال عن تساؤلاتهم حول هوية السيدة الأولى في البلاد بعد فوز المرشح الرئاسي السابق بسير وفاي، الذي متزوج من امرأتين.

 

زوجات الرئيس السنغالي الجديد ماري خون فاي و أبسا فاي


ويُعتبر وفاي أول رئيس سنغالي يدخل القصر بصحبة زوجتين، وعلى الرغم من انتشار ظاهرة التعدد الزوجي في السنغال، إلا أن الأمر لا يزال يثير تساؤلات وتعليقات على منصات التواصل الاجتماعي.
وقد تداول المستخدمون تغريدات ومنشورات تُعبِّر عن الاستغراب والتهكم فيما يتعلق بالموضوع، في حين يرى آخرون أنها إضافة أخرى إلى نجاح وفاي في الانتخابات الرئاسية.

 


وقد صرحت الناشطة الاجتماعية السنغالية ناتالي يامب، على أن مفهوم السيدة الأولى غير موجود في الدستور السنغالي أو أي قانون آخر في البلاد، فالزوجات هن مواطنات عاديات بحقوق وواجبات متساوية، وبناءً على القانون فلا يوجد تمييز بينهن.
وبالتالي، يُعتبر تسمية “السيدة الأولى” تسمية خاطئة ومنتشرة للغاية، ليس فقط في إفريقيا ولكن في جميع أنحاء العالم تقريبًا.

 

باسيرو ديوماي فاي أثناء حملته الإنتخابية


ويُعتبر الرئيس الجديد أصغر المرشحين بين المرشحين الـ19 الذين تنافسوا في الانتخابات، حيث لا يتجاوز عمره 44 سنة، وقد قضى فاي 11 شهرا في سجن “كاب مانوال” في العاصمة داكار بتهمة ازدراء المحكمة وإهانة القضاء، وقد حظر حزبه “باستيف” بعد شهرين فقط من دخوله السجن.

 

باسيرو ديوماي فاي


وقد تم إطلاق سراح فاي بعفو عام أصدره الرئيس سال في محاولة لتهدئة المشهد السياسي قبل نهاية ولايته، وقد خرج فاي من السجن برفقة زعيم حزبه عثمان سونكو وقادة آخرين.
وينحدر فاي من منطقة أمبور في غرب السنغال وينتمي إلى قرية ندياجانياو الزراعية، وقضى جزءًا من طفولته ومراهقته في تلك القرية قبل أن يحصل على الثانوية العامة في عام 2000، ودرس في جامعة الشيخ آنتا جوب، وحصل على شهادة الماجستير في القانون في عام 2004.
وبعد ذلك التحق بالمدرسة الوطنية للإدارة وتخرج منها بعد ثلاث سنوات ليعمل كموظف في إدارة الضرائب والعقارات، وهناك تعرف على صديقه عثمان سونكو، وفي عام 2014 فقد شارك في تأسيس حزب باستيف.

 

صورة 1
عثمان سونكو


وقد تولى عثمان سونكو، زعيم حزب “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” المعروف باسم “باستيف” قيادة الحزب، وقد شارك سونكو في انتخابات عام 2019 كمنافس للرئيس، واحتل المركز الثالث في تلك الانتخابات.
وفي عام 2021 فقد وجهت لسونكو اتهامات بالاغتصاب، ولكنه نفى هذه الاتهامات واعتبرها محض تشويه لسمعته.
وقد شهدت السنغال آنذاك احتجاجات واسعة النطاق، وتجددت هذه الاحتجاجات بسبب محاولات الرئيس ماكي سال تأجيل الانتخابات.
وبعد قرار المجلس الدستوري بإبعاد سونكو عن قائمة المرشحين بسبب وجود حكم قضائي ضده، فقد تم اختيار ديوماي فاي كمرشح عن الحزب، وعلى الرغم من عدم خبرة فاي السابقة في المجال السياسي، فقد تولى منصب رئيس في واحدة من أبرز الديمقراطيات في أفريقيا.

 

قوات الدرك السنغالية


وقاد سونكو معركته ضد الحكومة بحنكة سياسية، وساهم بشكل كبير في فوز فاي بالمنصب السياسي الأعلى في السنغال، وحضر سونكو جميع الأحداث السياسية ودعم مناصريه لصالح فاي، مستفيدًا من أخطاء الرئيس الحالي والصعوبات الاقتصادية لقيادة حملة انتخابية ناجحة.
وبالنسبة لمستقبل الحكم في السنغال، يُعتقد أن سونكو سوف يتولى منصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة، نظرًا لشخصيته القيادية وشعبيته.
ويُتوقع أن يكون لسونكو تأثير كبير في صنع القرارات وإدارة شؤون البلاد في المستقبل، على غرار تجربة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وديمتري ميدفيدف في السابق.

 

وتتمثل خطة الرئيس الجديد للسنغال في تقليص صلاحيات الرئيس وتعزيز المساءلة الحكومية، ويهدف الرئيس الجديد أيضًا إلى إنشاء منصب نائب الرئيس وفرض حظر على تراكم الولايات السياسية ومكافحة الفساد، وتهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز الديمقراطية وتوفير توازن أكبر في السلطة.
وفي تصريحاته فقد أعرب زميل السياسي عثمان سونكو، الذي تم منعه من الترشح في الانتخابات الحالية، عن إيمانه بأنه يمكن للسنغال تحقيق السيادة الكاملة، وفي تجمع حملة فاي الأخير فقد أكد سونكو أن البلاد سوف تكون دولة ذات سيادة تتعاون مع الآخرين في شراكات مربحة للجانبين.
وقد تعهد الرئيس الجديد بـ”استعادة السيادة” وقد استخدم هذا المصطلح مرات عديدة في حملته الانتخابية.
وتشمل هذه الوعود إعادة التفاوض على عقود التعدين والموارد الهيدروكربونية المقرر تنفيذها هذا العام، كما يسعى الرئيس الجديد لإعادة تقييم اتفاقيات الصيد مع الدول الأخرى، نظرًا لانخفاض موارد الأسماك التي تدعم العديد من الأسر السنغالية.
بالإضافة إلى ذلك يشدد الرئيس فاي على ضرورة تطوير قطاع الموارد الأولية لضمان الأمن الغذائي والتحرك نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وقد وعد أيضًا بإصلاح النظام النقدي، وقد يتم النظر في إدخال عملة جديدة بدلاً من الفرنك الاتحادي المالي الإفريقي.
يهدف الرئيس الجديد أيضًا إلى استعادة التوازن في الشراكات الدولية وإعادة تعيين العلاقة مع فرنسا، التي تعد الشريك التجاري الرئيسي للسنغال، وقد أشار سونكو سابقًا إلى “عصر إعادة التوازن” في علاقات السنغال مع العالم.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.