منظمة الصحة العالمية تنجح في توصيل إمدادات طبية إلى مستشفيات شمال وجنوب غزة في مهمة محفوفة بالمخاطر (تقرير)
في بيان صادر عن منظمة الصحة العالمية مساء اليوم الأربعاء السابع والعشرون من شهر ديسمبر 2023، أكدت المنظمة على أن الفرق الطبية التابعة لها قد أتمت تنفيذ مهمات عالية المخاطر لضمان وصول الإمدادات إلى المستشفيات في شمال وجنوب قطاع غزة الذي يشهد تصاعدًا للعنف بجانب الهجمات الدموية من قوات الاحتلال، وجاءت أهمية تلك الخطوة في ظل ارتفاع أعداد المرضى والمدنيين بالمستشفيات، الناجم عن نزوح السكان بحثًا عن ملجأ بسبب التوترات العنيفة.
تحول المستشفيات إلى مأوى للنازحين
أوضح البيان أن منظمة الصحة العالمية قد أدت مهمتها بتقديم الإمدادات وتقييم احتياجات مستشفى “الشفاء” في الشمال و”جمعية الأمل” التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في الجنوب، وذلك عقب الزيارة التي قامت بها الفرق الطبية أمس الثلاثاء 26 ديسمبر 2023، ولعبت كلا المستشفتين دور الملاجئ للنازحين الذين يبحثون عن مأوى؛ حيث ضمت مستشفى الشفاء 50 ألف شخص، بينما تأوي مستشفى الأمل 14000 فرد، وقد قامت المنظمة بتوفير الوقود لضمان استمرار الخدمات الصحية الأساسية في مستشفى “الشفاء”، بالإضافة إلى توصيل إمدادات طبية ودعم المطبخ وذلك بالتعاون مع اليونيسف، أيضًا تم تسليم الإمدادات الطبية اللازمة إلى مخزن الأدوية المركزي بقطاع غزة، ليكون بمثابة مركز للإمدادات إلى كافة المستشفيات الأخرى، على أن يتم دعمه من منظمة الصحة العالمية وشركائها.
WHO teams deliver supplies to hospitals in Northern and Southern Gaza – New mass displacement of Palestinians fleeing fighting, health facilities crammed with people seeking refuge, food
WHO teams have undertaken high-risk missions to deliver supplies, with partners, to… pic.twitter.com/aHwZMpFu5D
— World Health Organization (WHO) (@WHO) December 27, 2023
تأثير هجمات قوات الاحتلال على مستشفى الأمل
كما أثبتت الزيارة التي قام بها فرق منظمة الصحة العالمية إلى مستشفى الأمل، وجود تأثيرات سلبية جراء الهجمات الأخيرة من قوات الاحتلال، فقد تعطل برج الراديو مما أثر على نظام إرسال عربات الإسعاف لمنطقة خان يونس بالكامل، وأدى ذلك إلى تقليل عدد سيارات الإسعاف حيث تبقى 5 سيارات فقط عاملة من أصل 9 عربات، الأمر الذي أثر على حياة 1.5 مليون مواطن.
كما أفاد موظفو الصحة العالمية أن النزوح الجماعي تسبب في زيادة الضغط على المرافق الصحية، وإعاقة تقديم المساعدات الإنسانية وزيادة خطر انتشار الأمراض المعدية.
“من المستحيل السير داخل المستشفى دون المرور فوق المرضى والباحثين عن ملجأ، لا يوجد سوى عدد قليل من المراحيض العاملة في المستشفى والمباني المجتمعية المجاورة ومراكز تدريب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني للأشخاص الذين لجأوا هناك والموظفين والمرضى في المستشفى”.
تحديات جديدة للنظام الصحي في جنوب غزة
أيضًا أوضح التقرير أن موظفي منظمة الصحة العالمية أثناء عبورهم عبر غزة، قد شاهدوا عشرات الآلاف من المواطنين يفرون من الضربات العنيفة في خان يونس والمنطقة الوسطى، بالإضافة إلى بناء ملاجئ مؤقتة على طول الطريق، وفي هذا السياق أعرب “ريك بيبركورن” -ممثل المنظمة بالضفة الغربية وقطاع غزة- عن قلقه إزاء هذا التهجير القسري للسكان بشكل جماعي؛ حيث سيزيد ذلك من صعوبة توفير المساعدات الإنسانية، ويؤدي لمزيد من الضغط على المرافق الصحية بمنطقة الجنوب التي تعاني بالفعل.
من جانبه أكد “تيدروس أدهانوم غيبريسوس” المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، على استمراره في مناشدة المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من الأوضاع الصعبة التي يواجهها سكان غزة، وتهدد القدرة على تقديم الرعاية للمصابين بجروح خطيرة، والذين يُعانون من الجوع الحاد، والمعرضين للخطر الكبير للإصابة بالأمراض.
الوضع الصحي في غزة
هذا ويوضح تقييم منظمة الصحة العالمية للوضع الصحي في غزة، وجود 13 مستشفى تعمل جزئيًا ومستشفتان تعملان بحد أدنى، بينما هناك 21 مستشفى غير قادرة على العمل تمامًا، ومن بين المؤسسات التي تعمل جزئيًا، تُشكل مستشفى ناصر الطبي في جنوب غزة حالة خاصة، حيث تواجه تحديات جديدة مع إصدار أوامر إخلاء للمناطق المحيطة بها، مما يزيد من التوتر في ظل الأوضاع الراهنة.
في إطار ذلك أوضح “بيبركورن” أن تكثيف النشاط العسكري لقوات الاحتلال بالقرب من المستشفى يعوق وصول سيارات الإسعاف للمجمع، وبالتالي ستواجه المستشفى الرئيسي خطر التوقف عن العمل كليًا، وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية قائلًا:
“”لقد شهدنا هذا السيناريو في كثير من الأحيان في الشمال، ولا تستطيع غزة أن تتحمل خسارة المزيد من المستشفيات، وتعمل منظمة الصحة العالمية على تعزيز وتوسيع النظام الصحي الحالي المتعثر”.
الحاجة إلى الغذاء
من ناحية أخرى أفاد موظفو منظمة الصحة العالمية بأن الحاجة إلى الغذاء لا تزال حادة في جميع أنحاء قطاع غزة، فالجوع كان يعبث بأجسادهم ويتسلل إلى أرواحهم، وعمل على تعطيل قوافل المساعدات التي كانت تسعى جاهدة لإيصال الإمدادات الطبية إلى من يحتاجون إليها، وفي السياق ذاته يقول “تيدروس”:
“إن سلامة موظفينا واستمرارية العمليات تعتمد على وصول المزيد من الأغذية إلى جميع أنحاء غزة على الفور، ويتأثر زملائي أيضًا بشكل مباشر وشخصي بالصراع تمامًا مثل الجميع تقريبًا في غزة، وما زلت أتلقى أخبارًا مفجعة عن فقدان أفراد عائلات موظفينا في غزة”.
كما أوضح “تيدروس” أنه بالرغم من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأخير بشأن تحسين توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة، إلا أن روايات شهود عيان من منظمة الصحة العالمية على أرض الواقع، توضح أن القرار لم يؤثر بشكل كافِ في التخفيف من المأساة.
“إن ما نحتاجه بشكل عاجل الآن هو وقف إطلاق النار لتجنيب المدنيين المزيد من العنف والبدء في الطريق الطويل نحو إعادة الإعمار وتحقيق السلام”.