“كوكب سليم…أناس أصحاء”.. إطلاق النسخة العربية من التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية
كشف التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية عن أن السياسات التقليدية التي تحاول معالجة المشكلات البيئية بعد وقوعها لا يمكن أن تواكب معدل التدهور البيئي الذي نشهده اليوم، فضلا عن أن الأنشطة البشرية غير المستدامة على الصعيد العالمي تسببت في تدهور النظم الأيكولوجية لكوكب الأرض مما يعرضها للخطر.
و كانت الأمم المتحدة والجامعة العربية ومركز البيئة والتنمية “سيداري” قد أطلقوا النسخة العربية من التقرير السادس لتوقعات البيئة العالمية، التقرير الذي يصدر كل 4 سنوات ليتناول النتائج التي تم التوصل اليها والأزمات البيئة الكارثية التي يواجهها العالم، وأهمها تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث.
و تمثل تقارير توقعات البيئة العالمية سلسلة من الدراسات التي تسترشد بها الحكومات وغيرها من الجهات صاحبة المصلحة في صنع القرارات البيئية.
و تهدف الطبعة السادسة لتقرير توقعات البيئة العالمية تحت عنوان” كوكب سليم، أناس أصحاء” إلى توفير مصدر سليم قائم على الأدلة للمعلومات البيئية من أجل مساعدة مقرري السياسات والمجتمع كله على تحقيق البعد البيئي من خطة العام 2030 للتنمية المستدامة والأهداف البيئية المتفق عليها دوليا وتنفيذ الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف، لتحديد الخيارات المتاحة مستقبلا وتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2050.
تدهور الحالة العالمية
و يشير التقرير إلى أنه رغم الجهود المبذولة على صعيد السياسات البيئية في جميع البلدان والمناطق إلا أن الحالة العامة للبيئة العالمية مستمرة في التدهور منذ صدور الطبعة الأولى لتقرير توقعات البيئة العالمية، وذلك في ظل العوامل المتعددة التي تعرقل هذه الجهود لا سيما أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة في معظم البلدان، وتغير المناخ.
فعلى سبيل المثال لا تزال الانبعاثات الناجمة على النشاط البشري تغير تكوين الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تلوث الهواء وتغير المناخ واستنفاد الأوزون، ويشكل تلوث الهواء العامل الرئيسي المساهم في عبء المرض العالمي وحيث يتسبب في عدد يتراوح بين 6 و7 ملايين من الوفيات المبكرة وفي تكبد خسائر في مجال الرعاية الاجتماعية تقدر بمبلغ 5 تريليون دولار سنويا.
وفيما يتعلق بالتنوع البيولوجي الذي يساعد في تنظيم المناخ وترشيد الهواء والماء ويخفف من آثار الكوارث الطبيعية، فهناك تزايد في معدلات انقراض الأنواع، وفي الوقت الحاضر فتعتبر نسبة 42% من اللافقاريات البرية و24% من لافقاريات المياه العذبة و25% من فقاريات البحار معرضة للانقراض، ويشير التقرير أيضا إلى أنه في الفترة من 1970إلى 2014 انخفض تعداد جماعات أنواع الفقاريات على الصعيد العالمي بنسبة 60%في المتوسط.
ارتفاع درجات الحرارة
و بالنسبة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري البشرية المنشأ والآثار المناخية المترتبة عليها، فهي في تزايد مستمر، رغم تنفيذ أنشطة التخفيف في أجزاء كثيرة من العالم، فمنذ عام 1880، ارتفع متوسط درجة حرارة السطح العالمية بمقدار يتراوح بين 0،8 و1،2 درجة مئوية، فقد شهد العقد الماضي ثمانية من السنوات العشر الأعلى حرارة في التاريخ، وإذا ظلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على حالها، ستستمر متوسطات الحرارة العالمية في التزايد بالمعدل الحالي، متجاوزة الحد المستهدف المتفق علي في إطار اتفاق باريس في الفترة من 2020و 2052، حيث يلزم اتفاق باريس البلدان بإبقاء ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية وبمواصلة الجهود الرامية إلى حصر ارتفاع درجة الحرارة في حدود لا تتجاوز1،5 درجة مئوية فوق مستويات ما فوق الحقبة الصناعية، ولقيام بذلك من شأنه أن يقلص من مخاطر تغير المناخ وأثره، في حين أن المساهمات الحالية المحددة وطنيا والتي قدمت في باريس عام 2015 لا تشكل سوى ثلث جهود التخفيف اللازمة لإنشاء المسار الأقل تكلفة واللازم للبقاء دون درجتين مئويتين، وللحفاظ على فرصة جيدة لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة في حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين، يلزم أن تنخفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 40 و70 % على الصعيد العالمي في الفترة بين عامي 2010و 2015، وأن تنخفض إلى صفر كقيمة صافية بحلول عام 2070.
إجراءات عاجلة
و يشير التقرير إلى الإجراءات العاجلة التي من شأنها أن توقف هذه الحالة من التدهور البيئي العالمي، للحفاظ على الصحة البشرية وصحة البيئة وسلامة النظم الإيكولوجية العالمية، متمثلة في الحد من تدهور الأراضي وتلوث الهواء والماء وفقدان التنوع البيولوجي، وتحسين إدارة المياه والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، إلى جانب كفاءة استخدام الموارد وتحسين إدارتها وتخفيض الانبعاثات الكربونية.
هذا إلى جانب تعميم الاعتبارات البيئية في القرارات الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والاتفاقات البيئية متعددة الأطراف والأهداف البيئية المتفق عليها دوليا.