يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم زيارة إلى مصر، بعد قطيعة بين البلدين دامت 11 عامًا، وتعد هذه الزيارة إنقلابًا مهمًا في معادلة التوازنات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
في عام 1994 تمكن Recep Tayyip Erdoğan من الفوز في إنتخابات عمودية إسطنبول، مرشحًا عن حزب الرفاهـ الإسلامي، وفي 1998 تم إعتقاله بتهمة التحريض على الكراهية الدينية، وذلك لتبنيه أفكار أستاذه نجم الدين أربكان، الذي نحّاه الجيش التركي عن الحكم في 1980
وبعد خروج إردوغان من السجن، إنضم مع آخرين لتأسيس حزب العدالة والتنمية “العلماني” الذي تمكن من خلاله من الفوز بمنصب رئيس الوزراء في سنة 2003 ليكون رئيس الحكومة ال25 في تاريخ تركيا.
وفي سنة 2014 أجرى إردوغان تعديلًا دستوريًا، أُلغي بمقتضاه منصب رئيس الوزراء، وتولى هو منصب الرئاسة ليكون الرئيس ال12 للجمهورية التركية.
كانت آخر زيارة لإردوغان لمصر في 2012 كرئيس للحكومة التركية، وكانت زيارته تلك لدعم الإخوان المسلمين، الذين كانوا قد تولوا لتوّهِم الحكم في مصر، ثم كان لإردوغان موقف رافض لإزاحة الإخوان المسلمين عن الحكم في سنة 2013 وأعلن عداءه للنظام المصري الجديد، وتصاعد هذا العداء على مدار حوالي 9 سنوات.
إقتضت المصالح السياسية أن يتنازل إردوغان عن عداءه للنظام المصري، وبدأ التقارب بين النظامين، في سلسلة من اللقاءات الرسمية بين وزراء ومسئولين من كلا البلدين، ثم تطورت للمصافحة الشهيرة بينه وبين الرئيس السيسي في إفتتاح مونديال قطر 2022 أعقبها لقاء بين الرئيسين على هامش قمة ال20 في العاصمة الهندية نيودلهي سنة 2023
وقد تقدمت عملية التطبيع بين البلدين، بإتخاذ تركيا لخطوات إيجابية، كإعادة فتح القنصلية التركية في بنغازي الليبية، حيث كانت ليبيا مسرحًا للصراع بين الدولتين، حين كان إدروغان يساند الحكومة الإسلامية في طرابلس الغرب، وكانت مصر تساند حكم حفتر في شرق ليبيا، وعاصمته بنغازي، وكانت الأمور قد شارفت على نشوب صراع مباشر بين مصر وتركيا على أرض ليبيا سنة 2020
كما كان ملف حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، محل خلاف كبير بين البلدين، لم يكن بأقل سخونة من خلافات الملف الليبي، بل إن الملفين إرتبطا إرتباطًا وثيقًا في مرحلة من المراحل.
وتأتي زيارة الرئيس التركي لمصر اليوم،تتويجًا لجهود متواصلة، في تطبيع وتحسين العلاقات بين البلدين، في ظل متغيرات إقليمية بالغة الحساسية، على رأسها حرب غزة، المرشحة للإمتداد زمانيًا ومكانيًا، وتقع مصر في القلب من هذه الأزمة.
وقد كان في الإعلان عن صفقة تزويد مصر بمسيرات قتالية تركية، وقّعها وزيري الإنتاج الحربي في كلا البلدين، إشارة بالغة الدلالة على المنحَى الذي من المتوقع أن تسير فيه علاقات البلدين مستقبلًا، وخصوصًا فيما يتعلق بأزمة حرب غزة.
وتعد المسيرة التركية بيرقدار TB2 التركية، أفضل المسيرات القتالية في العالم، وذلك لتعدد مجالات إستخدامها، وقدرتها على الطيران بحمولة حتى 650 كيلوجرام، ومسافة تصل إلى 150 كيلومترًا، بسرعة قصوى 70 عقدة (130كلم/ساعة) وقدرة على الطيران بدون توقف، لمدى يصل إلى 24 ساعة متواصلة.
ومن المتوقع أن يوقع الرئيسان خلال الزيارة إتفاقيات تتعلق بمجال السياحة، و الطاقة، و الترخيص الحصري البحري للغاز، كما يُتوقع الإعلان عن موقف مشترك بين البلدين، لحل سلمي للأزمة في غزة.