بعد حادث مدرسة النصيرات بوسط غزة.. مسؤول بالأونروا: لقد جعلنا من الرعب أمرًا طبيعيًا

فُتحت أبواب الجحيم على غزة الحبيبة، تلك المدينة التي لم تذق طعم السلام منذ زمن بعيد، شهدت رفوفها الفارغة تدافع الآلاف من النازحين المذعورين وهم يحملون على ظهورهم كل ما تبقى لهم من أمل وذكريات، تركوا ديارهم وأحلامهم وراءهم فرارًا من وابل القصف والدمار الذي حل بهم دون سابق إنذار منذ السابع من أكتوبر 2023، ورغم ذلك لم يسلموا من قصف واستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لأماكن الإيواء وكانت آخرها مدرسة تابعة لمنظمة الأونروا بمنطقة النصيرات وسط غزة.

حادث مدرسة النصيرات: الكارثة المتوقعة

في أعقاب مجزرة مدرسة النصيرات التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء الأربعاء الموافق 5 يونيو 2024، وأسفر عن استشهاد ما يزيد عن 35 شخص بينهم 12 امرأة وطفل وإصابة آخرين، علق “فيليب لازاريني” المفوض العام للأونروا عبر صفحته الرسمية على منصة إكس موضحًا أن تلك المدرسة كانت تأوي 6000 نازح، وشدد على أن استهداف مباني الأمم المتحدة واستهدافها يعد تجاهل صارخ للقانون الدولي الإنساني.

أحد العاملين بالأونروا يتفقد آثار التدمير الذي أخلفته الهجمات الإسرائيلية على مدرسة بالنصيرات - مصدر الصورة: موقع The Guardian
أحد العاملين بالأونروا يتفقد آثار التدمير الذي أخلفته الهجمات الإسرائيلية على مدرسة بالنصيرات – مصدر الصورة: موقع The Guardian

على الجانب الآخر تحدث سام روز”، مدير التخطيط في وكالة الإغاثة الفلسطينية (الأونروا) إلى صحيفة الغارديان البريطانية بعد تلك الحادثة؛ حيث أوضح أنهم دائمًا ما يتوقعون أن المناطق التي يأوي إليها سكان غزة هربًا من الحرب وتصبح مكتظة بالمواطنين، تكون تلك هي المناطق المستهدفة مثلما حدث في النصيرات.

فقد صرح قائلًا: “عندما يعيش الجميع في ظروف مكتظة ومزدحمة، كنا نتوقع حتمية وقوع حوادث مثل التي حدثت في ساعة متأخرة من الليل في مدرسة النصيرات”

مشاهد مروعة وإحساس باللامبالاة

مواطن فلسطيني يسير في إحدى أماكن الإيواء التابعة لمنظمة الأونروا - مصدر الصورة: موقع The Guardian
مواطن فلسطيني يسير في إحدى أماكن الإيواء التابعة لمنظمة الأونروا – مصدر الصورة: موقع The Guardian

كما وصف ما يحدث في جنوب غزة من زيادة في حالات الإصابات الجماعية الناتجة عن العملية العسكرية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، جعل تلك الحوادث أمرًا طبيعيًا عند الغرب، بجانب أنه ساهم في وجود حالة بائسة وشعور باللامبالاة داخل غزة نفسها.

“لقد شاهدنا هذا مرارًا وتكرارًا لدرجة أنه أصبح أمرًا طبيعيًا، في النزاعات السابقة كان مثل هذه الحوادث الفردية تسبب الصدمة والاستياء وكان يتم تذكرها إلى الأبد، في حين أنه يبدو أن ما يحدث اليوم من حادثة مروعة سيتم استبدالها بأخرى في غضون أيام قليلة، لذلك أصبح كل هذا مألوفًا ومعتادًا، لقد جعلنا من الرعب أمرًا طبيعيًا”

هذا وأفاد “روز” أن تهجير مليون شخص في ثلاثة أسابيع، ومحاولة المدنيون الهرب من القتال له عواقب إنسانية كبيرة، ووصف الوضع في بعض مناطق غزة بأنه خارج عن السيطرة إلى حد بعيد، مضيفًا أن فرق المساعدة الإنسانية تحاول توصيل المساعدات في منطقة حرب، وأبدى اندهاشه بالعدد الهائل من الناس الذين لهم عكاكيز وكراسي متحركة وأطراف مفقودة وإصابات.

طفلة فلسطينية تتوسط امرأتين وينتظرون المساعدات الإنسانية - مصدر الصورة: موقع The Guardian
طفلة فلسطينية تتوسط امرأتين وينتظرون المساعدات الإنسانية – مصدر الصورة: موقع The Guardian

لقد كانت صور الأطفال البريئة والنساء تفطر القلب، وهم ينتظرون على جانب الطريق بصبر محنط في انتظار مد يد العون، ضاعت البسمات والضحكات في غيوم الخوف والحزن، وارتسمت على وجوههم علامات التعب والاستسلام لمصيرهم المجهول، وبينما كانت المساعدات الإنسانية تقطر قطرة تلو الأخرى عبر المعبر المحاصر، ظلت آلاف العائلات تعاني من الجوع والمرض والموت البطيء وسط هذا الجحيم.

يقول روز: “لقد انتقل الناس في غزة من حالة مستقرة نسبيًا إلى المرحلة الخامسة من ظروف المجاعة في فترة قصيرة من الزمن”

تكيف قسري

نازحون فلسطينيون يحضرون بعض الطعام ويحتمون بمدرسة تابعة للأونروا في دير البلح بعد فرارهم من الغارات الجوية الإسرائيلية - مصدر الصورة: موقع The Guardian
نازحون فلسطينيون يحضرون بعض الطعام ويحتمون بمدرسة تابعة للأونروا في دير البلح بعد فرارهم من الغارات الجوية الإسرائيلية – مصدر الصورة: موقع The Guardian

حيث أوضح “روز” إن كمية المساعدات الواصلة إلى غزة عبر المعبر الوحيد المفتوح “كرم أبو سالم” ما زالت غير كافية على الإطلاق، وأضاف أن توصيل المساعدات أصبح أكثر صعوبة بسبب القتال حيث إن الكثير من السكان في حالة تنقل من مكان لآخر، وأشار إلى إن إسرائيل جعلت أولوية استخدام المعبر للشاحنات التجارة مما أدى إلى تأخر وصول الكثير من المساعدات الإنسانية.

كما أشار إلى إن الضغط الدبلوماسي على إسرائيل لإدخال المساعدات إلى غزة بدا قد تلاشى، وأصبحت الأوضاع في غزة سيئة بشكل لا يصدق في وقت قصير جدًا، وتنبأ بأن يكون هناك تسوية نفسية في وقت ما لهؤلاء المواطنين نتيجة تلك الأحداث، مشيرًا إلى أن بعض العائلات في مرحلة تنقل اقتربت من 10 مرات منذ بدء النزاع بعد غزو حماس لإسرائيل في 7 أكتوبر.

“إن مطالبة الناس بالتكيف مرارًا وتكرارًا مع واقع الحياة في غزة هو شيء لا ينبغي أن يضطر أحد للتعايش معه”

على الجانب الآخر وفي وقتٍ لاحقٍ كانت واشنطن قد علقت على الحادث موضحة أنها تتوقع من قوات الاحتلال الإسرائيلي أن تعرض الشفافية الكاملة في نشر المعلومات حول تلك الحادثة، وأكد متحدث باسم البيت الأبيض أنهم يدعمون فكرة أن لإسرائيل الحق في استهداف حماس، ولكن على إسرائيل أيضًا اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة وبذل المزيد لحماية المدنيين.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.