بعد تعليق المساعدات في أجزاء بولاية الجزيرة.. “برنامج الأغذية العالمي” يحذر من تداعيات القتال على الأمن الغذائي في السودان
يواجه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تحديات جديدة في ولاية الجزيرة بسبب تصاعد القتال في جنوب وشرق الخرطوم، مما دفعه إلى تعليق مؤقت لتقديم المساعدات الغذائية في بعض الأجزاء بولاية الجزيرة، ويعتبر هذا التطور انتكاسة كبيرة للعمل الإنساني في مجال الغذاء في البلاد، حيث كان البرنامج يوفر المساعدات الغذائية لما يزيد عن 800 ألف شخص بانتظام، بما في ذلك اللاجئين من القتال في الخرطوم.
بيان برنامج الأغذية العالمي
يوضح البيان الصحفي الصادر من برنامج الأغذية العالمي اليوم الخميس 21 من ديسمبر 2023، هروب ما يقرب من 300 ألف مواطن من ولاية الجزيرة خلال أيام قليلة من اندلاع الاشتباكات يوم الجمعة الماضية، وتعوق المعاناة الحالية المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدات بأمان نظرًا لاستمرار القتال والتنقل المستمر للأشخاص الهاربين من منازلهم للحفاظ على سلامتهم.
🚨 تحديث من #السودان: اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى تعليق المساعدات الغذائية مؤقتاً في بعض أجزاء ولاية #الجزيرة بسبب تصاعد النزاع.
⚠️ تعد هذه انتكاسة كبيرة للجهود الإنسانية فيما يتعلق بالغذاء في البلاد، حيث كان البرنامج يساعد أكثر من 800،000 شخص.
🔗 https://t.co/H5grjsnEZd pic.twitter.com/OvkGz4O910
— برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (@WFP_Arabic) December 21، 2023
هروب السكان وتفاقم المأساة
وفقًا لمنسق برنامج الأغذية العالمي لحالات الطوارئ بولاية الجزيرة “كريم عبد المنعم”، فإن الأزمة أجبرتهم على الفرار من منازلهم في الخرطوم وترك الكثير من ممتلكاتهم خلفهم، ويُشير إلى أن مئات الآلاف من المواطنين يفرون سيرًا على الأقدام دون وجهة محددة بعد الأحداث المروعة التي حدثت في الخرطوم، ويعبر عن قلقه تجاههم إذ يعانون الآن أيضًا من ظروف مروعة في ود مدني دون أي مخرج بعد أن تم محاصراتهم.
في سياق مماثل، صرح “إيدي رو” ممثل برنامج الأغذية العالمي بالسودان، بأن المنطقة التي لجأ إليها المواطنين هربًا من الأحداث أصبحت حاليًا ساحة للقتال نتج عنها خسائر فادحة بين المدنيين، ويوضح أن برنامج الأغذية العالمي اضطر جراء هذا الوضع إلى تعليق توزيع الغذاء في بعض المناطق بولاية الجزيرة، رغم حاجة الناس للمساعدة بشدة.
تحديات إيصال المساعدات
من جانبه، يؤكد “إيدي رو” أن سلامة العاملين بالمجال الإنساني وسلامة الإمدادات والمباني يعد أمرًا بالغ الأهمية بغض النظر عن الظروف الصعبة، ويحث جميع الأطراف على احترام التزاماتها في إطار القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين.
“نحن ملتزمون بدعم الشعب السوداني في أشد أوقات حاجته، ولكن يجب ضمان سلامة موظفينا وشركائنا. تعمل فرقنا على مدار الساعة لتقديم المساعدات الغذائية في المواقع التي لا يزال من الممكن تقديمها فيها واستئناف المساعدات المخطط لها في مناطق أخرى عندما يكون ذلك آمنًا”.
تحذيرات من أزمة جوع
من ناحيه أخرى يُحذر “إيدي رو” من تداعيات الوضع الراهن الذي من شأنه أن يؤدي إلى حدوث أزمة ومجاعة كارثية في السودان لا سيما مع بداية موسم العجاف في شهر مايو 2024؛ حيث توضح تقييمات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) الأخيرة، تسجيل مستويات جوع قياسية في البلاد بالفعل، وهذا سيؤثر بدوره على الجهود المستمرة وخطط برنامج الأغذية العالمي المدعومة من البنك الأفريقي للتنمية لتعزيز إنتاج القمح في ولاية الجزيرة.
“ما نرغبه وما يجب أن يستمر في السودان هو الزراعة وليس القتال. بخلاف ذلك، قد نشهد أزمة جوع أكثر كارثية مع بدء موسم العجاف في مايو/أيار 2024”.
هذا ويؤكد البيان على أن حوالي 18 مليون مواطن في السودان يُعانون بالفعل من انعدام حاد للأمن الغذائي خلال موسم الحصاد الجاري بالرغم من أن الغذاء يكون متوفر بكميات كبيرة في هذا الوقت، كما توضح التقييمات الأولية أن إنتاج المحاصيل قد تضرر بسبب الصراع القائم، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والوقود.
الجدير بالذكر أن نصف إنتاج السودان من القمح يأتي من ولاية الجزيرة؛ حيث يتم حصاد ما يقدر بـ 350 ألف سنويًا طن من القمح، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات نحو ستة مليون مواطن، كما تحتضن الجزيرة أيضًا واحدًا من أكبر مشاريع الري بالجاذبية في العالم “مشروع الجزيرة الزراعي” الذي يشغل مساحة مليون هكتار، ويُعتبر هذا المشروع مصدر رزق للملايين من السكان المحليين وموردًا هامًا للدخل لذا تلعب ولاية الجزيرة دورًا حيويًا في تأمين الأمن الغذائي للسودان.
في إطار ذلك يؤكد برنامج الأغذية العالمي على أن استمرار الصراع بمنطقة إنتاج الحبوب في السودان، سيكون له تأثيرات وعواقب كارثية على الأمن الغذائي للبلاد والمنطقة بأكملها؛ حيث تعتبر ولاية الجزيرة منطقة زراعية حيوية في السودان بفضل موقعها المميز، وإذا تعرضت هذه المنطقة للاضطرابات الأمنية وتعطل إنتاجها، فسيكون هناك نقص حاد في الموارد الغذائية وارتفاع في الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير النزاع على المدنيين واللاجئين يعني أن العديد من الأشخاص سيفقدون وسائل العيش ويصبحون أكثر اعتمادًا على المساعدات الغذائية، وإذا لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي من تقديم هذه المساعدات بشكل منتظم وفعال، فسيزداد مستوى الجوع والفقر والتشرد.