منذ أكثر من مئتي يوم، يشهد جنوب لبنان تصاعدًا في المواجهات المسلحة، حيث تتدخل أجنحة مسلحة تابعة لأحزاب لبنانية وتلعب دورًا عسكريًا في الصراعات المستمرة، حيث يقوم حزب الله بتنظيم هذه الحرب المتصاعدة تحت شعار “وحدة الساحات”.
وتعتبر “قوات الفجر” التابعة لـ”الجماعة الإسلامية” من بين أبرز هذه الأجنحة، حيث تشارك في الأعمال العسكرية في جنوب لبنان إلى جانب فصائل فلسطينية، وعلى رأسها “كتائب القسام” التابعة لحركة حماس.
وقد قد تصدرت هذه القوات المشهد اللبناني في الآونة الأخيرة بعد أن قامت عناصرها بعرض عسكري في بلدة ببنين بعكار شمال البلاد.
ظهور مسلح رافق تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين قتلا في استهداف إسرائيلي
وقد تم ذلك بعد وصول جثماني عنصرين من الحركة اللذين قتلا في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما في البقاع الغربي قبل عدة أيام، وقد أثار هذا العرض العسكري موجة من الانتقادات في الشارع اللبناني.
وفي هذا السياق فقد أكد عدد من أهالي بلدة ببنين بأن معظم المسلحين الملثمين الذين ظهروا خلال التشييع في الفيديوهات المتداولة ليسوا من أبناء البلدة، ومع ذلك فقد أوضحوا أن الجماعة السياسية التي تنشط في ببنين ليست عسكرية، بل لها نشاطات اجتماعية وصحية، وأشاروا إلى أن أنصارها من أبناء ببنين ليسوا الأغلبية.
وقد أعرب الأهالي عن صدمتهم بمقتل اثنين من أبناء البلدة في غارة إسرائيلية جنوبًا، وهو ما يعكس حجم التوتر والتصعيد الذي يشهده جنوب لبنان حاليًا.
الظهور المسلّح في #عكار خلال تشييع الجماعة الإسلامية لعناصرها، يضرب مبدأ الدولة والشرعية والسيادة.
العراضات العسكرية لأي ميليشيا مرفوضة في أي منطقة بلبنان.
📌 لا أمان ولا أمن إلا بوحدة السلاح تحت ظل وقرار الدولة والمؤسسات الشرعية حصراً ! pic.twitter.com/pzNuEkQAMC— Mark B. Daou 🅱️➕ (@DaouMark) April 29, 2024
وقد أعتبر سكان البلدة بأن اللبنانيين يتحملون تبعات الصراع بين إيران والتي تستخدم لبنان كساحة لتسوية حساباتهم، وفقًا لتعبيرهم.
ويرى الأهالي بأن “حزب الله استغل الفراغ السياسي في المناطق السنية لاستخدام أبناءنا واستغلال مناطقنا لصالح إيران”.
ومع ذلك يصرحون بأن “الدولة التي تشمل الجيش والقوات الأمنية، هي السلطة الوحيدة المعترف بها في البلدة”، ويرفضون “أي تنظيمات مسلحة تعمل خارج نطاق سلطة الدولة والقانون”.
سؤالي إلى #الجيش_اللبناني والقوى الامنية…
هل هذا مقبول؟أدّى عناصر من قوات الفجر الجناح العسكري للجماعة الإســــ ــلامية عرضا عسكريا في عكار…
كيف نبني هكذا بلد بوجود ميليشيات مسلحة وملثمة؟
فلتان امني
حدود مشرّعة لا رقابة عليها
سلاح متفلت
إلى متى؟ #لبنان_لا_يريد_الحرب… pic.twitter.com/yxgrB6DSqr— Elie Estephan (@mastermind1971) April 28, 2024
ومن جانبه يوضح سامر زريق الكاتب المتخصص في الشؤون السياسية الإسلامية، بأن دخول قوات الفجر إلى المنطقة الجنوبية مرتبط بحركة حماس، وقد أضاف في تصريحاته أنه بعد الانتخابات الداخلية لحركة حماس في عام 2017، فقد حدث تحول كبير أدى إلى تولي يحيى السنوار وصالح العاروري (الذي اغتالته إسرائيل في بداية العام في ضاحية بيروت الجنوبية) القيادة، وجعل الحركة جزءًا من محور المقاومة وشعار “وحدة الساحات”، وكانت التوسع في مناطق القتال في لبنان لتشمل التنظيمات السنية من بين الأهداف التي تم العمل عليها، ومن هنا جاء اختيار “الجماعة الإسلامية”، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، من خلال تعزيز قدراتها العسكرية.
من استعراض قوات الفجر شمال لبنان
ويوضح أيضًا سامر زريق بأن “العاروري ساهم بشكل كبير في تعزيز القدرات العسكرية لقوات الفجر”، ويردف بأن المجموعة التي تقوم بالعمليات كانت مرتبطة مباشرة به.
ويشير زريق إلى أن “عددًا كبيرًا من مقاتلي الجماعة الإسلامية هم أعضاء في حماس أو في الهيئات الخيرية التابعة للحركة، ويتقاضون رواتب شهرية”.
ويؤكد أيضًا أن “العمليات التي نفذتها قوات الفجر في جنوب لبنان كانت من قبل عناصر فلسطينية تابعة لحماس”.
وقد تعرضت مناطق شمال البلاد لحادثة ظهور مسلح لأنصار الجماعة الإسلامية الملثمين، حيث قاموا بإطلاق النار عشوائياً مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين، وهذا الحادث أثار ردود فعل سياسية وشعبية تعارض استخدام العنف كوسيلة للتعبير عن الرأي.
بدل ان تنالوا الاحترام لقتال #اسرائیل !!
تنهال عليكم الشتائم #قوات_الفجر
وتثبتون كل يوم انكم رصاص طائش في بنادق حزب الله
اتركوا اللبنانيين بحالهم
فقد سئموا مظاهر التفلت والسلاح غير الشرعي والبلطجة،
فقد شبعوا الموت برصاص الجهل والعراضات الفارغة.
لن تعيدوا الشهيد بمزيد من… pic.twitter.com/s7iOy647Ol— بولا يعقوبيان (@PaulaYacoubian) April 28, 2024
وفي تصريح لرئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية، علي أبو ياسين، فقد أوضح أن ظهور المسلحين كان ضرورياً خلال المراسم الجنائزية لمنع أي استغلال سياسي للمناسبة، خاصةً أن قوات الأمن كانت غائبة، وأكد أن إطلاق النار في تلك الظروف يعتبر غير مقبول ومرفوض.
وأشار أيضاً إلى أن قوات الفجر ستواصل نشاطها ما دامت الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة، ونفى أن يكون قرار الجماعة الإسلامية في لبنان مرتبطاً بأي حزب معين.
وأكد أن التنسيق الميداني مع حزب الله لا يزال قائماً، معتبراً أن الدفاع عن لبنان ليس حقاً يخص حزباً معيناً فقط.
ويذكر أن ظهور قوات الفجر المسلحة قبل يومين قد أثارت العديد من الانتقادات من قبل سياسيين وإعلاميين وأفراد عاديين، حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهر عناصر قوات الفجر يستعرضون أسلحتهم ورشاشاتهم في شوارع بلدة ببنين العكارية.
وبعد طول غياب عن المواجهات في الجنوب فقد ظهرت قوات الفجر للمرة الأولى في 18 أكتوبر من العام الماضي (2023)، عندما قامت بإطلاق صواريخ نحو إسرائيل، ولمحت لاحقاً خمسة من مقاتليها الذين سقطوا في المواجهات في الجنوب اللبناني منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.