الدعم الأمريكي لإسرائيل سلاح ذو حدين فلماذا؟!.. وما أكثر ما تخشاه إسرائيل ؟!

تحظى إسرائيل بدعم أمريكي غير مسبوق، حيث تعتبر الولايات المتحدة حليفها الأبرز في المنطقة، وتزودها بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والمالية كل عام، حيث بلغت المساعدات الإجمالية المقدمة من الولايات المتحدة لإسرائيل في الفترة من 1948 إلى 2023 بين 158.6 مليار دولار و260 مليار دولار وفق مصادر مختلفة، ولولا هذا الدعم لما ظلت إسرائيل موجودة حتى يومنا هذا، ولكن ما الذي تخشاه إسرائيل من هذا الدعم؟! ولماذا يمثل سلاح ذو حدين بالنسبة لها هذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال.

يُعد الدعم الأمريكي لإسرائيل إحدى أهم ركائز السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وقد استمر هذا الدعم منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948 حتى هذه اللحظة، وخلال هذه الفترة قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات عسكرية واقتصادية وسياسية بقيمة تزيد عن 250 مليار دولار، حيث بلغت قيمة المساعدات المالية الأمريكية الممنوحة لإسرائيل 3.8 مليار دولار في عام 2020، كجزء من التزام سنوي طويل الأمد وقعه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2016، وتم تخصيص هذه المساعدات للأغراض العسكرية.

وبحسب بيانات “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” فإن حجم المساعدات أكبر بكثير مما جاء في التقديرات الرسمية، إذ وصل إجمالي المساعدات الأميركية الملتزم بها لإسرائيل في الفترة من 1946 و2023 نحو 260 مليار دولار، ولم يقتصر الدعم الأمريكي لإسرائيل في الجانب العسكري والسياسي على إرسال المساعدات المالية، وتسليح الجيش الإسرائيلي بالتكنولوجيا المتطورة فقط، وإنما تخط إلى استخدام حق الفيتو في المحافل الدولية أمام جميع القرارات التي قد تمس بإسرائيل أو بأمنها القومي.

وعلى الجانب الآخر فإنه من الإنصاف أن ننوه بأن الدعم الأمريكي ليس بلا مقابل فالمنافع الاقتصادية التي تجنيها أمريكا من إسرائيل ليست بالهينة حيث تستهلك إسرائيل نحو 20% من الصادرات الأميركية إلى منطقة الشرق الأوسط، وفي عام 2020 بلغت الصادرات إلى إسرائيل نحو 20 مليار دولار بحسب ما ورد في بيانات الحكومة الأمريكية، في حين بلغ إجمالي الصادرات إلى الشرق الأوسط نحو 103 مليارات دولار، هذا إلى جانب أن وجود إسرائيل في المنطقة يساعد الولايات المتحدة على استمرار فرض هيمنتها على المنطقة بأكملها، حيث قال الرئيس الأمريكي جو بايدن” لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان علينا اختراعها”.

وأيضًا نوهت خدمة البحوث في الكونغرس الأمريكي عن أهمية الدعم الأمريكي لإسرائيل قائلة إن “المساعدات الأمريكية كانت مكونا هاما في توطيد هذه الروابط.، ولطالما اعتبر الكثير من المسؤولين والمشرعين الأمريكيين أن إسرائيل شريك حيوي في المنطقة”.

الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل

في الواقع يعد القطاع العسكري في إسرائيل هو أكبر القطاعات المستفيدة من الدعم الأمريكي إذ بلغ حجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023، نحو 114.4 مليار دولار، إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي، بحسب التقديرات الأميركية الرسمية.

وفي عام 2023 خصص الكونغرس الأمريكي نحو 3.8 مليار دولار لإسرائيل مقارنة ب 4.8 مليار دولار في عام 2022 أنفقتها الولايات المتحدة في على المساعدات العسكرية والاقتصادية والدفاعية الصاروخية لإسرائيل.

وفيما يلي بعض الأمثلة على استخدام إسرائيل للدعم الأمريكي في القطاع العسكري:

  • اشترت إسرائيل 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-35، والتي تبلغ قيمة الواحدة منها نحو 100 مليون دولار يمكن استخدامها في هجمات صاروخية، وما زالت تنتظر تسليم 27 طائرة منها.
  • وفي عام 2022 اشترت 8 طائرات بوينغ من طراز كي سي-46 ايه “بيغاسوس”، بقيمة 2.4 مليار دولار، وهي طائرات قادرة على تزويد طائرات أخرى (مثل إف-35) بالوقود في الجو.
  • وفي 2023 تم استخدام 500 مليون دولار في تطوير النظم الدفاعية المضادة للصواريخ؛ مثل نظام القبة الحديدية ومقلاع داوود وغيره من نظم اعتراض الصواريخ.
حجم الدعم الأمريكي لإسرائيل من عام 1999
حجم الدعم الأمريكي لإسرائيل من عام 1999 إلى 2028- مصدر الصورة: ال bbc

تخشى إسرائيل من عدة أمور نتيجة الدعم الأمريكي، منها:

  • زيادة التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية الإسرائيلية: وظهر هذا جليًا في 9 أكتوبر 2023 عندما خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت بتصريح ذكر فيه أن إسرائيل سوف تفرض حصارًا كاملًا على قطاع غزة ولن يسمحوا بدخول ماء أو طعام أو كهرباء أو وقود، ولكن بسبب الضغط الأمريكي عليهم بدأت المساعدات الإنسانية في الدخول إلى القطاع في 21 أكتوبر.
  • الضغط الأمريكي للتخلي عن المستوطنات: تدعم الولايات المتحدة على استحياء حل الدولتين، وهو حل يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، وتخشى إسرائيل من أن يؤدي الضغط الدولي على أمريكا من زيادة ضغط أمريكا عليها وإجبارها على التخلي عن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يُعد من أهم شروط حل الدولتين، وهذا أمر ليس ببعيد ففي عام 2012 حث البيت الأبيض الحكومة الإسرائيلية على “إعادة النظر” في قرارها بشأن بناء مستوطنات جديدة بعدما لقيت الخطط الاستيطانية الجديدة التي أعلنتها إسرائيل معارضة عدد من العواصم الأوروبية.
  • التراجع الأمريكي عن دعم إسرائيل: تعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعم الأمريكي، وتخشى أن يؤدي التغير في السياسة الأمريكية إلى تراجع هذا الدعم، إذ بدأ يظهر مرشحون للرئاسة الأمريكية يظهرون بشكل علني مهاجمتهم لإسرائيل والدعم الأمريكي الأعمى لها.

  • المعارضة الأمريكية للسياسة الإسرائيلية: تواجه إسرائيل انتقادات من بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي بسبب سياستها تجاه الفلسطينيين، وكذلك تواجه الحكومة الأمريكية انتقادات بسبب الدعم اللامحدود لإسرائيل والتغاضي عن انتهاكاتهم بحق الفلسطينيين مما يضع أمريكا في موقف صعب أمام المجتمع الدولي، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الدولتين وقد يؤدي إلى تغير السياسة الأمريكية وتقييد الدعم الصادر لإسرائيل.

 

  • الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط: تخشى إسرائيل من الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تراجع الدعم الأمريكي لها، ويمكن أن يؤدي هذا الانسحاب إلى زيادة التهديدات التي تواجه إسرائيل في المنطقة.

ويجدر بالذكر أن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل أدى إلى زيادة الاستفزاز وعدم الاستقرار في المنطقة، حيث تشعر إسرائيل بقدرتها على القيام بأي تحرك دون خوف من ردة فعل دولية قوية بل إنها لا تعطي أي اعتبارات للقانون الدولي ولا المنظمات الدولية وما زالت تمارس أبشع الانتهاكات الإنسانية في حق الفلسطينيين بل تطور الأمر إلى ممارسة إبادة جماعية لسكان قطاع غزة والتهجير القصري لهم أمام مرأى ومسمع العالم.

ووفقاً لدراسة أجراها مركز دراسات الشرق الأوسط، فإن أكثر ما تخشاه إسرائيل من الدعم الأمريكي هو أن يؤدي إلى زيادة العزلة الدولية لها، حيث تشعر إسرائيل بأن الدعم الأمريكي هو ضمان لاستمرار وجودها، لكن في نفس الوقت تدرك أن هذا الدعم قد ينتهي في أي وقت إذا وجدت الولايات المتحدة أن إسرائيل غير مرغوب بها دولياً.

ولذلك، فإن إسرائيل تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدعم الأمريكي، وذلك من خلال تطوير قدراتها العسكرية والاقتصادية الذاتية.

ويبقى أن نرى ما هي مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، هل سترضخ أمريكا لصوت الشعب وتحد من دعمها اللامحدود لإسرائيل أم ستضرب به عرض الحائط وتكمل في طريقها الصهيوني؟!


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.