خلال فترة العصور الوسطى، لجأت الكنيسة الكاثوليكية لملاحقة العديد من المنتسبين لها بتهمة الهرطقة وممارسة السحر والتعامل مع الشيطان، واعتماداً على جهاز محاكم التفتيش الذي سجل حضوره بكثافة ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، انتزع المحققون، تحت وطأة التعذيب، اعترافات خطيرة حول ممارسات غريبة من المتهمين الذين صدرت بحقهم غالباً أحكام بالإعدام حرقاً.
ولم تقتصر عمليات ملاحقة الساحرات وأتباع الشيطان أثناء العصور الوسطى على البشر فقط، حيث امتدت لتشمل بعض الحيوانات، ولعل أبرزها كانت القطط والتي أدينت بموجب مرسوم بابوي.
وانطلاقاً من المرسوم البابوي Vox in Rama الذي أقره غريغوري التاسع، تحولت القطط إلى أكثر الحيوانات المكروهة في أوروبا، حيث باشر الأوروبيون بمهمة ملاحقة وقتل القطط السوداء. فضلاً عن ذلك، تتبعت محاكم التفتيش كل من يملك قطاً أسود متهمة إياه بالتعامل مع الشياطين. ولاحقاً، توسعت هذه المذبحة لتشمل جميع القطط، وفي فرنسا تحولت عمليات قتل القطط إلى هواية، وفي مناطق أوروبية أخرى أقيمت مهرجانات لإبادة القطط ولعل أهمها مهرجان Kattenstoet ببلجيكا.
وخلال الفترة المعاصرة، تثير قصة إبادة القطط جدلاً واسعاً، حيث يؤكد العديد من المؤرخين أن مرسوم Vox in Rama قد أدى لتراجع كبير لأعداد القطط بأوروبا، ما قابله تزايد سريع لأعداد الفئران والجرذان التي ساهمت في نشر وباء الطاعون الأسود، الذي تسبب بدوره في وفاة نحو ثلث سكان القارة الأوروبية.
ويرفض عدد من المؤرخين هذا الربط التاريخي، مؤكدين على الفارق الزمني الذي يتجاوز المائة عام بين تاريخ صدور مرسوم Vox in Rama وتاريخ ظهور الطاعون الأسود بأوروبا.