ربما من أهم الأعضاء في جسم الإنسان بعد الدماغ هو العينين، فهما بوابتك للتعرف على المحيط والتواصل مع العالم والتعلم واكتشاف الكثير من الأمور، لكن هذه النعمة الرائعة تفقد قدرتها بالليل وخلال الظلام فالأشياء البعيدة التي كان بإمكانك رؤيتها خلال النهار، يستحيل أن تراها في الظلام.
لكن الإنسان استطاع أن يتجاوز هذا المشكل ويخترع أشياء تساعده على الرؤية في الظلام كالمصابيح، رغم أن الأمر ليس بالضرورة القصوى بالنسبة له، على الأقل مقارنة بالحيوانات التي تعد الرؤية الليلية مسألة حياة أو موت بالنسبة لها، سواء كانت من آكلات اللحوم التي تتسلل عبر الأشجار والصخور، أو الفريسة التي تحاول البقاء على قيد الحياة طوال الليل وحتى شروق الشمس.
في البداية لابد من الإشارة إلى كيف تتم عملية الرؤية وإبصار الأشياء بشكل بسيط ومختصر.
لنفترض أنك أمام شجرة، لتتمكن من رؤيتها بالشكل الذي تبدو لك عليه لا بد من تسليط بعض الضوء عليها، عندها تمتص الشجرة جزء من الضوء بينما تقوم بعكس الجزء الباقي والذي ينتقل إلى عينيك، فيمر من القرنية إلى العدسة، إلى أن يصل إلى منطقة معينة داخل شبكية العين والتي تنظم الصورة وترسلها إلى الدماغ لتظهر لك الصورة في شكلها النهائي.
الآن وبعد أن عرفنا أهمية الضوء في التمكن من رؤية الأشياء، وعلمنا أن بدونه سنبقى مكفوفين وعاجزين تماماً عن رؤية ما يدور حولنا.
لا شك أن الله تعالى الذي خلق الإنسان ويسر له عيشه، قد جعل أيضاً للحيوانات وسائل تمكنهم من الرؤية ليلا فسبحان الله العظيم.
لنبدأ مع طائر البوم الذي يمثل وزن عينيه خمسة بالمئة من وزنه الإجمالي، وعينيه أكبر من عيون الإنسان بمئتين وخمسين مرة بالمقارنة مع وزن الجسم.
عيني طائر البوم الكبيرتان سوف تسمحان له بتوسيع حجم البؤبؤ بشكل أكبر، مما سيسمح بمرور أكبر قدر من الضوء بالإضافة إلى وجود عدد كبير من المستقبلات الضوئية، ما يجعله يرى فرائسه من مسافات بعيدة، ويكفي أن تشعل شمعة صغيرة داخل ملعب كبير مظلم حتى يرى طائر البوم كل ما يتحرك في المكان.
وتعتمد الضفادع على طريقة شبيهة بالكاميرات الليلية الحديثة، بحيث تقوم على تجميع بعض الضوء الخافت لثواني قبل أن تمرره إلى المستقبلات الضوئية، وهكذا تستطيع خلق صورة واضحة في عتمة الليل، وهذه الميزة تجعل الضفادع تحصل على صورة متأخرة بحوالي خمس وعشرين مرة أبطأ من الإنسان، ولكن الضفدع يعوض ذلك بسرعة اللسان واستهداف الحشرات البطيئة أو الثابتة.
أما القطط فتتوفر على خلايا من الكريستال تتواجد تحت المستقبلات الضوئية، والتي تعمل كمرآة عاكسة للضوء الشيء الذي يفسر انبعاث الضوء من أعينها أثناء الظلام.
في حين تستعمل الثعابين الرؤية الحرارية التي تمكنها من استشعار الثدييات القريبة من خلال الحرارة المنبعثة من أجسامها.