نام العالمُ في واقعٍ، واستيقظ على واقعٍ آخر. واقعٌ ظهر فيه الإعلام الجديد، وبات محوَراً أسياسيّاً يدور كلّ شيءٍ من حوله. برامجٌ وتطبيقاتٌ وصحفٌ إلكترونيّة إكتسحت عالمنا، مكّنتنا من التواصل والتعلّمِ، من البحثِ والتعرّف على المستجدّات، أو حتى بناء الصداقاتِ وتبادلِ الثقافات. كلّها جُزءٌ من “الإعلامِ الجديد”. فكيف ظهر الإعلام الجديد وتطوّر، وباتَ جزءاً مهمّاً من حياتنا؟
لم يظهرِ الإعلامُ الجديدُ في ليلةٍ وضحاها، ولم يكتسح عالمنا بغثةً مُحدثاً ثورةً إعلاميّة ضخمة. تطوّر الإعلامُ تاريخيّاً، فبين الصحف المطبوعة والصحف الإلكترونيةِ قرونٌ من الزمان، طّور الإنسانُ خلالها تقنيّاتٍ هدفها إيصال الأخبار والمعلومات للمتلقي، آخرها ما نعرفهُ اليوم في “مواقع التواصلِ الإجتماعي” إذ بُني على متنها آلاف الكياناتِ الإعلاميّة، ومع العولمةِ بات للمتلقّي خيار إنتقاء ما أراد من تلك الكيانات.
كما وقد عاد التطوّر الإعلامي بالنفعِ على الشبكاتِ الإعلاميّةِ نفسها، فأحد أهم عناصر الإعلام الجديد هو التركيز على القارئ. تتيح وسائل الإعلام الرقمية للصحفيين التواصل المباشر مع القُرَّاء أكثر من وسائل الإعلام التقليدية، والقدرة على معرفة ما يهتم به القرّاء أكثر من أي شيء آخر، وذلك في اللحظة ذاتها من خلالِ تفاعلاتهم.
ولعلّ أبرز الأسبابِ التي جعلت “مواقع التواصلِ الإجتماعي” تحظى بشعبية كبيرة هي تمكينها وتسهيلها لتواصلِ المستخدمين وتفاعلهم. فقد أدّت إلى الإتصالات رغم الحدود التي أقامها العالم. وقد ساعدت تلك الشبكات الاجتماعية الأشخاص على إبرازِ مواهبهم، وإضافة الأصدقاء، وتحسين حياتهم المهنية، وإقامة العلاقات، والبحث عن الوظائف.
لعلَّ أكثر تطبيقات التواصل الإجتماعي جدلاً، وأكثرها شهرة، هو تطبيق المقاطع القصيرة تيك توك. فقد أُعتُبِرَ TikTok معجزةَ العقدِ بسرعة إنتشاره، وكونه الأشهر بين فئة المراهقين والشباب.
أمّا عن إنتشارهِ فهي حكايةٌ ذاتُ شقين، شرقيّة وغربيّة. ففي الغرب نشأ المراهقون على التطبيق الاجتماعي الذي يركز في محتواه على الموسيقى، وهو ميوزكلي Musical.ly. أمّا في الشرق، فقد عرف المُراهقون في الصينِ ما سُمّيَ بـ”دوين Douyin”، وهو الإسمُ الذي يُطلق على “تيك توك” في الصين. دُمج البرنامجان معاً، مما أحدَث ثورةً كبيرةً في عالمِ الإنترنت، وظهر TikTok ليحتكر مئات الملايين من المستخدمين في فترةٍ وجيزة.
فمنذُ إندماج TikTok مع Musical.ly ارتفعت أعداد المستخدمين بشكلٍ ليس لهُ مثيل، وكان ذلك بسبب حملةٍ تسويقيةٍ ذكية من شركة ByteDance المالكة لتيك توك. قاموا بالإعلانِ عن TikTok في كلّ تجمّعِ شبابٍ ومراهقين، في أصغر وأكبرِ مواقع التواصلِ الإجتماعي.
ومع ذلك قد لا يكون تطبيق TikTok الأشهر على الإطلاق، فرغمَ كونه التطبيق الأكثر جدلاً من بين تطبيقات ومواقع التواصل الإجتماعي، إلّا أنّه يحلّ في المرتبة الخامسة من حيث أعداد المستخدمين بأكثر من مليار مستخدم.
فلمهد مواقع التواصل الإجتماعي، فيسبوك Facebook، النصيب الأكبر من أعدادِ المستخدمين. يحظى موقع فيسبوك بأكثرِ من 2 مليار و900 مليون مستخدم، إلّا أنه ما عاد قادراً على جذبِ كُلّ فئات المجتمع، فقد باتت تطبيقاتٌ كتطبيقِ TikTok وInstagram قِبلَةَ المُراهقين والشباب.
أمّا عن الموقعِ الذي قد ضَمّ كلّ فئاتِ المجتمعِ إليه، وبات مصدراً غنيّاً بالمعلوماتِ لا بديل عنه، ومصدر رزقٍ لآلآفٍ من روّاده، هو موقع يوتيوب Youtube المتربّع على عرش أعلى ساعاتِ المشاهدات.
فاليوم يعتبر يوتيوب ثاني أكبر محرك بحث في العالم، مباشرةً بعد الشركة الأم جوجل Google. فلا بُدّ أن تجد الفائدة دوماً من مشاهدةِ مقاطع الفيديو المرئيّة والمسموعة، التعليميّة أو الإرشاديّة، أو مراجعات المنتجات وأكثر بكثير، فإن منصة التواصل الاجتماعي يوتيوب لا غنى عنها. تمكّن يوتيوب من الوصول إلى أكثر من 2 مليار مستخدم شهريًا.
في إحصائياتٍ أُصدرت هذا العالم، أفادت بأنّ حوالي 73% من البالغين في الولايات المتحدة يستخدمون يوتيوب بإنتظام، خاصةً الفئة العمرية ما بين 15 إلى 35 عامًا. كما يحظى يوتيوب بشعبية كبيرة بين الرجال والنساء على حدٍ سواء.
أمّا عن بداياتهِ فقد كان يوتيوب وليدَ فكرةِ ثلاثة أصدقاءٍ أرادوا نشر “فيديو” على موقعٍ إلكتروني لمشاركته مع العالم، إلّا أنّه لم يكن في شبكة الإنترنت موقعٌ واحدٌ مخصّصٌ لمقاطع الفيديو آنذاك. فكان عام 2005 هو العام الذي رأت فيه فكرتهم النور، وأطلق يوتيوب. شهد يوتيوب الكثير من التطورات والتعديلات التي أُضفيت عليه على مدى 17 عاماً، حتى بات كما نعرفهُ جميعاً اليوم.
أمّا عن التطبيق الإجتماعيّ الذي قد عُرفَ بموطنِ المؤثرين، فهو تطبيق انستجرام Instagram. فمنذ فترة طويلة كان إنستجرام موطن المؤثرين والعلامات التجارية والمدونين وأصحاب الأعمال الصغيرة. تطبيقٌ عُرفَ بتفاعلٍ كبيرٍ منذ نشأتهِ، لافتاً أنظار كُبرى الشركات العالمية. تجاوز اليوم تطبيق Instagram مليار مستخدم نشطٍ شهريًا.
بات موقع Instagram أحد أكثر منصات التواصل الاجتماعي شيوعًا للمراهقين والشباب، خاصةً في الولايات المتحدة. حيثُ يَستخدم انستجرام نسبة كبيرةً للغاية من الأشخاص بعمر أقل من 40 عامًا.
يوصفُ إنستجرام بكونه “إدماني“، فمع محتوياته التي ما بين تصويرٍ فوتوغرافيٍّ، ومرئيات، وتصميمات، وتلك الفيديوهات التي تصوّرُ نمط الحياة الشخصية، يُبقي مستخدميه لساعاتٍ طويلةٍ، ما يعدّ إدماناً فعلياً.
في حين أن أرقام المستخدمين النشطين شهريًا لا تكادُ تتجاوزُ 300 مليون على Twitter، إلّا أنّ هذا العصفور الصغير عظيمٌ في شأنه. فرغم قلّة المستخدمين إلّا أنهم “الأكثر وفاءً” بين مستخدمي باقي مواقع التواصل الإجتماعي. فجمهور تويتر نشيطٌ ومتفاعلٌ بكثافة. ومع كونه قِبلةَ السياسيين والإعلاميين والصحفيين، يحظى تويتر بأهميّةٍ بالغةٍ من قِبل المشاهيرِ والمؤسساتِ الصغيرة والكبيرة على حدٍّ سواء.
أجرى الموقع دراسات إحصائية على مستخدميه، وقد خلصت تلك الدراسات إلى أن 63% من مستخدي Twitter تتراوح أعمارهم بين 35 إلى 65 عامًا، ويشكل الذكور ما يقرب من ثلثي إجمالي المستخدمين.
يعتبرُ تويتر Twitterوسيلة شائعة لنشرِ الأخبار العاجلة، ودراسة المحتوى المقدّم بشكلٍ سلسٍ ومبسّط، والتواصل مباشرةً مع المستخدمين في الوقت ذاته. ومع ذلك لن يكون تويتر الخيار الأفضل لأولئك الذين اعتادوا على مقاطع الفيديو عِوضاً عن التغريداتِ المكتوبة.
أمّا عن تاريخِ العصفورِ الأزرق، فتعود أصول Twitter إلى أوائل عام 2006، حين قامَ طالبٌ ينتسب إلى جامعة نيويورك بطرحِ فكرةِ اتصالٍ جديدةٍ، وهو الأوّل من نوعهِ على الإنترنت. لتطوير تويتر كثيرٌ من التفاصيلِ والمراحل، تطوّر فيها شيئاً فشيئاً حتى وصل إلينا كما نعرفهُ اليوم.
لكلّ مواقعِ التواصلِ الإجتماعيّ أحداثٌ مرّت بها قبلَ أن تكون ما عليها اليوم. تيك توك، فيسبوك، يوتيوب، وتويتر، كلّها تطبيقات ساهمت في بناءِ عالمنا وتسهيله، وسّعت مدارِكَنا ووفّرت سُبل العِلمِ لنا. ساهمت في العولمةِ وظهور الإعلامِ الجديد وتطوّره. مكّنت الأفراد من البروز والتأثيرِ على عالمٍ جديدٍ لا يسوده إعلامٌ تقليديٌّ، بل إعلام حديثٌ لكُلٍّ منا دورٌ فيه.
احب اللعبه
مررره
حلوه