بقلم – إبراهيم فايد
كانت اللغة العربية ولا زالت إحدى أهم اللغات على مستوى العالم إذ يتواصل بل ويتَعَبَّد بها قُرابة الإثنين مليار إنسان حول العالم، ناهيك عن كَوْنِها تُمَثِّلُ إقليمًا بأكمله من المحيط إلى الخليج وهو وطننا العربي الكبير؛ ولذا تم اختيارها ضمن اللغات الست الرسمية للأمم المتحدة، وعليه فإن الكثير من المستشرقين والدارسين والباحثين وغيرهم من عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتَحَيَّنون الفرص على الدوام لتَعَلُّم هذه اللغة العظيمة التي شرَّفَها الله تعالى لتكون لِسانًا ناطِقًا بِمُعجِزة الإسلام الأبدية الخالدة إلى يوم الدين وهي القرآن الكريم الذي غَلَبَ ببلاغته العرب والعجم واستعصى بِعَظَمَتِهِ على مخططات أعتى أعداء الدين.
وإذْ نحن في أواسِط الـ2022م ومع تَطَوُّر وتَقَدُّم التقنيات الحديثة، لم تسقط لغتنا الجميلة من حسابات الحداثة وراحت تَحُطُّ رِحالَها عند سفح التكنولوچيا لتستثمر في تعليم العربية لغير الناطقين بها، بل وبات هذا مَطلَبًا عامًا انتشَرَ وبكثافة في الآونة الأخيرة وأصبح شائعًا كوظيفة عن بُعد لنقل خبرات وتنمية مهارات القراءة والكتابة والاستماع والتحدث بحروفنا وأبجدياتنا الأصيلة، مستخدمةً في هذا أجهزة وبرمجيات وتقنيات حديثة قد نتطرق لها لاحقًا، لكن وعلى كُلٍّ فهذا مؤشر رائع لِتَطَوُّرِ حال اللغة ومواكبتها لكل وأية مستحدثات على مَرِّ العصور، ولعل هذا برهانًا دامغًا لكل اتهامات دُعاةِ التَّغريب في حَقِّ اللغة وأنها -كما يَدَّعون- مسألة وقت فقط لتندثر كونها لا تَصلُحُ لِعَصرِنا بوتيرته المتسارعة تلك وغيرها من تُرَّهاتٍ وإن بِدَت حَقًا لكن ما أريدَ بِها سِوَى الباطل.
أمّا عن أبرز التقنيات الحديثة التي استفادت منها اللغة العربية وأفادتها مؤخرًا -تحت رعاية وإشراف الشبكة العنكبوتية- فنجد ابتكار السُّبُّورة الذكية التفاعلية التي ساهمت بشكل مُكَثَّف في تطوير مهارات النُّطق والحِفظ الجَيِّد لأبجديات اللغة وحُسنِ اتباع شِعابِها وذلك عبْرَ خاصِّيَّةِ التفاعل التي سنَحَت وسمَحَت بترديد وتوضيح مخارج الحروف وطريقة وآلية النُّطق وتوفير إجابات جاهزة لأبرز التساؤلات الشائعة، فهي بلا شك ساهمت بجانب كبير في ترسيخ مصطلحات وأساليب وقواعد لغوية أصيلة.
وكذا في السياق ذاته، نُسَلِّطُ الضَّوْءَ هُنا على تقنيات الواقع المُعَزَّز والتي خصَّصّت شاشات ونَظّارات لِنَقل المستخدِم إلى واقع افتراضي ثلاثي الأبعاد، وقد كان لها الدور الأكبر في مُعايَشَة المُتَدّرِّب لِواقِعٍ لُغَوِيٍّ حَيٍّ وَسْطَ تَعامُلات الناس والمواطنين الأصليين وطريقة نُطقِهِم واستعمالهم لِلُّغة، كل هذا ساهَمَ في نقْلِ ثقافات ومفاهيم دعَّمَت مهارات الآخرين في إتقان اللغة وحتى المُغْتَرِبين والجاليات والأقَلِّيّات الأجنبية استفادت كثيرًا من هكذا تكنولوچيا.
خِتامًا، ورُغْمَ كَوْنِ الموضوع دَسِمًا للغاية لِأَنْ نسردَ تفاصيل لا حصر لها، لكن دعونا نُنْهِي حديثنا بتعقيبٍ مُختَزَلٍ يطمئن قلوبنا بِقُوَّةِ اللغة وعُنفُوانِها وأنها -العربية- قادرة دَوْمًا على مواكبة كافَّةِ التغيرات وجذبِ انتباه واهتمام الأُمَمِ تِلْوَ الأُمَم، وليس أدَلَّ على ذلك من إحصاءات منظمة الأمم المتحدة التي أعلنَتْ تَزايُدَ نِسَبِ المتحدثين بالعربية مقارَنةً بأصحاب اللغات الأخرى وإن كانوا أكثر من العرب في العدد لكن وتيرة التزايد تصب في صالح العربية وبجدارة، كما ويمكنها الاندماج بسهولة ومرونة وَسْطَ أيَّةِ ابتكارات مِن شأنها نشر اللغة وتيسير تعليمها لِنُحَقِّقَ بذلك قَوْلَ ربِّنا «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» صدق الله العظيم.
#إبراهيم_فايد