إطلاق المعجم العربي للمصطلحات البيئية في مؤتمر COP28

خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP28)، أبرز مجلس شباب اللغة العربية مفهوم الاستدامة ضمن الثقافة العربية، الفعالية التي حملت عنوان “الاستدامة في الثقافة العربية”، نظمت في دولة الإمارات العربية المتحدة وشهدت عرضًا تاريخيًا لجذور الاستدامة البيئية في الثقافة العربية.

حلقة نقاشية شبابية حول الثقافة العربية المستدامة

في حلقة نقاشية مثرية، قدم أعضاء المجلس تحليلاً عميقاً حول الأسباب التي أسهمت في استمرار وتطور الثقافة العربية على مر العصور، أكدوا على أن الروابط العائلية القوية والمتجذرة تُعد عماد الثقافة العربية، مشيرين إلى كيفية تشكيل هذه الروابط للنسيج الاجتماعي في العالم العربي.

ناقشوا كيف أن هذه الروابط لم تكن مجرد علاقات دموية أو ولاءات عائلية، بل تعدت ذلك لتصبح قوة دافعة للتعليم، الحفاظ على التراث، ونقل القيم والتقاليد من جيل إلى جيل، كما تطرقوا إلى دور العائلة في تشكيل الهوية الفردية والجماعية وكيف أثرت هذه الروابط في تعزيز الاستقرار والتماسك الاجتماعي في مختلف الأوقات والظروف.

أشاروا إلى أن الثقافة العربية، بفضل هذه الروابط العائلية، استطاعت أن تحافظ على خصائصها الفريدة وأن تتكيف مع التغييرات التاريخية والاجتماعية، كما تناول النقاش كيف أن هذه الروابط العائلية ساعدت في دعم التنوع الجغرافي والديموغرافي للمجتمع العربي، مما ساهم في إثراء الثقافة وزيادة تعقيدها وتنوعها.

البحث في العلاقة بين التنوع اللغوي والتنوع الحيوي

خلال الحلقة النقاشية التي عقدها الشباب، تم التركيز على استكشاف العلاقة المعقدة والفريدة بين التنوع الحيوي والتنوع اللغوي، جرى تسليط الضوء على كيفية تأثر اللغات، وبالأخص تلك المعرضة لخطر الانقراض، بالتغيرات البيئية والاجتماعية، تمت مناقشة اللغات المهددة بالاندثار، مع الإشارة إلى أطلس اليونيسكو للغات المهددة بالاندثار كمرجع رئيسي، لتوضيح كيف أن التغيرات في البيئة الطبيعية والتنوع البيولوجي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على هذه اللغات.

كما تطرق النقاش إلى مفهوم المرونة اللغوية، وهو قدرة اللغات واللهجات على التكيف والتطور في مواجهة التغيرات البيئية والاجتماعية، ناقش المشاركون كيف أن اللغات تتطور بطرق تعكس التغيرات في البيئات التي يعيش فيها متحدثوها، وكيف يمكن أن تساهم هذه التغيرات في ظهور لهجات جديدة أو تغير اللهجات القائمة.

أكد الشباب على الأهمية الكبرى لفهم تأثير تغير المناخ على اللغات واللهجات، مشيرين إلى أن التغيرات البيئية، مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة، يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في أنماط الحياة والهجرة، وهو ما يؤثر بدوره على استخدام اللغات وتطورها، هذا النقاش المعمق يسلط الضوء على كيف أن اللغة والبيئة مترابطتان بشكل وثيق، ويبرز أهمية الحفاظ على كلاهما في سياق مواجهة التحديات البيئية العالمية.

صورة 1

في ختام الفعالية، شهدنا لحظة بارزة مع الإعلان عن إطلاق “المعجم العربي للمصطلحات البيئية”، وهو مشروع يجسد التعاون المثمر بين مجلس شباب اللغة العربية، هيئة البيئة أبوظبي، ومركز أبوظبي للغة العربية، يأتي هذا المعجم كمصدر مرجعي هام يسد الفجوة في المكتبة اللغوية العربية، حيث يقدم تفسيرات دقيقة ومعمقة للمصطلحات البيئية المستخدمة بكثرة في العصر الحديث.

المعجم يتميز بتقديمه لمرجع شامل يغطي المصطلحات البيئية باللغة العربية، مع توفير مقابلاتها الدقيقة باللغة الإنجليزية، ما يعكس الجهود المبذولة لتعزيز التفاهم اللغوي والثقافي بين الناطقين بالعربية وغير الناطقين بها، يعتبر المعجم أداة قيمة للباحثين، الطلاب، المترجمين، والمتخصصين في المجالات البيئية، إذ يوفر لهم المصطلحات اللازمة لفهم وتحليل القضايا البيئية بكفاءة.

يسلط المعجم الضوء على الأهمية الكبيرة للترجمة الدقيقة والفهم العميق للمصطلحات البيئية في سياق النقاشات العالمية حول التغير المناخي والاستدامة، كما يعكس هذا الإصدار التزام المؤسسات المشاركة بتعزيز اللغة العربية كأداة فعالة للتواصل والتعبير عن الموضوعات البيئية المعاصرة.

جهود المجلس في تعزيز اللغة العربية

يعد مجلس شباب اللغة العربية نموذجاً متميزاً للتعاون البنّاء بين مختلف المؤسسات والهيئات التي تولي اهتمامًا خاصًا باللغة العربية وثقافتها، يهدف هذا المجلس إلى تمكين الشباب وتشجيعهم على لعب دور فعال في الحفاظ على اللغة والهوية العربية، وتعزيز استخدامها في مختلف الميادين، يتمثل ذلك في إشراكهم في مجموعة واسعة من الأنشطة والفعاليات الدولية، مثل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP28) وغيره من المحافل الهامة.

يسعى المجلس إلى توفير منصة للشباب ليعبروا عن آرائهم ويسهموا بفعالية في الحوارات العالمية، مع التركيز على استخدام اللغة العربية كوسيلة للتواصل ونقل الأفكار، من خلال هذه المشاركات، يتاح للشباب الفرصة لتبادل الخبرات والتعلم من بعضهم البعض، وكذلك لعرض الثقافة والتراث العربي أمام العالم.

المجلس، من خلال هذه الجهود، يأمل في خلق جيل جديد من القادة الشباب الذين يتمتعون بالكفاءة اللغوية والثقافية، ويكونون قادرين على تمثيل العالم العربي بفخر وثقة في الساحة الدولية، هذا النهج يساعد في تعزيز الوعي بأهمية اللغة العربية كجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية العربية وكأداة للتعبير عن قضايا العصر.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.