ساعات قليلة تفصلنا على الإعلان الرسمي عن الفائز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الحالي، خلفا للاعب السنغالي ساديو ماني، آخر الفائزين بالجائزة في عام 2019، حيث توقف تنظيم الجائزة بسبب انتشار جائحة كورونا عالميا، لكن التسريبات التي انتشرت بكثافة منذ الأمس تؤكد أن ساديو ماني هو الفائز بالأفضل أفريقيا، وجاء محمد صلاح في المركز الثاني.
بالطبع، ساديو ماني لاعب كبير ومتميز، وفيه من صفات النجوم الكبار الكثير، وصحيح أنه استطاع مع فريق السنغال الوطني الفوز بلقب بطولة أمم أفريقيا، وكذلك الصعود معهم إلى نهائيات كأس العالم في قطر هذا العام، وهو ما فشل فيه محمد صلاح مع المنتخب المصري، وخسر النهائي الأفريقي لصالح السنغال، وخسر فرصة الصعود إلى نهائيات كأس العالم أيضا لصالح السنغال.
كل المتابعين للشأن الكروي يبررون اختيار ساديو ماني لما ذكرته بشكل أساسي، على أنها المعايير المنطقية لاختيار الأفضل، من خلال إنجازاته مع منتخب بلاده ومع ناديه، وبما أن الإثنين يلعبان في ناد واحد هو ليفربول، والكفة متساوية من حيث النتائج العامة للنادي، فإن مساهمات ساديو في إنجازات السنغال هي الفيصل في فوزه بالأفضل أفريقيا على حساب صلاح.
لكني أرى أن هذه المقاييس ظالمة للغاية، سواء بالنسبة لـمحمد صلاح، أو أي لاعب آخر يكون في نفس الموقف، فلا يمكن مقارنة اتساع البحر بارتفاع السماء، لا بد أن يكون المقياس واحد على الجميع، كيف ابحث عن الأفضل في أفريقيا، ثم أتغاضى وأتناسى كل صفاته الشخصية كلاعب، وإنجازاته الشخصية كلاعب، وموهبته الشخصية كلاعب، وأقول ماذا حقق مع منتخب بلاده؟
بالطبع، فإن الإنجازات مع المنتخب الوطني لأي لاعب يكون لها قيمتها، في تاريخه وسيرته الذاتية وتقييمه محليا وعالميا أيضا، ولكنها لا يمكن أن تكون السبب الوحيد أو حتى الرئيسي في عملية التقييم، ربما يكون لها درجات محددة تضاف أو تخصم من اللاعب أثناء التقييم، لكن لا يجب أن تكون في مقدمة المعايير، ويأتي بعدها ما يمتلكه اللاعب من موهبة وإنجازات شخصية.
الجائزة للأفضل في أفريقيا، أي أفضل من يلعب كرة القدم في القارة، مثلما فاز بها جورج وايا وكان منتخب ليبيريا مازال بعيدا عن المنافسات الإفريقية، بداية من التصفيات وليس النهائيات، صحيح كان يلعب في ناد عالمي مثل محمد صلاح، وساديو ماني الآن لكن تم تقييمه على أدائه مع ناديه فقط، اعتقد أن الاتحاد الأفريقي مطالب أن يكون اختيار اللاعب الأفضل لشخصه وماذا يملك من مواهب وإنجازات؟
الأفضل هو اللاعب الأكثر موهبة، الأكثر إحرازا للأهداف، اللاعب الذي نافس على لقب أفضل لاعب في العالم عامين متتاليين، اللاعب الذي فاز بلقب هداف الدوري الإنجليزي ثلاث سنوات خلال أربع سنوات، اللاعب الأكثر تهديفا والأكثر صناعة للأهداف، اللاعب الذي حقق أرقاما أسطورية مع ناديه في سنوات قليلة جدا، مقارنة بغيره، اللاعب الذي نال شهرة عالمية، على أنه في مصاف النجوم الكبار مثل ميسي ورونالدو.
مرة أخرى، لو فاز ساديو ماني بالجائزة نقدم له التهنئة ونتمنى له التوفيق، لكن فكرة الجائزة، تكريم الأفضل، اللاعب الفرد، وليس اللاعب المنتخب، وكل الأرقام والشواهد تقول أن محمد صلاح، الأفضل في أفريقيا، وعلى الأقل من أفضل 5 لاعبين في العالم، فهل تم ترشيح ساديو ماني أو أي لاعب إفريقي آخر للمنافسة على الأفضل عالميا خلال تواجد صلاح؟
غير مقبول منطقيا أن يكون الطالب الأول على إدارته التعليمية أو على مستوى محافظته، ويكون الثاني على المدرسة، أي أن من دخل المنافسة على مستوى العالم، كممثل وحيد لأفريقيا، لا يصح أن يكون الثاني على مستوى أفريقيا، وبالتالي فإن المقاييس مختلفة، ولا بد أن يتم تعديلها لتكون صالحة لتقييم اللاعب كلاعب من خلال عطائه في الملاعب بمفرده، وليس كفرد داخل منتخب أو حتى فريق، فكثيرا ما خاب أمل ميسي مع منتخب بلاده، وهو الحرف والأشهر على الإطلاق حتى الآن.
محمد صلاح في مأزق بسبب العدو اللدود في جائزة الأفضل بأفريقيا
مبروك ساديو ماني إذا صحت التسريبات التي أتمنى أن تكون خاطئة، وهاردلك محمد صلاح، أنت نجم كبير، وتمتع الجماهير العالمية بموهبتك وأدائك الراقي الرائع، جائزتك سوف تحصل عليها كل يوم وكل دقيقة تمتعنا بها في الملاعب، واعتقد أن الجماهير تكفيك، إلا أننا نحزن على ضياع أي فرصة كان من الممكن أن تضاف لتاريخك وإنجازاتك.