هل إعفاء اللحية فرض أم سنة أم مستحبة؟

إن موضوع إعفاء اللحية من المواضيع التي لاقت خلافاً كبيراً بين أهل العلم، فلقد قال بعضهم أنها سنة رسول الله ﷺ، وقال البعض الآخر أنها فرض يجب على المسلم أن يُعفي لحيتة، وقال آخرون أن حلق اللحية مكروه، ونحن من خلال هذا المقال سوف نقوم بدراسة هذه المشكلة دراسة علمية في ضوء السنة النبوية، وآراء الأئمة بدون التعصب لأي مذهب من المذاهب.

أقوال العلماء في موضوع حلق اللحية

القول الأول:

لقد قال أصحاب هذا الرأي أن إعفاء اللحية واجب على كل مسلم استناداً إلى قول رسول الله ﷺ”خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ “.صحيح البخاري: 5890، 5892، 5893، صحيح مسلم: 259، 259، 259.”، ولقد فسر جمهور علماء الإسلام هذا الحديث بأنه يدل على وجوب إعفاء اللحية للمسلم، وبعض الأحاديث الأخرى “فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” قُصُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى “. صحيح البخاري: 5889، 5891، 6297،”.

ولما روي في صحيح الإمام مسلم عن أبي هريره عن النبي ﷺ أنه قال”” جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ “.صحيح البخاري: 5889، 5891، 6297، صحيح مسلم: 257، 257،”.

وفي الأحاديث السابقة وجد علماء الإسلام وجوب إعفاء اللحية، وقص الشوارب مخالفةً للمشركين والمجوس، والأصل ُ في هذا الأمر هو الوجوب لا الندب.

القول الثاني:

ولقد قال أصحاب هذا الرأي أن إعفاء اللحية ليس من الأمور المستحبة ولا من الأمور الواجبه؛ إنما هي من سنن العادات كالطعام، والشراب، والهيئة، واللباس، وهذا ما ذهب إليه جَمع من العلماء المعاصرين كالإمام الأكبر محمود شلتوت شيخ الأزهر، والأستاذ الدكتور محمد أبو زهره، وصرحت بهذا دار الإفتاء المصرية وقالوا بأن الأوامر التي تتعلق بالعادات كالطعام، والشراب، والملبس، والجلوس، والهيئة تحمل على الندب لا على الوجوب لقرينة تعلقها بهذة الجهات، وهم يشتركون مع السادة الشافعيه في أن اللحيه من سنن العادات.

القول الثالث:

يرى أصحاب هذا الراي أن إعفاء اللحية ليس واجباً وانما هو من الأمور المستحبه فقط، وهذا القول هو المعتمد عند السادة الشافعية، وقالوا إن القائلين بالوجوب قد استدلوا بحديث أبي هريرة: ” الْفِطْرَةُ خَمْسٌ – أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ – الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ “.صحيح البخاري: 5891، 6297، صحيح مسلم: 257، 257، 260.

ولقد قام الشافعية بالرد على استدلال أصحاب الحديث السابق بأن الحكم الوارد في الحديث حكم معلل بمعنى أنه وردت له عله وسبب؛ والعله والسبب هي مخالفة المجوس والمشركين، وعندما بحث العلماء عن حكم مخالفة المشركين وجدوا أنها ليست على الوجوب بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “غيروا الشيب ولا تتشبهوا باليهود” ولم يقل أحد من العلماء أن صبغ الشعر واجب لأجل مخالفه اليهود، وكذلك يكون الأمر بالنسبه للحية سواءً بسواء، فلو قلنا أن الأمر باعفاء اللحيه هو للوجوب فيجب أن نقول إن تغيير الشيب واجب وهو غير حاصل.

أقوال الفقهاء في هذا الشأن

الإمام النووي:

صورة 1

قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم، “والمختار ترك اللحية على حالها، وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلا، والمختار في الشارب ترك الإستئصال والاقتصار على ما يبدو به طرف الشفه.

الإمام ابن القيم:

صورة 2

قال ابن القيم في تهذيب السنن ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقٌ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ “. يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ، قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ. صحيح مسلم: 261، وقام بالتعليق على هذا الحديث فقال”وأما إعفاء اللحية فهو إرسالها وتوفيرها.

الطاهر بن عاشور:

صورة 3

لقد قال الطاهر بن عاشور “والمصالح التحسينيه هي عندي ما كان بها كمال حال الأمة في نظامها حتى تعيش آمنة مطمئنة لها بهجة منظر في مرآة بقيه الأمم حتى تكون الأمة الإسلامية مرغوبا في الاندماج فيها أو في التقرب منها فإن محاسن العادات لها مدخلاً في ذلك سواء كانت عادات عامة كستر العوره أم خاصة ببعض الأمم كخصال الفطرة واعفاء اللحية.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.