فضل صيام يوم عرفة، ودعاء يوم عرفة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين “إن يوم عرفة، من أفضل الإيام، عند الله تبارك وتعإلى فهو يوم مشهود والدليل على ذلك قولة تعإلى ( وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ )، فقال العلماء في التفسير، الشاهد “يوم القيامة”، والمشهود “يوم عرفة”، وقد روى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده. والحديث يدل بظاهره على أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين.

ويستحب الإكثار من الأعمال الصالحة من صلاة نفل وصيام وصدقة وذكر وغيرها في أيام عشر ذي الحجة عموماً، وفي يوم عرفة على وجه الخصوص، ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه البخاري.

دعاء يوم عرفة

فقد روى الترمذيُّ من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

قال أبو عمر بنُ عبد البر في الاستذكار: وفيه تفضيل الدعاء بعضه على بعض، وتفضيل الأيام بعضها على بعض، ولا يعرف شيء من ذلك إلا بتوقيف. فقد ثبت في يوم الجمعة، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة ما هو مذكور في كتابنا هذا في مواضعه، ومعروف أيضاً في غيره. وجاء الاستدلال بهذا الحديث على أن دعاء عرفة مجاب كله في الأغلب -إن شاء الله- إلا للمعتدين في الدعاء بما لا يرضي الله. اهـ.

قال الباجي المالكي في المنتقى شرح الموطأ: ويحتمل أن يريد به الحاج خاصة؛ لأن معنى دعاء يوم عرفة في حقه يصح، وبه يختص. وإن وصف اليوم في الجملة بيوم عرفة فإنه يوصف بفعل الحاج فيه. والله أعلم. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى، والدعاء يوم عرفة؛ فإنه يوم ترجى فيه الإجابة، ولذلك أحببنا له الفطر يومئذ، ليتقوى على الدعاء، مع أن صومه بغير عرفة يعدل سنتين. انتهى.

فمن رأى تعلق الفضل في الحديث بالمكان مع الزمان قصر ذلك على الحاج في عرفة، ومن رأى تعلق الفضل بالزمان جعله عاماً يشمل الحاج وغيره، وإن كان هو للحاج آكدَ والإجابة في حقه أقربَ؛ لاجتماع فضل المكان مع الزمان. كما في صحيح مسلم عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟.

أدعية يوم عرفة

أما ما ذكرتَه من أنه لا يحول على الدعاء حول إلا وهو مجاب، فهذا لم نقف عليه في كلام الفقهاء، ولعله – إن صح – هو بتجربة بعض الفضلاء، لا بالنص، وقد سبق أن الدعاء في يوم عرفة مظنة الإجابة.

وننبه على أن الدعاء لا يلزم أن يستجاب كما دعي به، بل هو في نفسه عبادة يثاب عليها المرء، وقد يُعجِّل الله ثمرة هذه الطاعة فتكون سبباً لحصول نِعَمٍ أُخَرَ أو اندفاع مصائب، وقد يؤخر الله ثمرته إلى الآخرة فيكفر به السيئات، ويرفع به الدرجات.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.