استقبلت الأمة الإسلامية اليوم شهر رجب وهو أحد الأشهر الحرم، التي حرم الله فيها القتال ونهى فيها عن ظلم النفس فقال سبحانه وتعإلى في سورة التوبة: ۞إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم۞.
ولعل الفضل الوحيد لشهر رجب على غيره هو أنه من الأشهر الحرم الأربعة، غير أن الأمر التبس على عوام الناس فبدأوا يخصونه دون غيره بصيام وقيام.
ويتجه بعض الدعاة للترغيب في صيام رجب، كونه من الأشهر الحرم، مستدلين بما ورد من أحاديث للترغيب في صيام الأشهر الحرم.
كما يعتبره البعض للتعود على الصيام في شعبان، كون النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم في شعبان كما ورد في حديث “أسامة بن زيد” حيث قال: قلت: “يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان”، قال: “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”.
غير أن رجب مثله مثل باقي الأشهر يمكن للمسلمين صيام يومي الإثنين والخميس وكذلك الليإلى القمرية (13، 14، 15) من الشهر كما ورد عن النبي.
ومن البدع التي استحدثها الناس، أعتقادهم أن صيام رجب له فضل أجر على سائر الأشهر، كما يعتقد أخرون أن صيامه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن فيه أسري بالنبي، وهو ما سنتطرق إليه في السطور القادمة.
الإسراء والمعراج
ومن أكثر ما عرف عن شهر رجب أن فيه ليلة الإسراء والمعراج، ويحتفل المسلمون كل عام في السابع والعشرين من رجب بهذه الليلة، كما يصومها البعض ويخصونها بقيام ليل وذكر، غير أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كونها كانت في رجب.
وقال الإمام “ابن تيمية” أنه «لم يقم دليل معلوم لا على شهرها.. ولا على عشرها، ولا على عينها.. بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة.. ليس فيها ما يقطع به»، وهو ما ينفي تماما ما يتداوله البعض حول أنها كانت في شهر رجب.
وللمفارقة، فإنه حتى وإن ثبت كون الإسراء والمعراج كان في رجب كما يدعى البعض، فلا يصح تخصيصه بصيام أو قيام أو ما شابه ذلك، حيث أنه لم يرد فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، وهو ما يعتبر بدعة محدثة.
الصيام في رجب
أما الصيام في رجب، فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحث على الصيام فيه، بل أن كل الأحاديث التي تحدثت عن فضل صيام رجب كما قال “بن تيمية” كلها مكذوبة لا تصح عن رسول الله ولا يعتمد أهل العلم على شيء منها، كما أن “عامتها من الموضوعات المكذوبات”.
وللمفارقة، فقد صح عن الفاروق “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه أنه كان يضرب الناس على أكفهم، ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب ويقول ” كلوا.. لاتشبهوه برمضان، فإنه شهر كانت تعظمه الجاهلية”.
كما روي “بن ماجه” في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عن صوم رجب، إلا أن الحديث في إسناده نظر.