ليلة النصف من شعبان هي ليلة عظيمة من الليالي المباركة التي من الله بها على عباده، وهي موطن من مواطن استجابة الدعاء ومضاعفة الأعمال ولذلك تشرأب الأعناق إليها كل سنة وتنتظرها القلوب بكل شوق وتتلقفها أرواح المؤمنين بكل حفاوة، وذلك لما تحتله من مكانة مرموقة ورائدة بين شتى ليالي العام،وعند جميع المؤمنين من مختلف الأعراق والجنسيات والطوائف الإسلامية حول العالم، يكفيها فخرا أنها ليلة حولت فيها قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة، وأن الملائكة تتخذها ليلة عيد كما قيل، فهي من فرص الزمان القلائل اللائي ينبغي استغلالها على أحسن وجه.
نظرا لما يحتله الدعاء في ليلة النصف من شعبان من مكانة مرموقة فقد ورد من الأدعية عدد لا بأس به ولا ضير من التبتل والتبهل به في هذه الليلة المباركة لعل من أبرز تلك الأدعية: ” اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، إِلَهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ”.
دعاء الله تعالى عبادة من أعظم العبادات وأكثرها أجرا سواء للنفس أو للأهل أو لعامة المسلمين، فالدعاء هو مخ العبادة وما دام كذلك فإن المسلم أحرى به أن يراعي أوقات استجابة الدعاء وأماكن استجابته، ومن بين تلك الأوقات ليلة النصف من شعبان إذ أنها ليلة يتنزل فيها المولى عز وجل إلى السماء الدنيا، ويقبل التوبة عن التائب ويضاعف للمحسن ويقضي حاجة السائل، فعلى المؤمن إذا أن يجتهد فيها مالم يجتهد في غيرها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في الدعاء فيها،وقد صح ذلك عنه بأبي هو وأمي في حديث عائشة وغيره.