وُلِدَ الهُدى فَالگائِناتُ ضِياءُ.. وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ تبسّم فمُ الزمان وتزينت السماء وتعطرت الأرض بالمسك ـ كما شبه أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته {وُلِدَ الهُدى} ـ حين وُلِدَ خير خلق الله ورحمة الله للعالمين محمد صلى الله عليه وسلم، وها نحن نعيش في رحاب أيام شهر ربيع الأول المبارك شهر مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، اختلف الناس في حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي تباينت آراء الفقهاء فكانت بين مؤيداً ومعارضاً، نوضح لكم من خلال هذه المقالة بياناً بإيجاز حول حكم الاحتفال بالمولد النبويّ، ورأي دار الإفتاء المصرية بشأن الاحتفال.
تباينت آراء الفقهاء حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فكانت بين مؤيداً ومعارضاً وتراوحت الآراء بين التشدد و الوسطية في الإسلام حيث كان هناك عدة اتجاهات فقهية حول مسألة الاحتفال بالمولد النبوي نوجزها فيما يلي…
الاتجاه الأول>> يرى جواز الاحتفال بالمولد النبوي، باعتباره وسيلة للتعبير عن مدى حب واحترام وتعلق المسلمين بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويرى أصحاب هذا الاتجاه أنه لابأس بالاحتفال طالما أنه لن يخرج عن المعقول فمثلاً لابأس بقراءة السير النبوية في ذلك اليوم وإقامة الشعائر والندوات الدينية فهو أمرٌ محمودٌ.
الاتجاه الثاني>> يرى بمنع الاحتفال بيوم مولد النبي باعتباره بدعة ولم يرد في السنة المشرفة دليلاً على مشروعية الاحتفال، ويعتد أصحاب هذا الاتجاه بأسباب المنع بعدم وجود أدلة صريحة في القرآن الكريم أو السنة النبوية، ويعتبرون الاحتفال بدعة محدثة لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ويخشون مخاطر الانحراف في الاحتفال والتي قد يصاحبها ممارسات غير شرعية كالغناء والموسيقى وإقامة الحفلات الصاخبة.
الاتجاه الثالث>> يعتمد على مبدأ الاجتهاد، حيث يرى فقهاء هذا الاتجاه بأن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المسائل الاجتهادية والتي تُترك حسب آراء الفقهاء فلكل فقيه رأيه الذي يستند إليه بالأدلة التي اعتمد عليها في بناء حكمه الفقهي.
ذكر فضيلة الإمام المفتي الأستاذ الدكتور علي جمعة، في الفتوى رقم 486 بتاريخ 31 يوليو 2007…
(أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أصل من أصول الإيمان؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:” لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” رواه البخاري، كما أنه صلى الله عليه وسلم قد سنَّ لنا جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف؛ فكان يصوم يوم الإثنين، ويقول:” ذلك يوم ولدت فيه” رواه مسلم.)
كان للإمام الجليل محمد متولي الشعراوي رأياً مختلفاً عن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث أذاعت قناة الناس إحدى القنوات الدينية الشهيرة تسجيلاً نادراً من تسجيلات الإمام الشيخ الكبير محمد متولي الشعراوي عن مشروعية الاحتفال بيوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم…
حيث قال الإمام الشعراوي رحمه الله في التسجيل النادر: ” ما أفرحنا بيوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، ويحق لنا أن نفرح به؛ لأنه اليوم الذي ينسب إليه خير الإسلام كله، بعثاً لرسول الرحمة وخاتم النبيين… واستكمل الشعراوي حديثه قائلاً: مولد النبي محمد بمثابة إيذان بالدعوة الإسلامية وهجرة إلى الأنصار، كل ذلك حسنة من حسنات يوم الميلاد، وليست هذه هي كل الحسنات؛ إنما الحسنات في كل فعل خير يقوم به ويفعله المؤمن، الإنسان المؤمن هو الذي يفرح بهذا اليوم، قَدْرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى من فرح المؤمنين به.. الاحتفال بالمولد النبوي فرح للمؤمنين، ولكن انقسم الإنسان عنده، فمن كفر بالله كره هذا اليوم، وكره كل آثاره، ولذلك فإن حب الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف اقتصر على من آمن بالله ورسوله”.
مجمل القول… على الرغم من كون الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف مسألة جدلية اختلف في حكمها الفقهاء، إلا إن الاحتفاء بهذا اليوم يحمل بين طياته الكثير من الآثار المحمودة منها التعبير عن محبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلو قدره في صدور المسلمين، ونشر السيرة العطرة وتعريف الناس بشخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ويمكن الرجوع إلى كتب الفقه الميسر والسيرة النبوية للتعرف باستفاضة على آراء فقهاء وعلماء الإسلام حول مسألة الاحتفال بالمولد النبوي.
يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ذكر أكثر أهل السير وأفاد الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية السابق: ” أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام حادثة الفيل وقت طلوع الفجر في السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية الشريفة، وكانت ولادته في شِعب أبي طالب بمكة المكرمة” استناداً إلى ما قاله الإمام محمد بن إسحاق كما حكاه عبد الملك بن هشام” السيرة النبوية” (158/1، ط. الحلبي).
فضائل ومظاهر الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
- التذكير بالسيرة النبوية العطرة والاقتداء بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تعزيز الوحدة الإسلامية وتقوية أواصر الأخوة بين المسلمين، لاجتماع المسلمين في مثل هذا اليوم الموافق 12 من ربيع الأول من كل عام هجري، من جميع أنحاء العالم للاحتفال بذكرى مولد خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.
- نشر المحبة والسلام والتآخي وتبادل التهاني بين المسلمين في هذا اليوم المبارك.
- تنوع طقوس الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من دولة لأخرى؛ بل من مكان لآخر داخل نفس الدولة حيث تنتشر مجالس الذكر والإنشاد الديني، وتكثر مجالس المدائح النبوية ويجتمع الناس في حب رسول الله.
- يقوم الناس بتوزيع الحلوى والشربات، بل ويقيم بعض الناس الثرائد ويقيمون سرادقات لإطعام الطعام ونشر البهجة بين الفقراء والمساكين.
كما تنظم إذاعة القرآن الكريم منذ غرة شهر ربيع الأول ندوات واحتفالات يومية بالمساجد الكبرى بجميع المحافظات وعلى مدار الشهر كاملاً، تسلط الضوء من خلال تلك التسجيلات الخارجية للإذاعة على جوانب من حياة النبي، ومواقف وسير الصحابة والتابعين، جميعها احتفاءا ًواحتفالاً بذكرى مولد خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة للعالمين { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء ـ 107) .
ما شاء الله احسنتى النشر كل عام والامة الإسلامية بخير اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وسلم تسليما كثيرا