حفظ القرآن الكريم يتطلب الكثير من الضبط والتركيز والمراجعة المستمرة، ويجب الاهتمام بتعلم التجويد والقراءة الصحيحة. وفي حالة نسيان بعض الآيات أو السور، يجب العودة إلى تدارسها ومراجعتها مرة أخرى، حتى يتمكن الشخص من الحفاظ عليه. فهو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو والدليل الهادي للإنسان في حياته. ولذلك يجب قراءته والتأمل في معانيه وأحكامه، وحفظه وتحفيظه من النسيان.
ما هي الخطوات التي يجب اتباعها لحفظ القرآن الكريم؟
من الأخطاء الشائعة في حفظ القرآن الكريم هي الانطلاق في الحفظ مباشرة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى حفظ بعض الآيات بأخطاء في النطق أو الشكل أو غير ذلك، ويظل القارئ يرتكب هذه الأخطاء طوال حياته. لذلك، يجب على الطالب اتباع طريقة التلقي والمشافهة في حفظ القرآن الكريم، وهي طريقة تتضمن الاستماع إلى القارئ الماهر في تلاوة القرآن ومشاهدة النص المكتوب في الوقت نفسه، وذلك لتحسين النطق وضمان الحفظ الصحيح والدقيق.
المرحلة الأولى مرحلة قبل الحفظ:
مرحلة التلقي والمشافهة هي الخطوة الأولى في عملية حفظ القرآن، وتتضمن تعلم القراءة الصحيحة للحروف والكلمات وتحقق صحة اللفظ خلال التجويد.
التلقي:
هو الاستماع والاستيعاب للقرآن من قبل شيخ مجاز ومتقن، وهو أهم العناصر في حفظ القرآن الكريم. بحيث يقوم الشيخ المتقن بتلاوة الآيات بصوته، ويعلم الطلاب أحكام التجويد. ويتم التلقي بشكل فردي أو جماعي، حيث يجتمع الطلاب مع الشيخ للاستماع والاستفادة من علمه وطريقته وخبرته، وتتميز عملية التلقي بأنها تفتح أبواب الفهم والاستيعاب للطلاب، وتعد تلاوة الشيخ مصدر إلهام وتحفيز للطلاب للاستمرار في حفظ القرآن وتطوير مهاراتهم.
المشافهة:
هي العملية التي يتم فيها تكرار تلاوة القرآن بصوت الطالب لشيخه المجاز، وتصحيح التلاوة والإشارة إلى الأخطاء التي يقوم بها الطالب، وتعليمه أحكام التجويد. وتشكّل المشافهة جزءًا أساسيًا من عملية حفظ القرآن الكريم، وتتميز عملية المشافهة بأنها تساعد الطلاب على تحسين مهاراتهم في التلاوة والتجويد، وتصحيح الأخطاء التي يرتكبنها. كما تساعد على زيادة الثقة بالنفس والاستعداد للاختبارات والمسابقات التي تتعلق بحفظ القرآن الكريم.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
أخرجه البخاري
وفي رواية عند البخاري أيضاً: عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه.
المرحلة الثانية مرحلة الحفظ:
بعد مرحلة التلقي والمشافهة في حفظ القرآن الكريم، يأتي الحفظ الفعلي للآيات والسور، ويجب أن يتم الحفظ على مراحل وبتدرج، حتى يتم الوصول للهدف المرجو، وذلك لتحقيق الحفظ الدائم والصحيح.
الحفظ الجيد:
مرحلة الحفظ الجيد هي إحدى مراحل حفظ القرآن الكريم، وتعني أن الحافظ قادر على حفظ الآيات والسور بشكل جيد ودقيق، ويمكنه تلاوتها بدون النظر إلى المصحف.
تعدّ مرحلة الحفظ الجيد مرحلة مهمة جداً في حفظ القرآن، حيث تؤهل الحافظ للانتقال إلى المرحلة التالية وهي مرحلة تثبيت الحفظ. ولتحقيق الحفظ الجيد، يجب أن يقوم الحافظ باتباع بعض النصائح والإرشادات، وهي كالتالي:
- تكرار الآيات والسور بشكل متكرر، والتأكد من حفظها بالترتيب الصحيح ودقيقة.
- التركيز على فهم المعاني الكاملة للآيات والسور التي تم حفظها، وتطبيق الأحكام المتعلقة بها.
- تحديد أوقات محددة للقيام بالحفظ، وتحديد عدد الآيات والسور التي سيتم حفظها خلال كل جلسة.
تثبيت المحفوظ
وباستمرار الحافظ في اتباع النصائح والإرشادات، يمكنه تحقيق الحفظ الجيد للقرآن الكريم، والانتقال إلى المرحلة التالية وهي مرحلة تثبيت الحفظ . ولذلك وجب عليه التحلي بالصبر والعزيمة والإرادة القوية لتحقيق الهدف النبيل في حفظ كتاب الله العزيز.
حيث يتم في المرحلة الأولى حفظ الآيات والسور بشكل أولي بواسطة الذاكرة القريبة المدى، وفي المرحلة الثانية يتم تثبيت الحفظ حتى يتم نقل الآيات والسور إلى الذاكرة البعيدة المدى وتجنب نسيانها.
ومن أهم الطرق التي يمكن استخدامها في تثبيت الحفظ، هي تكرار الآيات والسور بشكل متكرر، وقراءة الآيات والسور بطريقة صحيحة ومدروسة، والتأكد من فهم المعاني الكاملة للآيات والسور، وتطبيق الأحكام المتعلقة بها.
كما يمكن استخدام التقنيات الحديثة لتثبيت الحفظ، مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي توفر تلاوات للقرآن الكريم وتحفيزات وأدوات لتسهيل الحفظ والمراجعة، واستخدام الأجهزة الإلكترونية المتاحة لتسجيل الصوت والفيديو للتدريب على التلاوة وتحسين الأداء في الحفظ.
ويجب أن يقوم الحافظ بتحري الدقة والاهتمام بأدق التفاصيل في حفظ الآيات والسور، وعدم التخلي عنها بسهولة، والعمل على تحسين الأداء في الحفظ باستمرار. ومن الأمور المهمة أيضًا هي الصبر والاستمرار في الحفظ، والتواصل مع المشايخ والمعلمين المختصين للحصول على النصائح والإرشادات اللازمة لتطوير أداء الحفظ.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة: إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت»أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها باب فضائل القرآن وما يتعلق به رقم 789 (المعلقة) المربوطة بالعقال وهو الحبل.(عاهد عليها) استمر على شدها وربطها.، (أطلقها) فكها من عقالها. (ذهبت) انفلتت: أي وكذلك القرآن إذا استمر على تلاوته ودراسته بقي محفوظا في قلبه وإن أهمله وتركه نسيه وتفلت منه.
المرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد الحفظ:
مراجعة القرآن الكريم هي عملية مهمة جداً في عملية حفظ القرآن، وتعد من الأساليب الفعالة التي تساعد على تثبيت الآيات والسور في الذاكرة بشكل دائم. وتتضمن مراجعة القرآن الكريم عدة أنواع منها:
مراجعة القريب:
وهي عملية المراجعة اليومية للسور والآيات التي تم حفظها مؤخراً، حيث يتم تكرارها بشكل منتظم لتثبيتها في الذاكرة. ويمكن أن تكون هذه المراجعة بعد الصلوات الخمس أو في أي وقت مناسب، وينصح بأن تكون في نفس الوقت يومياً لتحقيق الاستمرارية والتثبيت الجيد.
كان السلف الصالح يتبعون طرقاً مختلفة في التكرار، إما بالعد أو بالزمن، وكل طريقة لها مزاياها.
وقد قال ابن الأثير في المثل السائر: “كنت جرّدت من الأخبار النبوية كتابا يشتمل على ثلاثة آلاف خبر كلّها تدخل في الاستعمال، وما زلت أواظب على مطالعته مدّة تزيد على عشر سنين، فكنت أنهي مطالعته في كل أسبوع مرة حتى دار على ناظري وخاطري ما يزيد على خمس مائة مرة، وصار محفوظا لا يشذ عني منهُ شيء”. وهذا يوضح فائدة التكرار، حيث إنه عندما يتم التكرار بشكل متكرر، يتم تثبيت المعلومات في الذاكرة، وتزيد الاستيعابية والدقة في التفاصيل. ويمكن ملاحظة هذا الأمر في حياتنا اليومية، حيث يتم حفظ الأشياء بشكل أفضل عندما يتم تكرارها كثيرًا، ويقل النسيان والأخطاء فيها.
مراجعة البعيد:
وهي عملية المراجعة الدورية للسور والآيات التي تم حفظها منذ فترة، وتتم هذه المراجعة بشكل أقل تكراراً من المراجعة القريبة. ويمكن أن تكون هذه المراجعة أسبوعية أو شهرية، ويتم فيها تكرار الآيات المحفوظة بشكل أكثر تحديداً.
ويجب الإشارة إلى أن التكرار المنتظم في مراجعة القرآن الكريم يؤدّي دوراً هاماً في تثبيت الآيات والسور في الذاكرة، ويساعد على زيادة الاستيعاب والفهم للمعاني القرآنية. ومن النصائح التي يجب اتباعها في عملية مراجعة القرآن الكريم:
• تحديد وقت محدد للمراجعة يومياً، والالتزام به.
• تكرار السور والآيات الصعبة والمشكلة بشكل أكثر تحديداً.
• الاستعانة بالمصاحف المسموعة والمكتوبة لمساعدة في تثبيت الآيات والسور في الذاكرة.
• الاستمرارية في عملية مراجعة القرآن الكريم، وعدم الانقطاع عنها حتى بعد اكتمال عملية الحفظ.
• الاهتمام بتدبر المعاني القرآنية وتطبيقها في الحياة اليومية، حيث يساعد ذلك على تثبيت الآيات والسور في الذاكرة بشكل أفضل، ويجعلها تترسخ في النفس بشكل دائم.
• الاستفادة من تقنيات التعلم الحديثة، مثل تطبيقات الهواتف الذكية المخصصة لحفظ القرآن الكريم، التي توفر ميزات مثل التكرار التلقائي وتسجيل الصوت والتحكم في سرعة التكرار، وغيرها من الميزات الهامة التي تساعد على تحسين عملية حفظ القرآن.
• الابتعاد عن العوائق التي تحول دون تحقيق الهدف، مثل الانشغال بالمشاغل اليومية والتشتت الذهني، والالتزام بالعملية الشخصية لحفظ القرآن الكريم.
10 نصائح عامة تساعد على حفظ القرآن الكريم:
- الاهتمام بتعلم القواعد النحوية والصرفية والمفردات القرآنية، حيث تساعد هذه العناصر على فهم المعاني القرآنية بشكل أفضل.
- الاهتمام بتدبر المعاني والأحكام القرآنية وتطبيقها في الحياة اليومية، حيث يساعد ذلك على تثبيت الآيات والسور في الذاكرة بشكل دائم.
- تنظيم الوقت وتحديد ساعات محددة لحفظ القرآن الكريم، والالتزام بها بشكل منتظم.
- الاهتمام بالتغذية الصحية والنوم الكافي، حيث يساعد ذلك على تحسين الذاكرة وزيادة الانتباه والتركيز.
- الصلاة بالمحفوظ من القرآن وتلاوته في الصلوات الخمس والصلوات النافلة.
- الاستمرارية والمثابرة، والتفاني في عملية حفظ القرآن الكريم حتى الوصول إلى الإتقان.
- الاستماع إلى التلاوات المشهورة والمقتدرة، التي تساعد على تحسين التلاوة والترتيل وزيادة الاستيعاب للمعاني القرآنية.
- الابتعاد عن العوائق التي تحول دون تحقيق الهدف، مثل الانشغال بالمشاغل اليومية التي تؤدي إلى التشتت الذهني.
- ينبغي تحديد وقت محدد لحفظ القرآن الكريم، ويفضل أن يتم ذلك في الصباح الباكر أو بعد صلاة الفجر، حيث يكون العقل أكثر انتباهًا وتركيزًا.
- الاستفادة من التطبيقات الإلكترونية المتاحة للهواتف الذكية والحواسيب اللوحية، التي تتيح للمستخدمين الاستماع والتلاوة وحفظ القرآن الكريم بطريقة تفاعلية وسهلة، خلال العمل أو الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة.
إنّ حفظ القرآن الكريم سهل، والذين يقولون بصعوبته هم الذين يعجزون عن حفظه
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القَمَرِ 17].
موفق استاد بالفعل كل ما قلته عن حفظ القرئان الكريم صحيح وهنالك نصائح ساعدتني