يعتبر الكعب العالي موضة خاصة بأحذية النساء، تزيد من أنوثة وجاذبية المرأة في وقتنا الحالي، وما لا يعرفه الكثيرون هو أن اختراع الكعب العالي يعود زمنيا إلى عهد الإغريق القدامى حسب المؤرخين، كما وجدت رسوم مصرية قديمة على جدران القبور الفرعونية تحديدا تشير إلى أنه كان شائعا ارتداؤه في تلك الفترة ضمن أشكال بسيطة، وكان الفراعنة يرتدون الكعب العالي في احتفالاتهم وكانت الطبقات الغنية فقط تتميز به، وكان عبارة عن قطعتين يتم ربطهما برباط جلدي
وفي روما القديمة كانوا يلبسون أحذية تشبه الصنادل بكعوب سميكة مصنوعة من الخشب أو الفلين، وكانت كعوب الحذاء هي التي تحدد المكانة الاجتماعية للفرد
أما في العصور الوسطى فظهر “القبقاب” وهو نعل خشبي سميك يتم إلصاقه بالحذاء، وانتشر بشكل ملحوظ في أوروبا وذلك لمنع وصول القاذورات والأوساخ إلى القدم وذلك لأن أوروبا في ذلك الوقت كانت تفتقر أنظمة الصرف الصحي وكانت الفضلات تملأ الشوارع، لذلك كانوا يرتدون الكعب العالي حتى لاتصل تلك المياه القذرة إلى إقدامهم، وكانت مكانة الأفراد تحدد وفقا لطول الكعب.
ولعل ملك فرنسا لويس الرابع عشر أبرز مثال على ارتداء الكعب العالي فقد كان دائما يرتدى حذاءً ذا كعب عالي باللون الأحمر، وكان ذا طابع خاص يطلق علية “كعب لويس”، كما أنه أصدر قرارًا بأن الطبقة الأرستقراطية فقط هي التي ترتدي الأحذية ذات الكعوب ولا يرتدى أحد كعبًا أعلى مما يرتدى هو
إلا أن الظهور الفعلى له بدأ عام 1533 في فرنسا حينما ارتدت كاثرين دي مدسيس في حفل زفافها على الملك هنري الثاني أول حذاء بكعب عال حقيقي، وكان هذا الحذاء قد صنع خصيصا لها في مدينة فلورنسا بإيطاليا.
وفي هذه الفترة ظهرت موضة الكعب العالي في كامل أوروبا، وكان يلبسه الرجال والنساء على حد سواء، لكنه لم يتجاوز العشرة سنتمترات إلا على يد الإسكافي الشهير نيكولاس لوستاج الذي صنع للملك لويس الرابع عشر حذاء عاليا مزينا برسومات تمثل انتصاراته في الحروب التي خاضها. ومع أن هذا النوع من الأحذية كان موجها للرجال إلا أنه سرعان ما أممته النساء واستأثرن به لصالح زينتهن، ورويدا رويدا أصبح الكعب العالي ملكية خاصة لهن، وأصبح مرادفا للأنوثة والأناقة عبر الزمن…أليس هذا دليلا على كون النساء يستطعن دائما انتزاع ما يردنه من الرجال؟
أما اشهر ما قيل عن الكعب العالي فقد كان عبارة الموسيقار المصري الشهير محمد عبد الوهاب حيث قال: أنوثة المرأة تبدأ من الكعب العالي”، وهي جملة أوافقها رغم أنف هيبوقراط…إذ يفترض أن كوني طبيبة يلزمني بأن اعترض على هذا القول حفاظا على الصحة العامة، لما يسببه هذا الحذاء من مشاكل في الظهر والمفاصل وفي عضلة الساق، ومن تقليص لكمية الدم التي تصل إلى الدماغ مما يسبب الصداع وقلة التروية، إلا أنني بعيدا عن كل هذا الذي قد قلته هنا إرضاء لضميري الطبي…أظل أشعر أن هناك فلسفة خاصة في الكعب العالي، فلسفة تتمثل في اقترابنا قليلا أكثر من السماء في محاولة للابتعاد عن الأرض: الاقتراب أكثر من الطموح..من الحلم…من أنوثتنا التي نحتاج دائما إلى الإحساس بها وبتفاصيلها بشكل أجمل، حتى نغلق شباك صمت العتمة ونفتح بابا لموسيقانا الداخلية أو ربما حتى نشعر بوحشة أقل في طرقات علينا أن نمشيها بمفردنا حاملين رغبة في الابتسامة.