لم يكن يعلم ان شراء كتاب سيرسله لعالم آخر، عالم عجيب به حرب طاحنة وان عليه ان يحارب فيها من أجل العودة إلى عالمه
أورا
حرب الممالك
سطعت شمس أرجوانية في سماء ذلك العالم الكبير فلونت السماء بذلك اللون الأرجواني الجميل، وفي الأسفل على الأرض وقف ملوك الجيوش الثلاثة من القناطير والأقزام والفونتات ينظرون إلى الجبال أمامهم التي وقفت شامخة كحراس أقوياء يدافعون عن أرضهم، بينما أنتشر الضباب بين تلك الجبال فلم يستطع أحدهم رؤية شيء.
تحدث ملك الأقزام وقال لملوك القناطير والفونتات:
“يبدون أنه سيكون يوما طويلا”
أجابه ملك الفونتات بهدوء:
“لا تقلق يا صديقي سوف ننهى هذا الأمر سريعا”
تدخل ملك القناطير قائلا:
“لا أعتقد ذلك يا عزيزي، أنظر هناك”
وأمام الجميع خرج جيش من المسوخ من وسط الضباب المنتشر بين الجبال، مسوخ ذات هيئة مخيفة خرجوا في صفوف كبيرة حاملين سيوف ورماح قوية وعلى وجوههم شر عظيم بينما تحرك قائدهم ووقف أمامهم وهو ينظر بغضب إلى الملوك الثلاثة.
قال ملك الأقزام ضاحكا:
“ألم أخبركم يا أصدقائي أنه سيكون يوما طويلا”
وأشار قائد المسوخ لجيشه فركضت المسوخ نحو الجيوش الأخرى وهتف ملك الأقزام “فلتحيا أورا”. وأنطلق الملوك الثلاثة نحو جيش المسوخ وتبعتهم الجيوش الثلاثة من القناطير والأقزام والفونتات.
وبدأت المعركة، والتحمت الجيوش مع بعضها، وعلت صوت اصطكاك السيوف وتناثرت الدماء هنا وهناك، لكن فجأة سمعا الجميع صوت بوق كبير أنطلق من مكان ما بين الجبال الضبابية.
ومن وسط الضباب خرج ذلك الكائن المخيف، مخلوقا جبارا يتخطى الثلاثة أمتار طولا وله شكل مخيف ثم أنطلق نحو الملوك الثلاثة لقتلهم
وقد كانت النهاية.
*****
نيويورك- السبت- الساعة الخامسة مساءً
خرج “آدم” من العمل بعد انتهاء يوم شاق وأتجه في طريقه نحو المكتبة كعادته لشراء كتاب جديد ليقرأه في يوم العطلة الأسبوعية لكنه سمع صوت رسالة واردة على هاتفه، أنه صديقة “وليام” يخبره بوجود مكتبة قديمة تحتوي على كتب الخوارق والخيال القديم فهو يحب هذه النوعية كثيرا.
أستقل الشاب سيارته وأتجه نحو العنوان الوارد في الرسالة وبعد نصف ساعة كان يقف أمام المكتبة، وكانت بالفعل مكتبة قديمة من منظرها، ودخل “آدم” فوجد رجل عجوز أسيوي يجلس بهدوء على مكتبه وأمامه طرقا صغيرة من أرفف خشبية تحوي الكثير من الكتب القديمة.
ألقي “آدم” التحية علي الرجل وسأله باهتمام:
“مرحبا، أريد كتبا تتحدث عما وراء الطبيعة والخوارق”
لم يجبه الرجل وانما أشار له بيده إلى آخر صف لأرفف الكتب فأتجه الشاب إلى هناك ووقف يطالع الكتب القديمة باهتمام. في آخر الصف من الناحية الأخرى كان هناك باب خشبي قديم، وبينما كان “آدم” يتطلع إلى الكتب سمع صوت الباب وهو يفتح ببطيء فنظر إليه لكنه لم يجد أحد فنظر نحو صاحب المكتبة فوجده يجلس كما هو شارد الذهن فعاد يتطلع إلى الكتب مرة أخرى.
وشعر الشاب بهواء بارد يأتي من الباب المفتوح وعندما نظر نحو الباب حدث شيء غريب، فجأة رأى “آدم” مشهد معركة كبيرة بين مخلوقات عجيبة لا يراها ألا في أفلام الخيال العلمي، وسمع صوت اصطدام السيوف ووحوش مخيفة تركض هنا وهناك. كل هذا شاهده الشاب في ثوان قليلة ثم أختفى ذلك المشهد تماما.
وقف “آدم” مذهولا مما رآه فترك الكتاب الذى كان يمسكه وذهب نحو الباب المفتوح بقدمين ثقيلتين ونظر عبر الباب ليجد سلم خشبي صغير يقود إلى قبو المكتبة فنزل درجات السلم ببطء ليري مئات من الكتب متراصة فوق بعضها البعض.
رأى آدم ضوء صغير يأتي من بين الكتب المتراصة فتقدم ببطء نحو الضوء الذى أختفى فجأة تاركا خلفه كتاب قديم مضي عليه الزمن له غلاف جلدي سميك كتب عليه بأحرف من ماء الذهب
«أورا»
وعندما فتحه آدم خرج ضوءا أبيض قوى من الكتاب ملء القبو كله ثم اختفى فجأة واختفى معه آدم
اختفى نهائيا.
*****
فتح “آدم” عينيه ليجد نفسه راقدا فوق أرض عشبية خضراء وحوله الكثير من أشجار الفاكهة كما رأى منازل تشيه إصطبلات الخيل في عالمنا، كان الخوف والدهشة يسيطران عليه فقام ونظر حوله ليرى مجموعة من النساء يقفن بالقرب منه وينظرن إليه بدهشة كبيرة. لم تكن نساء بشكل كامل بل لقد كانت مخلوقات عجيبة، أنها القناطير نصفها العلوي إنسان ونصفها السفلي حصان.
تطلع “آدم” أليهم بدهشة كبيرة وحاول أن يقول شيئا لكنه لم يستطع وفي تلك اللحظة سمع صوتا من خلفه يقول:
“ما هذا؟”
ألتفت الشاب ليجد أحد الذكور من القناطير وقد كان أحد الحراس فقال الشاب وهو يقاوم دهشته:
“أنا تائه، لا أعلم ما هذا المكان؟ وما الذي جاء بي هنا؟ أنني…”
لكن القنطور قاطعه بخشونة قائلا بغضب:
“أنت من للجوبلز… كيف جئت هنا؟… ستموت الآن”
ثم أخرج القنطور سيفه ليقتله وتراجعت الإناث في تلك اللحظة من الخوف لكن “آدم” ركض سريعا من أمامه، ركض هارب بحياته لا يعلم أين يختبئ؟
وركض القنطور خلفه محاولا قتله ورأى “آدم” غابة صغيرة أمامه تبعد حوالي مائتي متر فركض نحوها وهو يرتعد من الخوف هاتف بفزع “يا اللهبي ماذا يحدث لي؟”
كان القنطور الذي لديه أقدام الأحصنة أسرع من “آدم” لكن الشاب كان يركض بطريقة متعرجة يمينا ويسارا وكلما انحنى إلى اليمين أو اليسار كان يتفادى ضربة سيف قوية.
وصل “آدم” أخيرا إلى الغابة وركض بين أشجارها الكثيفة محاولا الهرب من القنطور الذي لم يستطع دخول الغابة لسبب ما لكنه ابتسم بخبث إلى “آدم” وتركه عائدا إلى قرية القناطير.
وقف الشاب يلتقط أنفاسه بصعوبة بعدما ركض هاربا من قبضة القنطور، ونظر حوله ليجد أشجارا عالية لم يستطع رؤية نهايتها لكثرة ارتفاعها وبين الأشجار كانت هناك تلال صغيرة تعلو وتهبط أمام عينيه بشكل غير منتظم.
أسند ظهره إلى شجرة عملاقة محاولا التقاط أنفاسه وكان يحادث نفسه قائلا “ما هذا العالم؟ أين أنا؟ ما الذي فعلته وماذا حدث في تلك المكتبة اللعينة؟ هل هذا حلم؟ لا أنه كابوس”
وبينما كان يجلس أسفل الشجرة شعرا بحركة ما فوق رأسه فنظر لأعلى ليجد ثعبان كبير برأسين يزحف على الشجرة نزول نحوه محاولا التهامه لكن فجأة فتحت الشجرة فمها والتهمت الثعبان بسرعة.
وقف “آدم” فارغا فاه مما حدث للتو وذادت دهشته عندما لاحظ وجود أكثر من فم لتلك الشجرة فتراجع ببطيء وهو يخشى أن يكون هو الوجبة التالية.
وعندما كان يتراجع ببطيء سمع من خلفه صوت آخر، صوت رفيع مثل صوت الغيطان فنظر الشاب للخلف ثم تراجع بسرعة حتى تخبطت قدميه وسقط على الأرض، كان أمامه حشرة جراد كبيرة في حجم حصان ولها ثماني أعين فوق بعضها ولها ذيل طويل كالفئران.
أن صعق الشاب وهتف بخوف “يا إلهي”
لكن فجأة أنطلق شعاع من الضوء الأبيض نحو الجرادة وغلفها كفقاعة كبيرة فبدأحجمها يتقلص إلى أن أصبح في حجم الفأر تقريبا بينما في اللحظة التالية خرج كائن مخيف من الأرض العشبية يشبه الديدان وأنقض علي الجرادة وسحبها إلى جحره تحت الأرض.
نظر “آدم” إلى مصدر شعاع الضوء فوجد أرنب كبير في حجم الكانجرو يرتدى زي ملكي وله لحية وشارب كبيرين وقف يتطلع إليه في صمت ثم قال أخيرا:
“يقولون إنك من للجوبلز، لكنهم مخطئون”
ثم أدار ظهره إلى “آدم” وسار بعيدا نحو قرية القناطير وهو يقول:
“إذا أردت أن تبقى حيا فلتأتي معي وألا أصبحت وجبة سهلة لوحوش الغابة”
سار “آدم” خلف الأرنب سريعا ليجد نفسه خارج الغابة لكنه رأى الكثير من جنود القناطير في انتظاره فتراجع قليلا لكن الأرنب طمأنه قائلا:
“لا تقلق لن يؤذوك وأنت معى” تنفس الشاب بصعوبة من شدة التوتر والخوف وقد تصبب عرقا فما رآه حتى الآن كثيرا جدا ولا يصدقه عقل.
ركب الأرنب فوق ظهر أحد القناطير وركب “آدم” فوق واحد آخر وسار الجميع إلى أن وصلوا إلى قصر الملك – ملك القناطير – وعبروا بوابات القصر ورأى “آدم” الجمال الساحر في كل شيء في محتوايات القصر.
وفي بهو القصر الملكي وقف في انتظار الملك وبعد قليل من الوقت ظهر قنطورا ضخما يرتدى تاج ذهبي كبير مرصع بالماس فانحنى الأرنب قائلا:
“فليحيا الملك دينوس العظيم”
وانحنى الجميع تحية للملك عدى “آدم” الذي لم يدر ماذا يفعل؟
فنظر له الأرنب وهو منحنى ففعل الشاب مثلهم، ثم أعتدل الجميع وقال الملك دينوس موجها حديثة لآدم:
“ماذا تفعل في وأدى القناطير؟ ومن أين جئت؟”
تلعثم “آدم” في الحديث وهو يقول:
“أنا… تائه، لا أنا… لست من هنا”
ظهر الغضب واضحا على وجه ملك القناطير لكن الأرنب أسرع يقول
“مولاي الملك دينوس، إن هذا المخلوق خائف بسبب ما رآه في الغابة، فلنمهله بعض الوقت”
قال الملك “دينوس” آمرا حراسه “ضعوه في السجن”
ونظر “آدم” إلى الأرنب لكن هذا الأخير طمأنه بنظرة من عينيه وأصطحب الحراس “آدم” ووضعوه في أحد سجونهم وحيدا.
*****
بنحو ثلاثة طوابق تحت سطح الأرض وسط الظلام الرهيب وفي مكان يشبه الكهوف الصخرية قبع ذلك المخلوق المخيف، كان مقيد اليدين والأقدام بأغلال حديدية كبيرة وكان في حالة سبات عميق لكنه فجأة فتح عيناه وقال بصوت غليظ مخيف ارتجت الجدران على أثره “استيقظوا يا صغاري الأعزاء، تعالوا إلى، لقد حان الوقت”
*****
جلس “آدم” وحيدا في سجن القناطير ومرت عليه ثلاثة أيام حسب تعاقب الليل والنهار شعر فيها بالخوف أكثر وأكثر، كان بالكاد يأكل الذي يحضره الحراس إليه والذي كان من الفاكهة فيبدون أنها طعامهم الوحيد.
وفى اليوم الرابع جاءه الأرنب الكبير في زيه الملكى ورأى “آدم” الحراس تنحنى له ويحترمه الجميع وعلم بعد ذلك أنه الكاهن الأعظم لمملكة القناطير. أصطحبه الأرنب الكبير إلى القصر ثم دخل به إلى غرفته والتى كانت تحتوى على مكتب كبير عليها خرائط صنعت من جلود حيوانات وعلى الجدران كانت هناك خريطة كبيرة تأخذ نصف مساحة الجدار تقريبا.
سأل الكاهن “آدم” بهدوء “من أين جئت؟ وماذا تفعل هنا؟”
أجابه الشاب بعدما شعر بالطمأنينة معه:
“أننى من مدينة نيويورك ولا أعلم كيف جئت إلى هنا ولا ما هذا المكان العجيب؟ آخر ما أذكره هو الكتاب”
سأله الكاهن بسرعة “أى كتاب؟” وقص عليه “آدم” ما حدث معه حتى أنتهي من حديثه فأشار الأرنب نحو الخريطة الكبيرة المعلقة على الحائط وقال لآدم:
“أخبرنى من أين أنت؟”
فنظر الشاب إلى الخريطة لكنها لم تكن خريطة عالمه المعروفة لكنها كانت لأرض كبيرة تدعى “أورا” ويفصل هذه الأرض نهرا كبيرا وهو نهر “سالوين” الذي يقسمهما إلى الشمال والجنوب، وفي الشمال توجد جبال الضباب التي تقطن بها مسوخا ” للجوبلز ” المتوحشة وبجوارها الغابات السوداء التي يسكنها الجان. بينما في الجنوب يتفرع نهران صغيران من نهر سالوين الكبير فيقسمانه إلى ثلاث أراض تقبع فيها الممالك الثلاثة، مملكة الفونتات وهي كائنات عبارة عن نصف إنسان بأقدام ماعز ولها قرنان صغيران في رأسها وذيل صغير ويفصل بينها وبين مملكة الأقزام نهر أركون.
أما الأقزام فهم قوم صغار يشبهون البشر لكنهم قصار القامة ولهم أربع أذرع وعين واحدة في منتصف الوجه ولهم لحية كبيرة وشارب كثيف. ويفصل بين مملكة الأقزام ومملكة القناطير في الغرب نهر ما كيندي، لكن مملكة الأقزام هي الأكبر من حيث المساحة كما أن هناك جسر نارينا الذي يمتد من الشمال حتى الجنوب.
هز “آدم” رأسه نفيا قائلا:
“أنه ليس عالمى”
فى تلك اللحظة دخل قنطور في زى ملكى فأنحنى الكاهن الأرنب وفعل “آدم” المثل، أنه الأمير “ريفانو” الأخ الأصغر للملك “دينوس” ملك القناطير والذي نظر إلى “آدم” بأستغراب قائلا بهدوء: “أنه ليس من الجوبلز”
أومأ الكاهن برأسه مجيبا “نعم أيها الأمير أنه ليس من الجوبلز كما كنا نعتقد لكنه في نفس الوقت دليل على وجود أراض أخرى غير أورا العظيمة”
“هل نقتله؟” قالها الأمير ريفانو وأرتعد “آدم” من الخوف لكن الأرنب قال مبتسما “ليس بهذه السرعة فإن ما قاله هذا المخلوق غريبا أيضا بل يعد كارثة لكني سأذهب أولا إلى الملك لأعرض عليه ما برأسى فأنا يجب أن ألتقى بهونار وجينار علي الفور”
وأسرع مغادرا مكتبه إلى بهو القصر لمقابلة الملك.
ظل آدم وريفانو ينظران لبعض بأستغراب كبير لفترة من الوقت وأخيرا تحدث الأمير “أأنت من الجان؟”
ضحك الشاب فجأة بصوت عال ثم أعتذر للأمير عن ضحكاته لقول الأمير لكن الشاب لم يتمالك نفسه وعاد للضحك مرة أخرى مما جعل الأمير يضحك أيضا ثم بدأ الأثنان يتحدثان عن عالمهما لفترة كبيرة من الوقت.
*****
مدينة نيويورك
لاحظ الرجل الآسيوى أختفاء آدم فجأة بين جدران الكتب فتحرك متوجها نحو قبو المكتبة ونزل إليها ثم ألقى نظرة متفحصة على الكتب القديمة ولاحظ عدم وجود أحدهم في مكانه فأبتسم قليلا ثم ألتفت إلى ساعة رملية موضوعة فوق صف صغير من الكتب وقلبها عكس موضعها فبدأت حبات الرمال تسقط في النصف الفارغ من الزجاج وقال الرجل بهدوء:
“لقد أخترت مغامرتك أيها الفتى”
ثم صعد سلم القبو وأغلق الباب خلفه تاركا حبات الرمال تسقط بشكل بطئ.
وهناك، أشرقت شمس أورا كعادتها كل صباح وأرسلت أشعة أرجوانية جميلة لتنير الممالك الثلاثة وفي مملكة الأقزام بدأ المزارعون العمل في الحقول والمراعى لزرعه الفاكهة التي تشتريها مملكة القناطير ولتربية الأبقار الزرقاء ذات الرأسين والتي تشتريها مملكة الفونتات لتتغذى على لحومها أما الأقزام أنفسهم فهم يشبهون البشر فيأكلون الفاكهة واللحوم معا.
رأى أحد العاملين من الأقزام سفينة صغيرة تحمل شعار القناطير ترسو على ضفة نهر ماكينزي ونزل منها الأرنب يرافقه آدم فهتف القزم عاليا:
“إنهم ضيوف… لدينا ضيوف من مملكة القناطير”
وكان هتافه بداية لشيء ما، فأجتمع العمال من الأقزام واصطفوا أمام بعضهم البعض بينما وقفت الإناث خلفهم وبدأ الذكور يصفقون بأيديهم الأربعة والإناث تطلق صافرات بأفواهها ثم بدء الجميع في الرقص والغناء احتفالا بقدوم بآدم والكاهن الأرنب:
مرحبا بك في مملكة الأقزام:
هنا تجد السلام والوئام
في أراضينا ينمو الأخضر
مذاقه حلو مثل السكر
ستأكل من كل صنف ولون
ستأكل حتى تمتلئ البطون
وستغادر راضيا كأنك أمير
وستعود تاليا لتردي الجميل
مرحبا بك في مملكة الأقزام
هنا تجد السلام والوئام
كانوا يغنون وهم يرقصون ويقفزون في كل مكان وكأنه حفل كبير ضم الممالك الثلاثة وكان آدم سعيدا في هذه المملكة التي يملؤها المرح كثيرا. وسار الاثنان حتى وصلى إلى قصر الملك وطلب مقابلة الكاهن “هو نار” وما هي إلا لحظات قليلة حتى جاء الكاهن هو نار مبتسم ورحب بصديقه الكاهن- أسعار – مصافحا إياه ثم نظر إلى آدم قليلا وانعقد حاجباه ثم نظرا إلى أسعار الذي قال بهدوء:
“دعنا نجلس في غرفتك”
ذهب الثلاثة إلى غرفة الأرنب هو نار وهناك جلس الجميع ونظر هو نارا إلى أسعار متسائل فقال الكاهن:
“إنه ليس من للجوبلز يا أخي العزيز، لقد كنت على حق توجد أراض أخرى غير أورا”
قفز الكاهن هو نار من مكانه صائحا “كنت أعلم هذا”
أشار إليه أسعار أن يهدأ فجلس الأرنب وسأله بهدوء:
“لكن كيف جاء إلى هنا؟”
“لا أعلم أنه يتحدث عن كتاب ما أحضره إلى هنا”
فكر الكاهن قليلا وقال بحزن “ليت المعلم – ليو- كان هنا”
تسائل آدم في تلك اللحظة “من هو ليو؟”
أجابه أسعار كاهن مملكة القناطير قائلا:
“أنه معلمنا الأكبر، معلم الكهنة في أرض أورا العظيمة، لكنه أختفى بعد معركة الجوبلز في الشمال”
قال هونار بأهتمام “لابد من أجتماع للكهنة يا أخى أسغار، لا بد من أن يأتى جينار إلى هنا”
أومأ أسغار برأسه موافقا “نعم أوافقك الرأى، لابد أن نتشاور فورا” وعلى الفور قام هونار مغادرا الغرفة وأعطي الحارس الواقف أمام غرفته مظروفا صغيرا من جلد البقر:
“فلتأخذ هذه الرسالة إلى الكاهن جينار في مملكة الفونات وأخبره أن لقاءنا سيكون غدا عند أكتمال القمر”
أسرع الحارس لتنفيذ الأمر بينما في داخل الغرفة قال آدم للأرنب أسغار: “أننى أتوسل أليك أن تساعدنى، لابد أن أعود إلى عالمى فأنا لدى زوجة وأطفال” ثم بكى الشاب، بكى من خوفه وتوتره فربت الكاهن أسغار على ظهر آدم وهو يقول مبتسما:
“لا تقلق أيها الغريب لن أتركك، هذا وعدى لك ونحن الكهنة في أورا لا نخلف وعدنا أبدا”
“لا تقلق أيها الغريب فأنت في أرضنا ولن يمسسك شئ أبدا”
قالها الكاهن- هونار- وهو يدخل الغرفة في تلك اللحظة وجلس بجوار آدم مهدئا أياه لكنه نظر إلى الكاهن أسغار دون أن يشعر آدم وقد كانت نظرته ذات مغزى، نظرة تتعلق بمصير آدم في هذا العالم الكبير،
عالم أورا.
*****
هناك في جبال الضباب في شمال أرض أورا تحرك شيء ما أسفل تل صخري، كان أرنبا صغيرا يسير باحثا عن طعام له لكن فجأة أطبقت عليه مخالب حادة ورفعته عاليا ليرى الأرنب الصغير المذعور عينين مشقوقتين طوليا تشبه عين الثعابين تماما، ثم أطبقت أنياب حادة على رأس الأرنب المسكين فانتزعته من مكانه وبدأت في التهامه بوحشية.
لقد كان هذا أحد المسوخ التي تسكن جبال الضباب، أنهم الجوبلز، مسوخ بشعة الهيئة لهم ذراعان كبيران في نهايتهما مخالب حادة وقدمان تشبهان أقدام القرود وبها حوافر كبيرة بينما رؤوسهم كبيرة صلعاء ليس بها شعر وعيونهم كعين الثعابين ولهم جلد سميك بني اللون بينما وجوههم به علامات وشقوق تشبه الحفر على الخشب. ووسط جبال الضباب يوجد كهف للجوبلز الذي تنتشر به رائحة حيوانات الميتة وبواقي العظام وتكثر بها العناكب السوداء وتسير فيه ذئاب الجوبلز وهي ذئاب في حجم الأحصنة ولها عيون صفراء مخيفة.
وفي أحد ممرات الكهف الكبير وقف – جوردون – ملك الجوبلز أمام تمثال كبير من الصخر لهذا الكائن المخيف الذي يقبع في سجن الأقزام وأخذ ينظر إليه قائلا باشتياق كبير:
“سيدي العظيم، سوف تتحرر قريبا وسوف أمتص دماء هؤلاء الجرذان من أجلك، لن أترك فيهم أحياء أبدا وسوف تصبح أنت سيد الشمال والجنوب، سيد أرض- أورا- كلها”
*****
قصص أخري للقراءة: