رفع كسوة الكعبة بحريرها وذهبها وفضتها.. قصة سحرية تُطرَّز كل عام

رفع كسوة الكعبة المشرفة قصة بدأت في دار خاصة في محلة أجياد بمكة المكرمة، تلك الحلة السعودية الأولى التي تُصنع في أروقة المدينة المقدسة، بتكلفة تجاوزت اليوم 20 مليون ريال سعودي سنويًا، تُحاك وتُطرز بأجود أنواع الحرير والذهب والفضة في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة، الذي يعد جوهرة تابعة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

في منتصف شهر ذي القعدة، تحيي المملكة العربية السعودية حدثًا مميزًا ومهمًا، وهو رفع كسوة الكعبة المشرفة. يُقام حفل سنوي في مصنع كسوة الكعبة لتسليم الكسوة الجديدة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، الذي يُكلِّف بتسليمها للرئيس العام لشؤون المسجدين الحرام والنبوي.

هذا الحدث الروحاني العظيم يجسد تلاحم المسلمين ووحدتهم حول هذا المكان المقدس، ويعزز الإيمان والتفاني للمحافظة على قدسية البيت الحرام، وفي هذا العام، تأتي هذه المناسبة بتوجيه ملكي ينص على تسليم كسوة الكعبة في العاشر من شهر ذي الحجة، مما يجعلها أكثر احتفالية ودلالة على الروحانية والتواضع أمام الله.

كسوة الكعبة 16

مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة

منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومرورًا بعهود الملوك السابقين، لا يزال الاهتمام والرعاية يتوالى لصناعة كسوة الكعبة، في بدايات الثمانينيات الهجرية، أمر الملك سعود بتجهيز مصنع الكسوة المشرفة، وكلف أخيه الملك فيصل بمهمة تنفيذها، وقد تم اختيار مبنى تابع لوزارة المالية في جرول لإنشاء المصنع الجديد، وبعد ثلاثة أشهر من العمل المتواصل، تم الانتهاء من أول كسوة تُصنع بالمصنع، وكُتب عليها إهداء خاص للكعبة المشرفة من الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود.

ومنذ ذلك الحين، استمرت هذه الرعاية والاهتمام في عهد الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، حيث تم نقل مصنع كسوة الكعبة إلى مبناه الجديد في أم الجود عام 1397هـ، وتجهيزه بأحدث المعدات والمكائن الحديثة في صناعة الحرير، ولا تزال هذه القصة الفريدة تُصنع في أبهى صورها حتى الآن.

وتحظى المملكة العربية السعودية بدعم مستمر وتطوير مستدام لهذه الصناعة العريقة،  بتوجيهات من الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، تم تحديث وتحسين الأنظمة الإلكترونية والأجهزة الكهربائية والمعدات الميكانيكية في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، مما أدى إلى تحقيق قفزة نوعية في صناعة رداء الكعبة المشرفة.

كما تم تغيير مسمى مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى “مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة”، تكريمًا للملك المؤسس، بعد أمر ملكي صدر من العاهل الحالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

صورة 1
كسوة الكعبة 14

مراحل عملية صناعة كسوة الكعبة المشرفة

تتألف عملية صناعة الكسوة من مراحل عدة، تبدأ بالصباغة والنسيج الآلي الذي يحمل العبارات والآيات القرآنية، يليها مرحلة الطباعة والتطريز بالأسلاك الفضية المطلية بماء الذهب، تليها مرحلة الحشو لإعطاء البروز والجمال للحرف في أثناء التطريز، وتتوج العملية بتركيب ستارة باب الكعبة المشرفة، أصعب مراحل تغيير الكسوة، وعند الانتهاء من هذه العملية، يرفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض ويُحرم الكعبة ليصبح جاهزًا للاستبدال.

صورة 2
كسوة الكعبة 10
صورة 3
كسوة الكعبة 8
صورة 4
كسوة الكعبة 4
صورة 5
كسوة الكعبة 4
صورة 6
كسوة الكعبة 2

رفع كسوة الكعبة المشرفة، تلك الرمزية السامية والروحانية، تُشكِّل حجر الزاوية في قلوب المسلمين حول العالم، وتجسد هذه الحلة الفاخرة مكانة الكعبة وأهميتها الدينية والثقافية، وما تحمله من رموز إيمانية عظيمة. تُعبِّر قصة كسوة الكعبة عن التراث والأصالة الإسلامية، وتستلهم العناية والتطوير لصناعتها، على مر العصور، من حُرَم هذه الأرض المقدسة، حيث يبقى تجديد هذه الكسوة السامية عملية معقدة ومبهرة تحظى بالتقدير والاحترام من قبل المسلمين في كل مكان.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.