في لحظة حماسية قوية تُشبه حرب أكتوبر 1973، شهد العالم انتصارًا تاريخيًا لفلسطين على إسرائيل في هجوم مباغت هزَّ أركان الاحتلال وأعاد الأمل والعزة للفلسطينيين، حيث أطلقت حركة حماس هجومًا عُرف باسم “طوفان الأقصى” صباح السبت الموافق السابع من أكتوبر 2023 وصفته الصحافة الإسرائيلية بأنه سيبقى ذكرى مشؤومة ووصمة عار في تاريخ الكيان الصهيوني.
أكد “يوسي يهوشع” الصحفي الإسرائيلي عبر موقع “يدعوت أحرنوت” على أن ما حدث لا يمكن التقليل منه على الإطلاق، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي وصفًا إياه بأنه “أقوى الجيوش بالشرق الأوسط” قد تفاجأ بالفعل بهجوم حركة حماس صباح هذا اليوم المشؤوم السابع من أكتوبر 2023 على الكيان الصهيوني ولم يكن مستعدًا لهذا.
عنوان المقالة: “حماس باغتت إسرائيل”
“لقد انتصرت حماس في معركة نفسية كبرى أيضًا، وستبقى ذكراها خالدة إلى الأبد”.
من ناحية أخرى أوضح “ديفيد هوروفيتز” في مقالة بعنوان “فشل ذريع لإسرائيل حين تسلل مسلحو حماس وأخذوها على حين غرة” أن الجيش الإسرائيلي كان يتوقع خلال السنوات الأخيرة الماضية بأنه تمكن من ردع حركة حماس للأبد وأنها لن تتمكن من إطلاق أي هجمات على إسرائيل خوفًا من ردة الفعل القوية التي تستهدف تدمير غزة وإراقة الدماء بها مجددًا، ولكن بعد هذا الهجوم أصبح هذا الافتراض خياليًا لا أساس له من الصحة.
فشل ذريع للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية
يقول “أموس هاريل” في مقالته التي نشرها عبر صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” أنه بعد مرور خمسون عامًا من حرب يوم الغفران شهدت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فشلًا ذريعًا على مستوى النظامين الأمني والسياسي وغاب التنبيه الاستخباري عمّا سيحدث، فبالرغم من وجود مؤشرات تُنبئ بوقوع ردة فعل قوية من جانب حماس كما حدث تمامًا في حرب أكتوبر 1973، إلا أن القوات الإسرائيلية فشلت مرة أخرى في التصدي لذلك، مُشيرًا إلى أنه لا يمكن الجزم بالهزيمة إلى أن تنتهي تلك الحرب.
عنوان المقالة: “السيناريو الكابوس”: انتصار حماس هو فشل إسرائيلي على نطاق واسع
“المقارنة التاريخية في هذه الحالة أمر لا مفر منه، من المحزن أن نقول هذا: لقد انهارت الكونسيبتزيا الإسرائيلية (المصطلح الذي يشير إلى المفهوم الخاطئ لعقيدتها الدفاعية باعتبارها معصومة من الخطأ بعد حرب يوم الغفران عام 1973) – فيما يتعلق بالسياسة، ونشر القوات للدفاع، والاستعداد لهجوم مفاجئ والغياب التام لأي تنبيه استخباراتي”.
يتابع “أموس” أنه من المؤسف أن تكون آلاف القذائف والصواريخ التي استهدفتها حماس من جنوب فلسطين إلى منطقة تل أبيب الكبري والقدس والتركيز على المجتمعات الإسرائيلية على حدود غزة ناجحة بالكامل، مشيرًا إلى أن رد الجيش الإسرائيلي سواء في هذا التوقيت أو بالأيام المقبلة سيكون قويًا للغاية ليس فقط في غزة وإنما ستشتعل النيران في عدة ساحات أخرى بفلسطين.
“في الخطوة الافتتاحية تكون حماس قد حققت بالفعل “صورة النصر” وسوف تفرح بها على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية، وفي الوقت نفسه سيجلب كارثة على التنظيم وقيادته وسكان قطاع غزة، وسترد إسرائيل الآن بقوة هائلة، ومع قيود قليلة للغاية على استخدام الأسلحة الحية في قلب المناطق الحضرية المكتظة بالسكان”.
يبدو أن هذا الهجوم المفاجئ لحماس صباح السابع من أكتوبر قد أربك الحسابات الدبلوماسية والسياسية للكيان الصهيوني، حيث يشير “أموس” بكلمات تملؤها الحسرة والاستنكار إلى أن الفشل الاستخباري الفادح للقوات الإسرائيلية جعل توقع ما يحدث بين الجبهات الأخرى بالمنطقة أمرًا مستحيلًا متمنيًا أن تكون إسرائيل قد أرسلت تحذيرات قوية للجبهات الموجودة بدمشق وطهران وبيروت لعدم تحالفهم مع حماس ووقوع المزيد من الخسائر بإسرائيل.
في ختام مقالته سأل “أموس” باستنكار ودهشة: “ماذا حدث لنا، وكيف وقعنا في مثل هذا الفخ القاتل؟”
هجوم حماس يكشف القوة الوهمية للاستخبارات الإسرائيلية
في مقالة أخرى للكاتب نفسه عبر صحيفة “هآرتس” يقول “أموس” أن النظام الإسرائيلي بأكمله قد انهار في لحظة واصفًا ذلك بالكارثة، فقد عارضت إسرائيل من قبل الجيش المصري وحزب الله ولكن هجوم حماس “طوفان الأقصى” تلك المرة كان أقوى بالرغم من أن جماعة حماس تشكل عددًا محدودًا عكس الضربة التي تلقتها إسرائيل على أيدي الجيش المصري بحرب أكتوبر، حيث تمكنوا من اختراق الجدار الضخم الذي تم بناؤه ببواباته التشغيلية على طول السياج الحدودي بشاحنات صغيرة دون القدرة على مقاومتهم.
أشار “أموس” إلى تحذيرات “يوسي لانجوتسكي العقيد الإسرائيلي المتقاعد” التي نشرها مسبقًا عام 2018 وقوله بأن هذا الجدار الذي تبنيه القوات الإسرائيلية في قطاع غزة سيتم انتهاكه فورًا إذا حدثت أزمة وهذا ما حدث بالفعل، واستنكر تجاهل القيادات الإسرائيلية تلك الإشارات التي كانت تُنبئ بوقوع مثل هذا الحدث موجهًا اتهامه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتحميله المسؤولية الكاملة عن الفشل السياسي والأمني.
عنوان المقالة: الحرب بين إسرائيل وغزة: فشل كارثي من شأنه أن يرسل صدمات سياسية
“لقد أصبحنا نعتمد بشكل مفرط على الحاجز المتطور تحت الأرض على التكنولوجيا، لقد أقنعنا أنفسنا بأن حماس مترددة وخائفة، وأننا سنتلقى دائمًا تحذيرات استخباراتية في الوقت المناسب، كنا نظن أننا نعرف كيفية تحليل نواياهم وأفكارهم، سيكون اليقظة أمرًا صعبًا.
“كنا نعيش في واقع وهمي منذ سنوات”
يوم العار للكيان الصهيوني
في مقالة أخرى صدرت عن صحيفة “هآرتس” وصف الكاتب الإسرائيلي “ألون بينكاس” هجوم حماس “طوفان الأقصى” بأنه “كارثة إسرائيلية ملحمية” مشيرًا إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي والدولة الإسرائيلية بأكملها بقيادة رئيس الوزراء فشلت فشلًا ذريعًا في الدفاع عن مواطنيها وحمايتهم وألقى باللوم على نتنياهو مشددًا على ضرورة محاسبته فور انتهاء الحرب.
عنوان المقالة: 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023: التاريخ الذي سيظل في حالة من العار في إسرائيل
“لا يمكنك المبالغة في تقدير حجم وموجات الصدمة المدوية لهجوم يوم السبت على إسرائيل، هذا هو يوم الغفران 1973 مرة أخرى، مع فارق أساسي واحد: الخسائر التي لحقت بإسرائيل في عام 1973 (3000 قتيل) كانت على حساب الجيش، لقد أودى هجوم يوم السبت الذي من المؤكد أنه سيتصاعد بحياة مدنيين وأرعب بلداً بأكمله، وكان مهينًا بقدر ما كان مميتًا”.
استنكر “ألون بينكاس” الفشل المأسوي لقوات الاستخبار الإسرائيلية في التعامل مع هجوم حماس أو التوقع والاستعداد له تكتيكيًا حتى وإن كان البعض يرى عدم تخطيط قوات حماس لأي شيئًا مما حدث وأنها كانت تسعى لأهداف محدودة، وأشار إلى أن افتراض البعض بأن حركة حماس أو جماعة الجهاد الإسلامي الفلسطيني تسعى لحكم قطاع غزة قد أنهار على عقولهم قصيرة النظر والمتغطرسة مختصًا بذلك رئيس الوزراء نتنياهو والجيش الإسرائيلي.
“لقد انهارت الفكرة القائلة بأن إسرائيل قادرة على تعزيز قوة حماس بشكل فعال من أجل إضعاف السلطة الفلسطينية وجعل أي حل سياسي غير قابل للتطبيق، بطريقة أكثر وضوحًا وتدميرًا ودمويةً”.
بختام حديثه أكد “بينكاس” على إنه بالرغم من كون هجوم حركة حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي بسبب أزمة إسرائيل السياسية، أو تعبير عن رفض صفقة التطبيع مع السعودية التي تقلل من الفلسطينيين، ولكن سيبقى تاريخ السابع من أكتوبر وصمة عار على الكيان الصهيوني.
“يوم السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر كان بمثابة تغيير لقواعد اللعبة، اليوم الذي سيعيش فيه العار”.
بالرغم من الإشارة المتكررة إلى رد فعل الكيان الصهيوني على هجوم “طوفان الأقصى” ولكن هذا التاريخ سيظل شعاع النور الذي أضاء الأمل من جديد للشعب الفلسطيني في مواجهة الظلم والاستبداد.