منذ أعلنت وسائل إعلام أمريكية عن قيام مصر بإنشاء المنطقة العازلة على حدود رفح، وتجريف وتمهيد مساحة كبيرة من الأرض على الحدود، تمهيدًا لأعمال إنشائية مزمعة هناك، والمصريون والعالم كله يتوقون لمعرفة تفاصيل ذلك.
قبل يومين، أعلنت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، وقناة CNN عن صور للأقمار الصناعية، تُبين أن مصر بصدد إنشاء منطقة عازلة عند حدودها مع رفح، تبلغ مساحتها ما يقارب 13 كيلومترًا مربعًا، وأنه يُعتقَد أن تلك المنطقة ستنشأ بغرض إستيعاب حوالي 100.000 نازح فلسطيني، حال بدء إجتياح غزة من قِبل الجيش الإسرائيلي.
ثم تأيّد الخبر بفيديو بثته “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” ومقرها لندن، يوضح المعدات وسير الإنشاءات في الموقع، وتمهيد الأرضية، وشق طرق بها، وإحاطة الموقع بسور بإرتفاع 6 أمتار، وذلك على صفحتها على منصة X مؤكدة أن الغرض من إنشاء الموقع، هو إستقبال الغزيين النازحين من رفح.
حصلت مؤسسة سيناء على مواد مصورة جديدة تؤكد ما نشر أمس عن قيام السلطات المصرية ببناء منطقة أمنية عازلة محاطة بأسوار في مدينة رفح المصرية شرق سيناء.
وتظهر المواد الجديدة ما أكدته مصادر المؤسسة بالبدء في إنشاء منطقة معزولة محاطة بأسوار على الحدود مع قطاع غزة بهدف استقبال لاجئين حال… pic.twitter.com/EzeI4XDX34
— Sinai for Human Rights (@Sinaifhr) February 15, 2024
وقد تناقضت هذه الأنباء مع التأكيدات المصرية التي صدرت من مختلف المستويات السياسية بها، من أن مصر لن تسمح بدخول الغزيين إلى سيناء، ومما زاد من التناقض والغموض، تأخر إجتياح رفح، الذي تلوّح به القيادة الإسرائيلية منذ أكثر من 20 يومًا.
ومن الملاحَظ في الأسابيع الأخيرة، أن المفاوضات والترتيبات بشأن حرب غزة، باتت تأخذ طابعًا غامضًا ومنغلقًا، وأن ما يُثار بشأنها في وسائل الإعلام، يدخل في باب التكهنات والإستنتاجات، بأكثر مما يدخل في باب الحقائق والمعلومات.
فزيارة ويليام بيرنز ـــ مدير الCIA الأخيرة لمصر، التي أعقبها بزيارة إسرائيل، لم يصدر عنها أي تصريح رسمي من أي جهة، يبين ما أفضت إليه مساعي المسئول الأمريكي الرفيع المستوى، والذي لابد من أن تنتج تحركاته نتائج معتبرة.
ولكن يمكن من باب التكهنات والإستنتاجات أن نحصر الأحداث اللاحقة لجولة بيرنز، الذي بمجرد عودته إلى الولايات المتحدة، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن بيانًا أكد فيه نية بلاده الإعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وأعقب ذلك، بإتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي، إستغرق 40 دقيقة.
وقد تزامنت هذه الأحداث مع إذاعة أنباء إنشاء المنطقة العازلة على حدود رفح، وسط صمت رسمي مصري، إلى أن صرح د. ضياء رشوان ـــ رئيس الهيئة العامة للإستعلامات المصرية، يوم السبت، بأن إنشاء المنطقة العازلة على حدود رفح، لا علاقة له بتهجير سكان غزة، بتاتًا.
أعقب تصريح رشوان، تصريحات للدكتور سمير فرج، رئيس هيئة الشئون المعنوية للقوات المسلحة “الأسبق” أكد فيها نفس المعنى، و زاد على كلام رشوان، بأن المنطقة العازلة على حدود رفح، هي منطقة لوجستية لتنظيم إدخال المساعدات إلى غزة، ولتشوين الخامات والمعدات واللازمة لعملية إعادة إعمار غزة، بعد الحرب.
وفي تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري، أكد فيها على ثبات موقف مصر الرافض لمسألة تهجير سكان غزة، وذَكَرَ كلامًا غامضًا عن “الضرورة الإنسانية” التي قد تلجأ مصر للتعامل معها، وذلك في معرِض إجابته على سؤال عن المنطقة العازلة على حدود رفح.