تحسين ذاتك هي عملية مستمرة تسعى إليها دائمًا، ومن خلالها تحاول أن تطور قدراتك ومهاراتك وإمكانياتك، ولابد أن يشمل هذا بالطبع تحسين الصحة الجسدية والعقلية، وأن تكتسب مهارات جديدة، وتطور علاقتك الشخصية، ولتحقيق أهدافك بشكل محدد، نقدم لك في هذا المقال 8 أسئلة مهمة تساعدك إنجاز تجربتك لكي تكون من تريد:
السؤال الأول: ما الذي أريد أن أكونه؟
هذا السؤال يجب أن تطرحه على نفسك قبل أن تبدأ في رحلتك لتحسين الذات ويجب أن تعرف أهدافك ورغباتك؟ وما يمكن أن يجعلك سعيدًا.
فهل شعرت يومًا أنك ليس ذات الشخص الذي يعتقده الآخرون؟ فقد تتخيل نفسك شخص آخر مختلف عن الذي يراه الناس، وعلى الرغم أنه من الصعب ويبدو مستحيل إعادة اختراع نفسك، إلا أنه يجب أن تكون الشخص الذي تريد أن تكونه، ومن هنا إذا أردت أن تبدأ، ربما تحتاج مراجعة مقال: 8 خطوات للتعرف على ذاتك الحقيقية أولًا، ثم تنطلق إلى السؤال الثاني.
السؤال الثاني: ما الذي يميزني وما يجعلك فريدًا؟
كل شخص بطبيعة الحال لديه صفاته وقدراته الفريدة. فما هي تلك الأشياء التي تجيدها؟ وما الذي يجعل منك شخصًا مختلفًا عن الآخرين؟!
فما عليك إلا أن تكتب ما يجعلك فريدًا ومميزًا، فسوف يساعدك هذا في فهم من تكون، لأنك سوف تعلم ما يجعلك مختلفًا، وهذا جزء أساسي من اكتشاف الذات ويسمى بالتمايز، فكل شخص لديه مواهب خاصة وفريدة عمن حوله، ومن خلال سرد وكتابة هذه الصفات الإيجابية والتي تشكل جزء لا يتجزأ من هويتك الحقيقية، فبذلك أنت تفصل ذاتك عن الضغط والتأثير السام الذي قد يسببه لك مَن حولك.
السؤال الثالث: ما الذي يحفزني ويجعلني سعيدًا؟
فما الذي يجعلك تشعر بالطاقة؟ وما الذي يجعلك ترغب في النهوض من على السرير وتبدأ يومك بنشاط؟! كل هذا إجابته ببساطه: كل ما يجعلك سعيدًا هو ما يشعرك بالطاقة ويجعلك أكثر نشاطًا في باقي النواحي.
فحدد الذي يجعلك سعيدًا، وقم بعمل قائمة بكل ما يجعلك سعيدًا وتستمع به، ثم اسأل نفسك لماذا تلك الأشياء تجعلني سعيدًا؟ وهل تستريح من خلالها في أوقات التوتر والأوقات المزدحمة بالعمل؟ وهل تخرجك هذه الأشياء من الملل والضيق؟ ومن خلال الكشف عن كل هذه الأسئلة سوف تكتشف الأسباب التي تجعلك سعيدًا، وبالتالي سوف تكون أكثر طاقة ونشاط، وكذلك سوف تعرف ما يجعلك غير سعيد، وبالتالي سوف تكون حينها أقل طاقة ونشاط.
فبمجرد أن تكتشف ما يجعلك سعيدًا، حاول قضاء وقتًا أطول في تلك الأنشطة والممارسات.
السؤال الرابع: ما هي العقبات التي قد أواجهها؟
يجب أن تكون مستعدًا لتلقي العقبات في طريق تحقيق أهدافك، وأهمها المخاوف وانعدام الأمن والقلق وكذلك النقد الذاتي، كل هذا قد يمنعك من تغيير ذاتك نحو ما هو أفضل. وتلك العقبات هي تلك الأفكار الهدامة والتدميرية الذاتية التي تمنعك حتى قبل أن تبدأ في إعادة اكتشاف ذاتك، وهي في كل مرة تُشعرك بموجة قوية من الخوف والشك في نفسك، وما عليك إلا أن تسأل نفسك “لماذا أشعر بهذا الخوف والشك”؟! وبمجرد أن تتعرف على سبب هذا التوتر والخوف، حينها يمكن أن تتخذ خطوات جيدة للتغلب على تلك المشاعر السلبية وتلك العقبات.
فحاول الكتابة في أجندة عندما تشعر بالخوف والتوتر والشك تجاه نفسك، وهذا لن يُشعِرك بالتحسن فحسب، بل يمكنك أيضًا أن تفكر وتكتشف لاحقًا مصدر عدم الأمان لديك.
السؤال الخامس: ما هي احتياجاتي التي لم أقم بتلبيتها؟
وهنا يجب أن تتعرف على الاحتياجات التي لم يتم تلبيتها، لأن كل شخص لديه احتياجات ورغبات. ولابد أن تكون لديك مطالب نفسية أو روحية معينة لم يتم تلبيتها حتى الآن، وبعدم تلبيتها تشعر بنقص ما في حياتك، وما عليك سوى إنشاء تسلسل هرمي لتلك الاحتياجات، وسجل في هذا التسلسل الهرمي ما يتم تلبيته وما لا يتم تلبيته، مثل:
- هل قمت بتلبية احتياجاتك الأساسية (الغذاء والماء والسكن)؟
- هل أنت تشعر بالأمان في موقعك الحالي، أو علاقاتك الحالية؟
- هل تشعر بالحب ممن حولك وفي محيطك؟
- هل تشعر أن ما تفعله أو ما تعمل مهم؟
- هل أنت في حالة رضا عن عملك أو مدرستك؟
- هل أنت في حالة رضا عن حياتك الاجتماعية؟
- هل لديك موهبة أو شيء إبداعي؟
السؤال السادس: ما هي أهدافك؟
يجب أن تجعل أحلامك محددة قدر الإمكان، ويجب أن تعود في تحديد ذلك للقائمة السابقة من احتياجاتك في السؤال الخامس، ولابد أيضًا أن يكون كل هدف واقعيًا وإيجابيًا مع التركيز على أنه خاص بقدر الإمكان بنفسك وذاتك.
إذن نحن أمام معيارين أساسيين في تحديد الهدف، غالبًا يفشل الشخص بسبب عدم مراعاتهما كهدفين محوريين.
فالواقعية في إطار الحلم معقول ويمكن تحقيقه: فإذا لم تكن قد لعبت تنس الطاولة من قبل، فإنه ليس من الواقعي أن تصبح لاعب تنس مشهورًا، ولكن من الواقعي أن تتمكن من تعلم كيفية لعب تنس الطاولة.
والإيجابية تعني أن تكون الأهداف جيدة التأثير عليك: فيجب أن تمسح أي هدف سلبي من قائمة أحلامك.
إذن يجب أن يكون الهدف عن ذاتك، وليس عن الآخرين. وبدلًا من القول: “أريد أن يحبني رؤسائي في العمل أكثر”، حاول إعادة صياغة الأمر بهدف مناسب، أي “أريد أن أصبح أكثر إنجازًا واتقانًا في العمل”.
وفي رحلتك في تحديد أهدافك يمكن الاستعانة بأدوات إضافية لتحديد الأهداف منها:
إنشاء لوحة الرؤية: ومن خلالها تصور أحلامك بشكل يومي، حيث أن هذه الطريقة يمكن أن تساعد في تحفيزك وتشجيعك. وهي عبارة عن مجموعة محددة من كل تطلعاتك وأحلامك، وعليك أن تبحث عن الصور والأشياء التي تمثل ما تريده من الحياة، ويمكن أن تكون هذه الصور لأشياء مادية مثل صور تتعلق بحياتك المهنية المثالية، أو منزل جميل، أو صور لحياة اجتماعية سعيدة، بل ويمكنك إنشاء اللوحة عن طريق لصق هذه الصور على مكان أو لوحة. ثم قم بتعليق اللوحة في المكان الذي يمكنك رؤيته فيه يوميًا، فإن رؤية هذه اللوحة سوف تجعلك تتذكر أحلامك وتعطيك تأكيد على أنك يمكنك تحقيقها، وهناك العديد من الأدوات الأخرى لتحديد الأهداف سوف نتناولها بالتفصيل في مقال منفصل بالتفصيل إن شاء الله.
تحديد جدول زمني لتلك الأهداف: سوف يكون من الأسهل أن تحدد جدول زمني لنفسك، فأين تريد أن تكون في أسبوع وأسبوعين وشهر وسنة، فما عليك إلا أن تكتب جدولك الزمني في أجندتك الخاصة، وضع معايير محددة للمهام والواجبات التي يمكنك تحقيقها، وأثناء قيامك باستكمال هذه المهام والواجبات خارج جدولك الزمني، قم بإعادة فحصها وتحفيز نفسك على إنهائها، وسوف ترى نفسك تقترب من هدفك المرحلي وأهدافك الكلية كل يوم.
ويجب أن تكون مهامك محددة وسهلة التنفيذ: فبدلًا من كتابة “كن أقل خجلًا بحلول يوم الأربعاء”، اكتب ” سوف أتحدث إلى ثلاثة أشخاص غرباء عني هذا اليوم” أو “سوف أتدرب على محادثة لمدة خمس دقائق أمام المرآة الخاصة بي”.
وامنح نفسك مساحة للفشل: قد تواجه صعوبات وانتكاسات في طريقك إلى تجديد ذاتك، فإذا فشلت، فلا تتوقف ولا تستسلم. ويجب أن تدرك أن الفشل هو فرصة إضافية للتعلم والنمو والتقدم. فلابد أن تضع خطط لمواجهة وتدارك الفشل.
السؤال السابع: كيف اكسر عاداتي السيئة:
كسر العادات السيئة هي عملية يجب معها أن تتضمن النظر عن كثب إلى سلوكك الخاص ومحاولة تحديد ما يجعلك ويدفعك إلى عادتك السيئة. ومع ذلك يمكن لأي شخص التخلص من العادات السيئة من خلال تحديد الأشياء التي تدفعه إليها وكسر دورة هذا الاندفاع، ومكافأة نفسه عندما ينجح في ذلك، وبذات الكيفية يمكن تطوير خطة مستمر لتحفيز نفسك سواءً عن الإقلاع عن العادات السيئة أو تحفيز نفسك نحو السلوكيات الصحيحة.
الأهم أن تختار الوقت المناسب لمحاولة التخلص من هذه العادة السيئة. فعلى سبيل المثال: يكون من الأسهل محاولة التخلص من عادة سيئة أثناء إجازتك أو سفرك أو وجودك لدى أقاربك، مع الوضع في الاعتبار أنه يجب التخلص من العادة السيئة في أقرب فرصة.
وحاول التحلي بالصبر: فيجب أن تضع في اعتبارك أن الأمر قد يستغرق وقت من (18) يوم إلى (66) يومًا للتخلص من عادة سيئة. ولا تثبط عزيمتك إذا ما وجدت صعوبات ومشاكل تعوق التخلص من هذه العادة السيئة في البداية.
وتذكر أن تكافئ نفسك: فلابد من مكافأة نفسك إذا قضيت يوم روتين جديد بعيد عن العادة السيئة، وبذلك تُعلِّم عقلك على ربط الروتين اليومي الجديد بالمتعة.
السؤال الثامن: هل كونت مجموعة دعم:
ربما تجد نفسك تكافح في مهنة جديدة أو تريد أن تغير شيء ما في حياتك، حينها تحتاج شخص ذو خبرة في هذا المجال يستطيع أن يرشدك، حينها يجب أن تجتمع معه أكثر من مرة لتناقشه في أهدافك، ويمكنه تقديم النصائح ومشاركتك الصعوبات التي تواجهها، ومساعدتك في اجتيازها.
وربما تحتاج تشكيل مجموعة دعم: فأثناء إعادة هيكلة واكتشاف نفسك، تحدث مع المقربين لك عن تقدمك الذي تحرزه، وربما تحتاج أن تخبرهم عن نوع الشخص الذي تريد أن تصبح عليه، وعندما تواجه نجاح أو فشل في رحلتك لاكتشاف نفسك، تحدث معهم عن أفكارك ومشاعرك، وسوف يقدم لك المقربون الجيدون تأكيدًا إيجابيًا ونقدًا مناسبًا، ويمكن لمجموعة الدعم الجيدة أن تزيد من فرص نجاحك وإنجازك وإضافة أفكار من شأنها مساعدتك.
ملحوظة مهمة: إذا أخبرك المقربون لك أنك لست بحاجة إلى التغيير، فحاول ألا تتراجع وتستمع إليهم. فعادةً تكون نواياهم حسنة تجاهك، ولكن إذا كنت أنت متأكد أنك غير راضٍ عن حالتك الحالية، فقد تكون هذه النصيحة ليست مناسبة لك، بل مُحبطة. فعليك حينها أن تشكرهم على اهتمامهم مع تأكيدك لهم أنك سوف تستمر في التغيير، وحينها سوف يبقى الأصدقاء الحقيقيون معك طوال رحلة التغيير.
نصائح مهمة:
النصيحة الأولى: اهتم باحتياجاتك أولاً:
فقد يريدك الآخرون كما أنت أو يريدونك بشكل خاص متناسب معهم، ولكن إذا أدركوا أنهم في حالة إن لم يحبوك فسوف يكون هذا شيء يحررك، لأن هذا سوف يسمح لك بالاهتمام باحتياجاتك الخاصة، وأنه يجب أن تضع سعادتك أولًا.
النصيحة الثانية: توقف عن إلقاء اللوم على الآخرين بشأن مشاكلك:
عندما تريد أن تكون ما تريد يعني أنك يجب أن تتحمل المسؤولية عن أفعالك. ومن خلال إدراك ذاتك تُدرك أيضًا أنه يمكنك التغيير، وإنك تدرك كذلك أن لديك القدرة على السيطرة على أفعالك. في حين أن الآخرين ربما يحاولون منعك من ذلك أو عرقلة أحلامك، فإن في هذه الحالة لابد أن يكون لديك القدرة على تجاهلهم واتخاذ خياراتك الخاصة بالمضي قُدمًا.
النصيحة الثالثة: كن مُحبًا لذاتك كما لو كنت الشخصية الجديدة:
ويجب أن تتذكر أنك شخص جيد وعظيم، ويمكنك أن تمدح نفسك في المرآه أو عن طريق كتابة الملاحظات الجيدة عن نفسك، فبعض الإيجابية مطلوبة تجاه نفسك في مثل هذه التجربة للتغيير، لإكساب الذات بالثقة اللازمة والاحترام اللازم.
النصيحة الرابعة: قطع العلاقات السامة:
بعض الأصدقاء لن يدعموك وسيحاول البعض منهم إقناعك بأنه من غير الممكن التغيير، بل يمكن أن تجد منهم محاولة تأنيبك وإشعارك بالذنب لمحاولتك تلك، فلا تجادلهم وحاول التركيز على تجربتك، وقل لهم ببساطة ما يخرجهم عن تركيزهم معك مثل: “إني لم أكن سعيدًا فيما قبل، وأعمل جاهدًا على أن أصبح شخصًا أفضل”. أو أن تقول “شكرًا لك على اهتمامك، وبغض النظر عن رأيك الذي لن يحيدني عن هدفي، سأظل أحترم رأيك دائمًا”. وإذا كان لديك أحدهم لا يزال يزعجك بشأن التغييرات التي تجريها على شخصيتك، فقد ترغب حينها في قضاء بعض الوقت بعيدًا عن هذا الشخص الذي يزعجك.
خاتمة:
إن تحسين ذاتك هي عملية مستمرة. فلا تتوقع أن تتغير شخصيتك بين عشية وضحاها. ولكن خذ وقتك الكامل في تجربتك الجيدة، وركز على الخطوات الصغيرة التي تبنيها في كل مرحلة.