لفت انتباهي مؤخرًا ما تفضَّلت محافظة الدقهلية بإعلأنه حول قرار السيد الدكتور “أحمد الشعراوي” محافظ الدقهلية، والدكتور “سعد مكي” وكيل وزارة الصحة بالدقهلية اللذان تفتق ذهنيهما بفكرة عبقرية لخدمة أهالي مركز ومدينة المطرية -تلك البلدة الطيب أهلها- فقررا تنظيم ما أسمَوْه بالقوافل الطبية للوقوف على الحالات المرضية التي لم تجد لها سبيلًا لائقًا للعلاج لضيق ذات اليد؛ فقاموا بتوفير قافلة لتقديم مختلف أنواع العلاج والاستشارات الطبية.
قبل أن ابدأ رحلة الشد والجذب لابد أن أوتى كل ذى حقٍ حقه وألا أنقص الناس أشيائهم؛ فتلك القوافل بالفعل تخدم أهالي البلدة لا شك ولا جدال في ذلك وخالص شكري وتقديري للقائمين عليها، ولكن..
- إلى متى سيعيش أهإلى “المطرية دقهلية” على تلك المعونات والقوافل التي لا ولم ولن أراها أنا شخصيًا سوى فضلات الطب وأهله يَمُنُّوَن به على أهل المطرية، يقيمونها بمناطق غير مجهزة ولا مناسبة للعلاج ولا مناسبة صحيًا لا من باب التعقيم ولا لراحة المرضى ولا للجو العام -مناخيًا وإنسانيًا- ولا ولا ولا؟
-هل تَرَوْنَ عمودين وخَيْمَة وقطعة من القماش المزخرش تلك تغنى عن دور المستشفى واجوائها في توفير مكانٍ راقٍ محترم مخصص لتقديم بيئة طبية صحية آمنة؟ - لماذا لا يتم تنظيم تلك الخدمات بشكل دوري ذاتها داخل المَشْفَى الذي تكلفت ملايين طائلة؟
- هل يصح أو يَصلُح ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أن نتعامل مع مركز كبير كالمطرية دقهلية -التي تجاوز سكانها النصف مليون نسمة- كقرية نائية في صحراء الوادي الجديد أو أحد ساحات الأحياء المُعَرَّضَة للقصف ونيران الإرهاب بالشيخ زُوَيِّد والعريش ورفح –رفع الله عنهم- حتى نرسل لها قافلة طبية ليومين؟!
- لِمَا لا نُوَطِّد دور العيادات الخارجية بالمستشفى المركزي التستمر أطول عدد ساعات في اليوم باعتبار مستشفى المطرية المركزي تم تأسيسها كمستشفى طوارئ للمدينة والمدن المجاورة؟
- أم أن لُبَّ الأمر وغايته في مخيلتكم لا يعدو كونه صورة وخبر وأرشيف انجازات؟!
عشرات الأسئلة والاستفسارات التي إن نضب رصيد صبركم ونفد وفشل على أن يتحمل وقعها، لن تنضب هى لتعبر عن تراكمات هموم واستغاثات أهالي مدينة المطرية دقهلية المُهَمَّشَة على مدار تاريخها !
أذكر في حوار ودِّي خفيف سابق -عبر أحد مواقع السوشيال ميديا- مع د. “سعد مكي” وكيل الصحة بالدقهلية أخبرته أن نظام القوافل هذا غير مُجْدي وأنه مجرد شو إعلامي أو حتى لنعتبره شو خدمي لكنه لا يدوم طويلًا للأسف. اللهم إلا عدة ساعات و”كل حي يروح لحاله” !
فهل يتعامل مسؤولونا مع المرض كسلعة ما؟ ينظمون له المعارض والافتتاحات والدعاية والأنوار والميكروفونات والاحتفالات ليوم واثنين وثلاث أو أسبوع أو ايًا ما كانت المدة، ثم تعود البلدة أدراجها يتألم مَن يتالم من مرضاها، ويتوجع من يتوجع من مُسِنِّيها، ويصرخ من يصرخ من أطفالها، وتعتصر قلوب أرباب الأسرة ألمًا من ضيق ذات اليد التي لا تجد طوال العام إلى عيادات باهظة الثمن، في حين أن أطبائها ومتدكتريها يتقاضون رواتب عريضة من خزانة الصحة ولا يتواجدون في المستشفى الأجمل والأكبر والأفضل على مستوى الدلتا من حيث المظهر والحجم والأجهزة والمُعِدَّات، لكنه الأفشل على كل تلك الساحة كذلك؛ فهو خاوٍ على عرشه دون أيدٍ عاملة تدير شئونه؛ لا لشئٍ إلا لينال “الطبيب الخصوصي” نصيبه من العلاج الخاص، مثله كمافيا الدروس الخصوصية بل همو أسوأ وأضل سبيلا؛ إذ يتاجر في صحة وحيوات البشر.
وهنا أتحدث كـ “إبراهيم فايد” باعتبارى مواطنًا من أبناء المطرية دقهلية معشوقتي الأولي والأخيرة، لا كصحفي ولا كمتحدث إعلامي عن المجلس القومي للعمال والفلاحين.. اسمحولي أبلغ سيادتكم بأن المطرية وشعبها في حاجة لتطوير منظومة الصحة داخل المستشفى المركزى.. في حاجة لتواجد أطباء على مدار الساعة.. في حاجة لتواجد أدوية وأدوات طبية وأبسطها على الأقل السرنجات والقطن والشاش والمحاليل الطبية؛ بدلًا من رفض مريض أو إهماله وتركه مفترشًا رصيف المشفي وسُلُّماته الرخامية العتيقة التي نالت من موازنة الوزارة اهتمامًا لم ينله هو شخصيًا، في حين ما وجد المواطن سوى الهجر والزج به وسط همومه وأحزانه غارقًا فيها يعانى الأمرَّين -مرارة المرض ومرارة كرامته- في وطنٍ ضاق ذَرْعًا بأهله وضاق أهله منه.
ختامًا وقبل أن يتفلسف المتفلسفون ويتسفسط السُّفِسْطائيون حول ما ورد بعنوان تقريري عن أن تلك القوافل حقٌ أريد بها باطلًا، وما هو الباطل في نظرى؟
الباطل ذاك أراه في أن نُسَكِّنَ آلام مرضانا ونُضَمِّدَ جروحهم، ونخدر تطلعاتهم لتشغيل مشفي البلدة والارتقاء بها ومحاسبة القائمين عليها أو بمعنى أصح عدم القائمين عليها -إذ أنها لا تجد من يقوم على إدارتها من الأساس حق الإدارة وتقديم الرعاية الصحية بها بحق- وأرى القافلة تلك تسعي لتخدير طموح ومطالب أبناء المطرية في تواجد طبي دائم ومستقر بالمطرية ومشفاها عن طريق إبدالهم بتلك القوافل كَطُعْمٍ أو كَحُلْوَى أو كسرة خبز تُهْدَى لطفلٍ يبكى يريد لحمًا باعتبار تلك اللُّقَيْمَة شيءًا يسد رمقه أويخطف أنظاره بقليل من الإهتمام عَلَّه ينسى صعوبة وضعه ورعونة موقفه وأساس متطلباته.
ياسيادة وزير الصحة الطبيب المحترم د. “أحمد عماد الدين”.. ياسيادة محافظ الدقهلية الطبيب المحترم د. “أحمد شعراوي”.. ياسيادة وكيل الوزارة الطبيب المحترم د. “سعد مكي”.. ياسيادة رئيس مجلس ومدينة المطرية المحاسب المحترم أ. “علاء الدين عوض”..
أرجوكم انظروا للبلدة وأهلها نظرة عطف ورحمة لا نظرات إدارية بيروقراطية عقيمة ولا نظرات “تقضية واجب”؛ فقوافلكم تلك لا أحسبها إلا “عزومة مراكبية” على طريقة أصحاب الياقات والبالطوهات البيضاء، ستأخذ صداها يومين لا أكثر -إن لم يكن أقل- وتُدَوَّن في أرشيف المديرية ويذكرها الأهإلى في حكاويهم وأسمارهم !
أرجوكم دققوا النظر في صورة المستشفى الملحق.. ألا ترون له حقًا عليكم؟!
- ملحوظة: أنِفَت نفسي ونَأوْتُ بها عن أن ألتقط أو أنشر أية صور وردتنى عن تلك المهزلة لأنه بالفعل شيءفي غاية التقزيز.
أرجوكم.. ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.
ودمتم بكل خير،