في الآونة الأخيرة جراء السعي وراء تحقيق اقصى قدر من الربح وتصدر محركات البحث دون النظر عن ما يتم تقديمه من محتوى أو عما سيترك هذا المحتوى من أثر جراء تقديمه.
استهدف المؤلفون كتابة السيناريوهات المتعلقة بالجريمة وهذا ليس بجديد ولكن ما تم استحداثه هو التحليل التفصيلي للجريمة بداية من أدواتها المستخدمة ثم توقيتها مروراً بطريقة تنفيذها ختاماً بكيفية إخفائها.
وهذا الأمر لا يتوقف عند صناع الأعمال الدرامية فقط بل يحاول إعلاميون بعمل لقاءات مسجلة مع الفاعلين الأصليين للجريمة مع إلحاح على شرح تنفيذ الجريمة شرحا دقيقا دون النظر الى عاقبة ذلك.
أشار الفقه القانوني إلى خطورة ذلك مسبقا وكانت حججه منطقية و مبرراته سليمة حيث نوه أن مجرد ترديد الجرائم في صورة اخبار تجعل القارئ يألف الجريمة ولن يستطيع شعور خطورتها من كثرة تكرارها وتصبح الجريمة التي تؤدي إلى إزهاق روح إنسان أمرا بسيطا على عين من يقرأ وأذن من يستمع.
وكانت هذه الآراء عندما كانت الجرائد الورقية هي وسيلة الإعلام الأشهر حينها؛ ومع تطور وسائل الإعلام تزداد خطورة الأمر معها حيث أن الخطورة تكمن في كيفية تعلم الجريمة من الأساس بطرق احترافية بالنسبة للشخص العادي و كأن وسائل الإعلام أصبحت متنفس لكل من يحمل داخله نوايا إجرامية يكفيه مشاهدة بعض اللقاءات المسجلة أو أحد الأعمال الدرامية للتعلم الإبداعي للجريمة والتنفيذ الاحترافي لها.
ولا تتوقف خطورة الأمر على تعلم طرق احترافية لارتكاب الجرائم ولكن يضاف إلى خطورة الموقف تعلم طرق ابتكارية لإخفاء الجريمة و إخفاء جميع آثار مرتكبها: حيث تحول دور وسائل الإعلام من تقديم رسالة للجمهور والإحاطة بتوخي الحيطة والحذر من العقاب إلى مساعدتهم على مخالفة ذلك مع تقديم وسائل الهروب من العقاب.
ولا يعد من صيغ المبالغة وصف وسائل الإعلام في عالمنا اليوم هي مسرح الجريمة الجديد والحقيقي لجرائم تبلغ من الخطورة ذروتها وتعد بمثابة المعلم الأشهر لكيفية ارتكاب الجرائم و المتنفس الحقيقي لكل من يحمل بداخله نوايا إجرامية فهي تسهل له الطريق لتحول نواياه إلى واقع ملموس .