في القديم كان أجدادنا وآبائنا يتزوجون في سن مبكرة، بحيث تجد من كان يتزوج وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، آنذاك، كانت الحياة سهلة وكانت الأمور بسيطة، لم تكن هناك مهور غالية ولم تكن هناك شروط خيالية من طرف عائلة العروس، ولم يكن الناس يصرفون أموالا طائلة على حفل الزفاف فقط من أجل التباهي على الناس، كان الشرط هو أن يكون الرجل رجلاً بمعنى الكلمة وذو أخلاق حسنة وقادراً على تحمل المسؤولية، وأن تكون المرأة عفيفة وقادرة على الإهتمام ببيتها وزوجها وتربية أبنائها.
و اليوم تغيرت الأمور وانتشرت ظاهرة العزوف عن الزواج وأصبح من الصعب أن يتزوج الشخص في سن مبكر، بحيث تجد من اقترب عمره من الأربعون ولازال لم يتزوج ولم يكوِّن أسرة، فما هي أسباب ظاهرة تأخر الزواج التي انتشرت في زماننا هذا؟
هناك العديد من الأسباب التي ساهمت في انتشار ظاهرة تأخر الزواج، وهي تختلف من شخص إلى آخر ولكل ظروفه الخاصة، وهذه مجموعة من أكبر أسباب العزوف عن الزواج:
البطالة:
لكي يتزوج الرجل يجب أن يكون قادراً على تغطية المصاريف، ولكي يكون قادراً على ذلك يجب أن يكون لديه عمل يوفر له دخلا لا بأس به، وإن كان عاطلا عن العمل فلن يستطيع تغطية مصاريف الحياة الزوجية وبالتالي ليس هناك زواج، تعتبر البطالة من أكبر أسباب العزوف عن الزواج في العالم بأسره وليس فقط في العالم العربي، فكم شاب يتمنى من كل قلبه أن يجمعه الله بنصفه الآخر ويستقر ويكون أسرة، لكن للأسف منعته البطالة من تحقيق حلمه.
عدم توفر السكن:
من بين شروط الزواج في عصرنا هذا هو توفر الرجل على منزل خاص به، وربما ذلك من أجل تفادي المشاكل التي قد تحدث بين الزوجة وأهل الزوج، ولكن في هذا الزمن من الصعب توفير منزل خاص بسبب الغلاء، وحتى إن استطاع الرجل توفير منزل خاص به فذلك يتطلب وقتا طويلا إلاّ إذا كان دخله المادي كبير جدا.
رفض الشباب لتحمل المسؤولية وضغط الحياة الزوجية:
العديد من الشباب يرفض الزواج لأنه يريد أن يبقى ملكا لنفسه ويفعل ما يشاء، ولا يريد أن يدخل حياته شخص يصبح ملزما بتحمل مسؤوليته ومجبرا على الإهتمام به، كما أنه يرى أن الزواج سيقيده ويحرمه من عيش حياته بحرية كما يفعل وهو أعزب.
العلاقة المحرمة أصبحت سهلة المنال:
ما دمتُ أحصل على المتعة مع عدة نساء بدون زواج فلماذا سأتزوج وأحصر نفسي مع امرأة واحدة، هذا ما يقوله العديد من الشباب، فالكثير يفضل أن يلبي رغباته كل مرة مع امرأة مختلفة على أن يبقى مع امرأة واحدة، ولكن ما يجب أن يفهمه هؤلاء الشباب هو أن الزواج ليس مجرد علاقة داخل غرفة النوم فقط، فالزواج هو تكوين أسرة وانجاب أبناء واستقرار ومحبة ومودة والعديد من الأشياء الأخرى التي لن يجدها في عالم الفساد، الزواج هو امرأة تكون ملكا لك وحدك ووفية لك وليست متاحة لجميع الرجال، وهذا ما لن تجده بين أحضان امرأة فاسدة متاحة للجميع.
غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزفاف:
للأسف في عصرنا هذا كثرت ظاهرة غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج، أصبحت عائلة الفتاة تطلب مهرا غاليا لا يجمعه إلاّ اللسان وتضع شروطا خيالية تجعل الخاطب يهرب من الباب، وأصبح الناس يفكرون فقط في المظاهر، بحيث يصرفون مبالغ كبيرة ويبدرون الأموال على حفل زفاف يستمر لليلة واحدة، فقط من أجل التباهي والتفاخر أمام الناس، وفي النهاية لا يكمل الزواج السنة وينتهي بالطلاق، ذلك لأنهم يفكرون ويعدون لليلة العرس أكثر من ما بعد العرس.
ليس المهم هو زفاف سيستمر ليوم واحد أو يومين، فالمهم هو ما بعد ليلة الزفاف، المهم هو الحياة التي سيعيشانها مع بعضهما البعض وكيف سيعيشانها، وهل بإمكانهم التفاهم مع بعضهم البعض والتغلب على المشاكل التي قد تواجههم فيما بعد.
الخوف من فشل الزواج:
في وقتنا هذا كثرت حالات الطلاق بشكل كبير، وأصبح الطلاق يحدث لأتفه الأسباب وفي أول خلاف يقع بين الزوجين، كما امتلئت البيوت بالمشاكل الزوجية التي لا تكاد تنتهي، والعديد من الشباب عندما يرى ما يحدث أمامه بين المتزوجين من صراعات وحالات طلاق وضياع للأبناء فهو يتراجع عن فكرة الزواج خوفا من الوقوع في نفس المشاكل.
انشغال الفتاة بإعانة عائلتها:
هناك مجموعة من البيوت تكون فيها الفتاة هي المعين الوحيد للعائلة وهي من تحضر لهم لقمة العيش، وهذا هو السبب الذي يجعل كم من فتاة تتنازل عن الزواج وتتخلى عن أحلامها من أجل أحلام عائلتها.
سمعة الشاب أو الفتاة والعائلة:
تلعب سمعة الشاب أو الفتاة وسمعة العائلة دوراً مهماً في تأخير الزواج أو العكس، فالشاب قبل أن يتقدم لخطبة فتاة فهو يسأل عن الفتاة وأخلاقها وسمعة عائلتها، فإن رأى أن سمعتها وسمعة عائلتها سيئة فهو يتراجع، ونفس الشيء بالنسبة للفتاة، فعندما يتقدم شخص لخطبتها فهي وعائلتها تسأل عن سمعة الشاب وعائلته، فإن كانت السمعة سيئة فهي ترفض، رغم أنه في وقتنا هذا الكثير من الناس لم تعد تهمهم السمعة والأخلاق، وإنما كل ما يهمهم هو المظاهر والمادة فقط.
كانت هذه مجموعة من بين أبرز أسباب تأخر سن الزواج، وبطبيعة الحال هناك عدة أسباب أخرى مختلفة، وأنت، ما هو في نظرك سبب تأخر الزواج؟