- كتب: محمد هلال.
- الجيوش نوعان جيش صنعه الاستعمار أو أثرت فيه الادوات الاستعمارية، وجيش أخر صنعه الشعب ولم يكن له غير الشعب موجها وقائدا، وكبير هو الفارق بين الأثنين، ودائما أهل الشقاق والنفاق والأحقاد الذين تغذوا على العمالة ورتوت شريان أجسادهم بالخيانة، يعمدون إلى الخلط بين الجيشين لكى يشوهوا عن عمد وقصد وغاية في النفس كل مؤسسة عسكرية وطنية.
ظهر الجيش المصري في فترات متعاقبة من تاريخ الوطن في المشهد السياسي، فهو وحده الذي وقف اما الاستعمار الإنجليزي عسكريا وسيآسيا من خلال ثورة عرابي، وهو وحده الذي تحرك لينهى الملكية الذليلة ويستقل بالوطن كاملا مكملا في ثورة 1952، وهو وحده الذي وقف ليتلقى الصدمات والاهانات بل الموت على كل نقطة من تراب مصر آيبان ثورة يناير 2011 مرورا بثورة يونيو 2013، فالجيش المصري لم يفعل هذا ولا ذاك تفضلا ومنة على الوطن ولا الشعب، لأنه ببساطة صنيعة هذا الشعب الذي كون مكوناته عبر تاريخ كبير وعظيم، ومن ثم نحن أمام سؤال هام هل كل الجيوش صنيعة شعبها؟
نقول أن جيشا تم صياغة مكوناته فردا.. فردا.. كالجيش المصري حتى صار لا يرى ولاء الا لشعبه يختلف عن جيش صنعه الاستعمار والتبعية المعنوية والهيكلية كالجيش التركي وهناك شواهد عديدة تفرق بين الجيشين، لتعطى مثالا عن جيش لا ينتمى الا للمواطن وجيش أخر لا ينتمى الا للقوى الاستعمارية التي صنعته فنجد:
أولا: لم يذكر التاريخ ولا يستطيع، أن يشير إلى فترة من التاريخ المصري كان جيش مصر صنيعة أو خادم لتوجه استعماري مهما كان، أم الجيش التركي فهو بالأساس صنيعة الفكرة الأتاتوركية التي تم بناءها على الانبهار التام بالغرب والعلمانية، حتى صار الجيش التركي أهم ثاني جيش على الطلاق في حلف شمال الأطلنطي (الناتو ).
ثانيا: لم يتدخل الجيش المصري يوما ضد نسيجه العروبي أو الإسلامي، بل كان دائما خادما للتوجهين ومدافعا عنهما، تدخل في اليمن ليحمى وحدته، وتدخل في الخليج ليحمى أمنه، وخاض اربعة حروب كاملة فقد فيها مائة وخمسون الف شهيد من أجل فلسطين، تحمل ولا يزال هجمات دامية تنطلق من قطاع غزة دون أي اجراء عسكري حفاظا على نسيجه العروبي والإسلامي، يقف ضد داعش غربا من أن تلتهم ليبيا عبر دعم الجيش الوطني الليبي ، أم الجيش التركي فلم يتدخل يوما عسكريا إلى في جبهات تخدم توجهات الغرب، شارك الجيش التركي في الحرب الكورية عام 1952 بأوامر أمريكية، شارك في الحرب ضد أفغانستان ضمن تحالف الولايات المتحدة ولا تزال لديه قوات في كابول ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة، يحارب الآن في الشمال السوري بأوامر من واشنطن لتضيق الخناق على موسكو، يقاتل حزب العمال الكردستاني في كل من العراق وسوريا رغم انتماء هذا الحزب للفضاء الإسلامي.
ثالثا: لم يقف الجيش المصري يوما ضد ارادة شعبه سواء كان الحاكم ينتمى للمؤسسة العسكرية كمبارك في ثورة 25 يناير، أو كان هذا الحاكم ينتمى إلى التيار الحزبي مثل محمد مرسى في ثورة 30 يونيو 2013، لم يكن الجيش المصري يوما طامعا في سلطة على حساب شعبه ولو كان كذلك لترك البلاد والعباد في فوضى عارمة سواء في ثورة يناير أو يونيو حتى يطالب الشعب بتدخله فيتدخل بحكم عسكري فارضا كل شروطه دون عناء، ام الجيش التركي فخاض ضد ارادة الشعب، أربعة انقلابات أعوام 1960، 1971، 1980، 1997 وحينما ادرك اردوغان قواعد اللعبة جيدا وأرتمى في حضن البيت الابيض كحليف استراتيجي ينفذ ادق المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، حينها وضع اردوغان يده على الجيش من باب الولاء للبيت الابيض، حتى عندما حاول قلة من الجيش التركي عزل اردوغان تفاعلا مع توجهات الراي العام بتركيا نتيجة التضيق على الحريات، وسياسة الاغتيالات لكل من يعارض اردوغان، سهل حينها على اردوغان افشال تلك العملية لأنه أحكم سيطرته على هيئة اركان الجيش بولائه الاستراتيجي لواشنطن وان حاول اخفاء ذلك بمعارك تلفزيونيو مكشوفه.
ومما سبق هذا هو جيش مصر فمن أنتم يا من تحاولون عبثا النيل من تلك المؤسسة العسكرية المصرية العربية الاسلامية، وما هي مصلحتكم أن كنتم مصريون أن ينهار هذا الجيش، وما هي غايتكم أن كنتم عربا أن يتفكك اخر جيش عربي، وما هو مبرركم أن كنتم مسلمين أن توجهوا نيرانكم الخبيثة ببنادق خائنة أو ألسن عامية لصدر ضابط أو جندي في هذا الجيش، أن هؤلاء من عبيد الدولار والإسترليني واليورو، القابعين جبنا وعارا وخزيا، في عواصم الغرب وتركيا وقطر، لا هم لهم الا أن يجعلوا جيش مصر يلحق بالجيش العراقي والسوري حتى يكونوا قد أتموا الخطة للإجهاز على ما تبقى من ارض العرب، فتارة يصفونه بالجيش الإرهابي لأنه يقف امام جنودهم في سيناء الملتحفين بريات التطرف يريدون مصر حلب جديدة أو رقة اخرى أو انبار ممزقه، وتارة يطعنون في ذمته المالية لأنه يمتلك مزارع ومصانع وكأنها مزارع ومصانع يمتلكها جيش محتل ليس جيش وطني ولا يوجد جيش وطني في العالم لا يمتلك تلك المؤسسات الاقتصادية لكى يكون في منأى عن أي ضغوطات مدنية لا تصلح مع جيش عسكري يواجه حروب يجب أن يتوفر غذاءه ووقوده ومؤنه بسرعة ودون تأخر، يتهكمون عليه لأنه فتح منافذ للسلع الغذائية وضخ ألبان اطفال في ظل غلاء فاحش ينهش الاقتصاد الوطني السبب فيه اسيادهم في الغرب، يا من فقدتم نخوتكم ورجولتكم وقبلها فقدتم وطينتكم، اعلموا أن هذا الجيش لن ينهار، لأنه لم يتربى على الخيانة فيترك الساحة، ولم يتربى على الجبن فينسحب من الميدان، وجنوده وضباطه من طمى النيل العظيم فصار الشعب جيشا والجيش شعبا.. وتبقى الحقيقة أنه ما نامت أعين الجبناء.