في ذكرى نصر أكتوبر المجيد، قد مر 51 عاماً على أعظم ملحمة سطرها أبطال القوات المسلحة المصريون بدمائهم وتضحياتهم بقلوب مليئة بالإصرار والعزيمة وقوة الإيمان، استطاعوا أن يعيدوا لمصرنا الحبيبة كرامتها وعزتها وسيظل هذا اليوم شاهدًا على أعظم جيش وأقوى شعب؛ فهم حقاً كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “جند مصر خير أجناد الأرض.. لأنهم في رباط إلى يوم القيامة”.
أبطال أكتوبر المجيد “رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه”
سلاماً على من أناروا لنا الطريق في عتمة النكسة، وأعادوا لنا العزة والكرامة، تحية فخر وإجلال لكل رجال القوات المسلحة،؛ رجال أكتوبر 1973 رجال لن يجود الزمن مثلهم، تركوا خلفهم متاع الدنيا وحملوا على أكتافهم مسؤولية بلد بأكمله، وصدقوا النية وعزموا على إستعادة كرامة بلادهم وكانت صيحاتهم مدوية “الله أكبر الله أكبر عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير” ، واستطاعوا تحقيق النصر وطرد العدو من أرضهم وهزيمتهم شر الهزيمة.
الدروس المستفادة من انتصارات حرب أكتوبر المجيد
إن لحرب أكتوبر 1973 دروس وعبر يجب الوقوف عندها لتستفيد منها الأجيال القادمة نذكر منها…
>> قوة الإرادة والإيمان بالنصر وثبات العزيمة: لقد كان العزيمة وقوة الإيمان في صدور أبطال حرب أكتوبر المجيد دورا كبيرا في تحقيق هذا النصر المبين وأستطاعوا أن يثبتوا للعالم بأسره قدرة مصر على تجاوز المستحيل وتذليل أية عقبات.
>> أهمية التخطيط الدقيق والتنفيذ المحكم: فلن يكن نصر أكتوبر محض الصدفة بل هي ملحمة تم التخطيط لها من قبل ست سنوات قبل الحرب، وكان نجاح عملية العبور نتاجا لتخطيط دقيق من قبل أعظم قادة أنجبتهم مصر، واستخبارات ناجحة على درجة كبيرة من الدقة مع تنفيذ محكم على درجة كبيرة من التعاون على جميع الأصعدة.
>> الأهمية الإستراتيجية لجمع المعلومات : حيث لعبت المعلومات الدقيقة عن العدو الإسرائيلي دورا حاسما في نجاح عنصر المفاجأة وتحديد الأهداف بإحكام مما ساهم في نجاح الضربة الأولى والتي أصابت العدو بالشلل التام.
>> الأهمية الإقتصادية والعسكرية وحسن استغلال جميع الإمكانات: أثبتت حرب أكتوبر أهمية تطوير القدرات العسكرية والتكنولوجية، وأبرزت أهمية حسن استغلال جميع الإمكانات لدى العرب لمواجهة العدو؛ لاسيما سلاح الضغط الذي استخدمته مصر في أثناء حروب الاستنزاف وبخاصة البترول الذي أوقفت بعض الدول العربية تصديره إلى الدول الداعمة لإسرائيل.
>> أهمية التعاون العربي: فلولا تعاون الدول العربية وتكاتفها جمعاء لمواجهة التحديات المشتركة لما تم نصر أكتوبر بهذا الشكل المشرف.
>> أهمية الوحدة الوطنية: كان لدعم الشعب المصري لجنوده الأثر الكبير في نفوسهم والعامل الأقوى في إصرارهم على تحقيق النصر، فلقد ساهم الجميع في الجبهة الداخلية والخارجية وقدم الشهداء والجرحى أرواحهم ودمائهم فداءً للوطن عن طيب خاطر حباً للوطن وحفاظا على رفعته.
>> اللجوء إلى الدبلوماسية والتفاوض من منطلق قوة : لن يتفاوض المصريون مع العدو إلا بعد أن حقق النصر المجيد؛ فكان دخوله بعد الحرب في مفاوضات لتحقيق السلام واستعادة الأراضي المحتلة من منطلق قوة وليس استسلام وخضوع.
الأثر النفسي لحرب أكتوبر على المصريين والعرب
لقد أورثت حرب أكتوبر في نفوس المصريين والعرب بالغ الأثر؛ حيث استطاعت أن تعيد الكرامة الوطنية إثر نكسة 1967، والتي خلفت في نفوس الشعوب العربية حالة من الإحباط واليأس، محت آثارها انتصارات أكتوبر العظيم والتي ردت اعتبار القضية العربية وردت كرامة الوطن العربي بأكمله.
وتغيرت موازين القوى في المنطقة إثر حرب أكتوبر 1973 وتبدلت ملامحها فلم تعد هناك أسطورة إسرائيل الزائفة كما اعتقدها العالم، وأضعفت الحرب قوتها وزال حصن بارليف المنيع في غضون ساعات قلائل وتصدعت معه أركان العدو.
كما تركت انتصارات أكتوبر المجيدة في نفوس المصريين والعرب قدرا كبيرا من تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز على مواجهة التحديات مهما كان حجم صعوبتها، وغيرت النظرة السوداوية التي كان الغرب ينظرونها للعرب بعد النكسة؛ فأصبح الغرب ينظرون للعرب كافة، والمصريون خاصة، نظرة تحمل كل معاني الإنبهار والإحترام لإمكاناتهم، وقدراتهم على تحدي الصعاب وعدم الاستهانة بقوتهم مرة ثانية.
ونتاجاً لنصر أكتوبر المجيد؛ زاد وعي الشعوب العربية وبخاصة المحتلة بضرورة التحرر من أجل الاستقلال، وازداد الوعي بالقضية الفلسطينية والتي أعادتها حرب أكتوبر لطاولة التفاوض مرة أخرى وشجعتها على مواصلة النضال وأجبرت العالم على دعم الشعب الفلسطيني حتى وإن لم تحل القضية بشكل نهائي إلى الآن!!!
شخصيات مضيئة في ملحمة أكتوبر 1973 “أبطال حرب أكتوبر”
هناك شخصيات عسكرية في حرب أكتوبر سطروا أسمائهم بأحرف من نور لايمكن تخطيها ويجب الوقوف احتراما وتقديرا لما قدموه في نصر أكتوبر المجيد ومن هؤلاء يذكر التاريخ….
محمد أنور السادات: الرئيس المصري الراحل والذي اتخذ قرار بدء الحرب، وخطط وقاد البلاد نحو انتصارات أكتوبر الخالدة.
محمد حسني مبارك: القائد الأعلى للقوات الجوية المصرية خلال الحرب، والذي قاد الضربة الجوية الأولى المفاجئة التي استهدفت مطارات إسرائيل، ومهدت التفوق الجوي المصري في المراحل الأولى من الحرب، وكانت تلك الضربة الأولى بمثابة غطاءً جوياً للقوات البرية المصرية أثناء العبور وقوات المشاة التي تقدمت في العمق الإسرائيلي، ولقد عين محمد حسني مبارك بعد الحرب نائباً لرئيس الجمهورية، وتم ترقيته إلى رتبة فريق طيار تكريماً لإنجازاته العسكرية الجوية.
المشير أحمد إسماعيل: وهو القائد العام للقوات المصرية خلال الحرب، ووضع الخطة الحربية التي فاجأت إسرائيل.
المشير محمد علي فهمي: وهو قائد قوات الدفاع الجوي المصري ولعب دورا حاسما في حماية الأجواء المصرية.
اللواء سعد الدين الشاذلي: رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية وله دور بارز في التخطيط للحرب والتنفيذ.
اللواء عبد الغني الجمسي: وكان قائد الفرقة الثالثة المدرعة، والتي لعبت دورا محورياً في عبور القوات المصرية لقناة السويس.
ولاننسى فضل الجنود المصريون البواسل الذين قدموا أرواحهم ودمائهم فداءً للوطن ورووا بدمائهم الطاهرة أرض سيناء الحبيبة ليظل علم مصر يرفرف في سمائها أبد الدهر.
وفي الختام… 51 عاما من العزة والكرامة، سيظل نصر السادس من أكتوبر 1973 يوماً خالداً إلى يوم الدين تعتز به كل الشعوب العربية، وسيبقى نقطة فاصلة في تاريخ مصرالمعاصر، مؤكداً أن التلاحم بين الشعب وقواته المسلحة هو الحصن المنيع الذي يصون كرامة مصر ويبقيها عظيمة قوية أبية ما بقيت طوال الدهر.
عاشت مصر وعاش شعبها وجيشها في أمان الله إلى يوم الدين.
#نصر_أكتوبر١٩٧٣
احسنتى النشر مقال رائع