نشْر الإلحاد بـ«السوشيال ميديا».. صُدفة بَحتَة أَم أچندات مُمَوَّلة؟!
بقلم – إبراهيم فايد
نَظَرًا لخطورة الموقف وألّا مجال لمُقَدّمات أنيقة وديباجات لغوية وبلاغية مُنَمَّقة، اسمحوا لي بالدلوف إلى لُبّ الأمر مباشرةً وأتساءل: هل نشْر الإلحاد (عَلَنًا) على مِنَصّات «التواصل الاجتماعي» مُجَرَّد صُدفة بَحتَة أَم ظاهِرَة عابِرَة أَم أچندات مُمَوَّلة؟! وأين الدولة بكل كياناتها وچُلّ مؤسساتها من تنامي ظاهرة الإلحاد؟ ولِمَ تلاشىٰ دورها وتَقَزَّم أمام دُعاة الإلحاد وتَتار الانفصام العقائدي الذي استشرىٰ على «السوشيال ميديا»؛ وراحوا يُشَكِّكون أبناءنا وبناتنا المُراهِقين في صحيح عقيدتهم ويتلاعبون بثوابتهم الحنيفة، مستغِلين ضعف الوازع الديني وانشغال الأهل عن ذويهم ورعاياهم بصعوبات الحياة والتزاماتها المتراكمة، فضلًا عن العزف على أزمات الشباب القاهرة وحيواتهم القاحلة التي حطّت على آمالهم وحالت دون أحلامهم، كما ولو كان جحودهم الديني بالرّب والمَيْل كل المَيْل صَوْبَ إلٰههم المزعوم -أو بالأحرى اللاإلٰه واللادين- هو المُخَلِّص والمَخرَج الأمثل من كل هذه الموبقات!
أرجو لو انتبَهَ أعضاء «اللجنة الدينية» بالبرلمان المصري والسادة القابِعون على رأس السُّلطة -باعتبارهم المَنوطين والمحاسَبين أمام الله عن رعاياهم بِنَصِّ كتاب الله «وقِفوهم إنهم مسؤولون»- لهذه الكارثة، بل وأذهب بأمانيّ قلبي لأبعد من هذا بكثير وأرجو لو تكَفَّلت الدولة -مُمَثَّلةً في وزارة الداخلية ومباحث الإنترنت- في رصد وتكبيل هؤلاء الفَسَقَة الفَجَرَة -اعتَبِروهم مُعارِضين سياسيين!- حتى وإن كفلت دساتيرنا المتعاقِبة حرية العقيدة للجميع، لكن يبقىٰ التلاعُب بثوابت ومبادئ هذا الشعب المُتَدَيِّن بفطرته -مُسْلِميه ومَسيحِيّيه- جريمة تستحق عقابًا رادعًا يحيق بهؤلاء الشراذم الذين لا يَقِلُّون خطورةً علىٰ وحدة الوطن واستقامة الفرد وتَماسُك الأسرة وسلامة المجتمع أكثر من أي عدو آخر.
نعم، إن التفكك العقائدي وتشويه الفكر والمَساس بأيديولوچيات هذا الشعب وأهواءه المُسالِمة ومرجعياته القويمة، لهُوَ أشد خطرًا وتدميرًا على بلداننا العربية ومجتمعاتنا الشرقية من أية هجمات أو سقطات أو اهتزازات أخرى أو حَراكٍ سياسي كان أو اقتصادي أو اجتماعي أو حتى تقَلُّبات أمنية وعسكرية؛ فالدِّين والمبادئ والثوابت والمرجعيات هي ما تُوَحِّد الأمم وقت الأزمات ضد أية ظروف وتُؤَمِّن مواقفها وتصنع حضاراتها كما فعل أجدادنا مِن قبل وسادوا شرق أوروبا وغربها وشمال أفريقيا وأواسط آسيا -حتى الغرب تعَلَّم ذلك واجتاح العالَم إبّان حملاته الصليبية الماجنة لِمُجَرَّد التِفافه حول فكرة عَقَدية -وإن كانت واهية- أمّا نقيض ذلك فلا شَكّ يسلب الضمائر الوادعة ويُؤَلِّب الغايات ويَسُوق الشعوب عُنوةً نحو مصيرها المَحتوم المَمْهور بِفَرَمان الخَراب البغيض…
ختامًا، هذا نداءي العاجل أطلقه بِصَوتي المُتَأزِّم المتقطع لمعالي السادة أعضاء مجلسَي «الشيوخ والنواب» المصريَيْن وقاماتهما الفكرية -إن وُجِدوا-، وكذا لأولئك المُلَقَّبون زورًا بـ«حكماء مصر» مِمّن راحوا يفرضون علينا إطلالاتهم البهية العَلِيّة كأعضاء في ما أسمَوه «بيت العائلة المصرية»، وأخاطب «النيابة العامة المصرية» والقضاء النزيه ووزارة الثقافة وقصورها ومكتباتها ومسارحها والأزهر والكنيسة والمؤسسات الدينية والتربوية وتلكم الكيانات المُكَلَّفة دستوريًا بحفظ هوية الشعب وصَون تراثه الفكري التّليد، وبالأخير أركل الكرة في ملعب فضائيات التليفزيون الحكومي التي اندثر دورها -من هكذا وعي غائب- وهي القابعة تحت أَسْر «التريند» إذ انزلقت هي الأخرىٰ في مَعين الاستثمار وتناسَت دورها التنويري بحق، وبات جلب الإعلانات وبيع الهواء وتحسين نِسَب المشاهدات أسمى أمانيها! أخاطب كل هؤلاء بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ «كُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مَسؤول عن رَعِيَّتِهِ… إلى آخر الحديث» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم إني قد بلغت؛ فاللهم فاشهَد
#إبراهيم_فايد