قصة نجاح خضراء (1)..مؤسسة “ازرع شجرة” وحكاية تحول مقلب القمامة إلى مدرسة للوعي البيئي وتمكين المرأة

من رحم الحاجة تولد الفكرة، ومن قلب الأزمة يشع نور الحل، وفي قضايا البيئة وتحسين حياة المواطن دائما ما يلعب الوعي دورا أساسيا في التخفيف من حدة المشكلة، وهنا تبرز قصص نجاح مبهرة لجهود فردية وعقول واعدة فكرت ونفذت وكتبت قصص نجاح خضراء لحماية البيئة ومواجهة مشكلاتها…

قصتنا الخضراء الأولى مع مؤسسة “ازرع شجرة”، إحدى مؤسسات المجتمع المدني والتي نجحت في تحويل مقلب للقمامة إلى مركز للتوعية البيئية والتدريب على تطبيق معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة.

تزرع المؤسسة أشجار المورينجا والنيم واليقطين ومختلف الأعشاب العطرية المزروعة بالسماد العضوي، كما تهتم بإحياء زراعة الأشجار التراثية والمرتبطة بالهوية المصرية مثل، الدوم والجميز والنبق والسدر، فضلا عن مزرعة صغيرة للدواجن والماشية ومنحل للعسل ومركز تدريب للسيدات والأطفال والشباب.

صورة 1
نبيل محروس رئيس مؤسسة ازرع شجرة

في زيارة إلى مؤسسة “ازرع شجرة” تعرفنا على هذه التجربة الرائدة والملهمة.
البداية كما يقول نبيل محروس، مدير المؤسسة، المشهرة برقم 10/475 على مستوى الجمهورية، عام 2017 عندما كانت هذه المنطقة، التابعة لجمعية السنابل الخيرية، بحي كوبري القبة بالقاهرة، مقلبا للقمامة، وكان الحلم تحويلها إلى مركز توعية وتدريب واستدامة.
تحقق الحلم بجهود المتطوعين ممن آمنوا بالفكرة، وكما يقول: بدأنا بخمسة متطوعين فقط واليوم وصل العدد إلى 170 متطوعا”
ويضيف محروس جاءت الفكرة من كوني أعمل بالمكتب الفني لوزير التربية والتعليم ومن خلال مروري على المدارس ،لاحظت الفجوة بين تعليم الأطفال وما هو مطلوب بالفعل، وقررت أن أبدأ بنفسي، وتحويل هذه المنطقة إلى مركز للوعي البيئي وتعليم الأطفال فكرة التنمية المستدامة.

مؤسسة خضراء

تقوم المؤسسة على فكرة التنشئة البيئية للأطفال وتعليمهم مفاهيم العمل الجماعي، ومبادئ الزراعة وكيفية استخراج العسل من النحل وإكسابهم مفاهيم تربوية وبيئية من خلال سيستم خلية النحل.
كما تعمل المؤسسة على قطاع الشباب وتعليمهم مفاهيم ريادة الأعمال وكيف يصبح الشاب نحالا لإنتاج العسل، أو نخالا؛ يعتني بالنخيل ويعرف كيفية جمع البلح وتعبئته وطريقة مقاومة سوسة النخيل، فليس المهم أن يكون عندنا أكبر عدد من النخيل ولكن الأهم جودة النخيل.
كما تدرب المؤسسة الشباب على مهارات اللاند سكيب، والإنتاج الداجني والسمكي وإنتاج الماشية، ونبات الأزولا كبديل للعلف وطعام للأسماك.مبادرة

بيوت مصرية مبدعة

تعمل المؤسسة أيضا على تمكين السيدات على مشروعات خضراء صديقة للبيئة، حيث أن برنامج تكافل وكرامة لا يمنح السيدة أكثر من 700 جنيه شهريا، وهو بالطبع لن يكفي لمساعدة الأسرة، لذلك نستهدف السيدات حوال 400 سيدة من كل حي، بالتنسيق مع مديريات التضامن الاجتماعي.
نطلب في كل مرة 10 سيدات، وكل سيدة تأتي بأخرى، ونطلب منهن إحضار مخلفات المطبخ ، ونبدأ في تعليمهم إعادة التدوير لإنتاج السماد، وزراعة النباتات العطرية بنظام الأورجانيك.
السيدة الواحدة بإمكانها إنتاج 50 وحدة نباتية في الساعة، سعر الوحدة خمسة جنيهات، من الأعشاب مثل النعناع والروزماري والزعتر وكف مريم، والمرمرية الريحان وغيرها من النباتات المستخدمة في المطبخ.

يتم بيع الإنتاج في النوادي والروتاري، مثل نوادي الجزيرة، هليووبلس، في الشهر تدخل حوالي 7500 جنيه، تحصل السيدة منهم على 3000 جنيه، والباقي نوفر بهم فرص عمل لثلاثة شباب. وقد يصل سعر الوحدة النباتية في النوادي إلى 15 جنيها، يعني إنتاج السيدة الواحدة ممكن يصل إلى 30 ألف جنيه.
كما نستعين بهؤلاء السيدات في الجامعات لتدريب الطلاب على إعادة التدوير وزراعة المنتجات العطرية وتمكين المرأة اقتصاديا من خلال مبادرة “بيوت مصرية مبدعة صديقة للبيئة”.
كما نعمل قوافل بيئية للانتقال إلى المواطنين في المناطق البعيدة، مثل نويبع وجنوب سيناء بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء.

زيارة مؤسسة ازرع شجرة

مبادرات
ويشير مدير المؤسسة أن ازرع شجرة تمكنت منذ 2017 وحتى اليوم من زراعة مستشفى 57357 بشجرة المورينجا المفيدة في علاج السرطان، وأيضا زراعة المتحف المصري القديم والأكاديمية البحرية بالإسكندرية ومستشفى مجدي يعقوب بأسوان، والمخيم الدائم في الأزهر الشريف، وزراعة مليون و200 ألف شجرة بكل من مدارس سوهاج والأقصر والفيوم.
وتقدمت بمبادرة 100 مليون شجرة لرئيس الجمهورية ،فضلا عن الزراعة في الأسمرات ومداخل الترع والمصارف وقرى حياة كريمة، وكنا ممثلين للمجتمع المدني في (كوب 27).

ويضيف محروس،تقدمنا في كوب 27 بثلاث مبادرات الأولى مبادرة إعادة تدوير مخالفات الهدم والبناء وتحويلها إلى “انترلوك” بالتعاون مع هندسة عين شمس، ومبادرة لزراعة أشجار المنجروف واستخدام زيوتها “بيود يزيل” للطائرات، عمل مراكز وعي بيئي داخل الجامعات لتمكين الشباب في المشروعات الخضراء.

تحديات
و يقول محروس أن مؤسسة ازرع شجرة تواجه حاليا تحدي كبير يتمثل في زيادة الإيجار الشهري للمؤسسة داخل جمعية سنابل الخيرية، والذي وصل إلى 6000 جنيه شهريا، بالرغْم أن المؤسسة لا تدر دخلا للقائمين عليه، وتساهم في توفير فرص عمل للشباب والنساء، بل إنني أنفق  من حسابي الشخصي كموظف بوزارة التربية والتعليم وراتبي لا يزيد عن 5 آلاف جنيه، كما أنفقت ورثي من والدي على المكان.
هذا المكان الذي تحول إلى مركز للوعي البيئي في القاهرة ورئة خضراء في قلب الزحام، معرض لإنهاء التعاقد معه، ليتحول إلى موقف للسيارات بإيجار 20 ألف جنيه شهريا. فهل يتدخل من يعنيهم الأمر من المسئولين لوقف حملة إزالة مؤسسة ازرع شجرة، ونشر الفكرة في كل محافظة وقرية ونجع في مصر لتنمية الوعي البيئي.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.