في سنة 2002 ألقت إسرائيل القبض على مروان البرغوثي، وظل محبوسًا على ذمة محاكمته إلى أن صدر الحكم عليه في سنة 2004 بالسجن لخمس مؤبدات + 40 سنة سجنًا، بتهمة التحريض على الثورة، وقيادة إنتفاضة سنة 2001
وُلد مروان البرغوثي في إحدى قرى مدينة رام الله بالضفة الغربية لنهر الأردن، سنة 1959 وإعتقلته إسرائيل لأول مرة في سن ال18 وتكرر إعتقاله عدة مرات، وأُبعد خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة، إبان إنتفاضة 1987 ثم عاد للأراضي الفلسطينية بعد إتفاقية أوسلو 1993
مروان حاصل على البكالوريوس في التاريخ والسياسة، وماجستير في العلاقات الدولية، من جامعة بير زيت الفلسطينية، ويتقن اللغة العبرية بطلاقة، كما يجيد اللغة الإنجليزية، والفرنسية.
إنضم مروان في سن ال14 لحركة فتح، التي أسسها وتزعمها ياسر عرفات، وكان أعضاؤها ينتمون للتيار العلماني، ولم تكن التيارات ذات الميول الإسلاموية قد تكونت بعد، وقد حققت حركة فتح وزميلاتها، اللاتي كوّنّ فيما بعد منظمة التحرير الفلسطينية، إنجازات كبيرة كتيار مقاوم للإحتلال الإسرائيلي، ولكن بإستراتيجيات تختلف تمامًا عما يتبعه التيار الإسلاموي الآن.
تم القبض على مروان البرغوثي لآخر مرة، إبان إندلاع الإنتفاضة الثانية في الضفة الغربية سنة 2001 وهو قابع في سجون إسرائيل منذ ذلك التاريخ، ولكنه ترك وراءه لبني جلدته، سيرة عطرة بمقاومة الإحتلال، لم تتلوث بما أصاب زملاءه القدامى في المقاومة، من مهادنة الإحتلال، أو عمل بعضهم لصالح الإحتلال الإسرائيلي.
ومنذ بداية مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، عقب عملية 7 أكتوبر 2023 وضعت حماس إسم مروان البرغوثي، في مقدمة الأسماء المطلوب الإفراج عنها، من السجناء السياسيين لدى إسرائيل، إلا أن إسرائيل تتعنت بشدة في الإفراج عن مروان.
وقد كان القبض على مروان البرغوثي، لآخر مرة، في عهد تولي إرييل شارون رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهو الذي أبدى عدم رضاه عن القبض على مروان حيًا، وكان يتمنى لو أتوه به، وهو كومة رماد، ما عبر عن كراهية شارون والإسرائيليين الشديدة لمروان البرغوثي.
وتأتي مطالبة حماس بالإفراج عن مروان البرغوثي، في لفتة سياسية ذكية من الحركة، حيث أن مروان ليس من أبناء التيار الإسلاموي للمقاومة الفلسطينية، ولكنه يحظَى بشعبية كبيرة في كل أوساط الشعب الفلسطيني.
وسيلتف حول مروان، حال خروجه من السجن، أبناء التيار العلماني للمقاومة، من حركة فتح ومنظة التحرير الفلسطينية، وسيمثل مروان ساعتها، بديلًا قويًا عن القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية، والتي تعتبرها حماس، ومعظم الشعب الفلسطيني، غير معبرة عن رغبة الفلسطينيين الحقيقية.
وإسرائيل تتفهم ذلك جيدًا، وتعلم مدى قوة شعبية مروان في الشارع الفلسطيني، سواء بين العلمانيين أو حتى الإسلامويين، وأن الإفراج عنه سيعمل على التقريب بين التيارين المتنافرين، واللذين ذَكّت إسرائيل الخلاف بينهما لعقود، بهدف تقسيم الفلسطينيين وتمويع القضية.
وسيكون إصرار حماس على الإفراج عن مروان، ورفض إسرائيل الإفراج عنه، مدعاةً لزيادة شعبية حماس في أوساط المقاومين العلمانيين، ولكن بالنسبة لإسرائيل، فأي ثمن تدفعه: هو أهون عندها من الإفراج عن مروان البرغوثي.