محمد إبراهيم: يكتب
لقد خلق الله سبحانه وتعالى، الناس من طينة واحدة من شتى الأرض، وشرع بينهم المساواة والعدل والرحمة، فلا فرق ولا فضل لعجمي على عربي إلا بالتقوى.
لذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ
ولكن في ذلك الزمن العجيب الذي نعيش فيه الآن، انتشر الكبر والتعالي بين الناس حتى انتشر الجهل وأصبح للجهلاء مكانة في المجتمعات، وكاد أهل الثقافة والعلم أن يذهبوا إلى مثواهم الأخير، لذلك حدثنا نبينا على أنه لا فرق بين الجميع، حتى لا يتكبر أحد على أخذ العلم من أحد، وأن لا يتنمر أحد على أحد، فكلنا في النهاية تحت مسمى إنسان، ولكن هناك سؤالا هاما لا يقوم كثيرا من الناس في هذا الوقت بالتفكير فيه والعمل على نشر إجابته بين الناس وهو حقا.
كيف تصبح إنسانا؟
حقا يا لها من مهمة صعبة، رغم أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس وعززهم وكرمهم، لكن أصبحنا نفتقد إلى أن يشعر كل منا أنه إنسان ويتحقق هذا بعدة عوامل، فكلنا بشر ولكن الإنسانية لا تتواجد في كل البشر.
لذا قال الله في النداء يا أيها الناس، ولكن قال في الإنسانية بل الإنسان على نفسه بصيرة.
وهذا إثبات الفرق الكبير بين البشرية والإنسانية، التي تنفرد بالكرم والتواضع وصفات أخرى، لن تجدها في عامة الناس.
فعندما تقبل النصح من عالم أو معلم فأنت حينها تصبح إنسانا، لأنك ستتحول إلى طالب علم يعلم بالعلم ولا يجهل به.
عندما تعطف على صغير فأنت حينها إنسان توجد في قلبه الرحمة.
عندما تتصدق على الفقير فأنت حينها إنسان يتميز بالكرم.
وهناك الكثير من تلك الفضائل التي تميز الإنسان عن عامة الناس.
ولكن في هذا الزمان اختل الميزان، وتبدل الحال إلى أسوأ الأحوال، انعدمت الرحمة وقل الحياء، وذهب توقير الكبار إلى مثواه الأخير.
فلا ريب عندي أننا يجب أن ننصب العزاء على اختفاء روح الإنسانية، التي كانت تنشر على الأرض الخير والبركة.
ف- -سبحان الله- تعالى خلق الناس من طين واحد باختلاف ألوانهم وأشكالهم، ولكن جعل فيصلا بين الإنسانية والناس، لقد ذهب عن أذهان الجميع التفكر في هذا المعنى، وهرول الناس وراء حقوق الإنسان، ولم يعلموا للأسف الشديد ما هي حقوق الإنسان التي يتحدثون عنها، ومن كان يعلمها لا يطبق منها شيء.
لذا يجب على الناس أن يتخلوا عن الوجه الزائف ويتزينون بوجه الإنسانية، لأنها أساس بناء الأمم، فلا يكون للشعوب نهضة دون وجود إنسانية.
وهناك أيضا سؤال هام جدا.
كيف يتكاتف المجتمع في نشر وتعليم الإنسانية؟
للمجتمع دور هام جداً في نشر هذه الثقافة الدينية. فلا ريب أن عليها تقام الأمم وتبنى الثقافات المتحضرة، بين أفراد المجتمع لذا يجب علينا جميعا الاهتمام بنشر مفهوم الإنسانية، والعمل على التوعية المستدامة سواء كان عبر المواقع الإلكترونية أو التلفاز أو عبر برامج الراديو، كما أنه يقع على عاتق الأسرة قسط كبير من هذه المسؤولية، في تأسيس وتربية الأبناء على هذا المفهوم العظيم.
ولا يغيب عن أعيننا أيضا دور مؤسسة الأزهر الشريف في نشر الوعي الثقافي لمفهوم الإنسانية، بين الناس.
وكما قال الشاعر.
كانت الإنسانية لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الرجال استخدموا عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدل أن ينشغلوا بإصلاح حماقات ارتكبوها.
قد يهمك:
عن الكاتب:
د. محمد إبراهيم. صحفي مصري، وكاتب مقالات رأي، عضو نقابة الصحفيين، حاصل على بكالوريوس إعلام جامعة فاروس، قسم صحافة، ماجستير صحافة تلفزيونية، دكتوراه في العلوم السياسية مع مرتبة الشرف. أعمل في الصحافة المصرية والسعودية منذ عام 2006.