محمد إبراهيم: يكتب
نحن نعيش في زمن، يختلف عن أي زمان قد مضى، زمن انتشر فيه القيل والقال والأحقاد، زمن اختلت فيه الموازين وانقلبت فيه الأمور رأسا على عقب، فيا له من زمن عجيب انتشرت فيه الغيبة والنميمة، تحت مسمى قالوا عنك، كثيرا ما نسمع هذا القول في حياتنا اليومية، أن هذا قال عنك كذا وكذا، ولربما في بعض الأوقات إن سمعت لمن يقول وينقل لك هذه الأقوال، تقع في جريمة وتندم بعدها في وقت لا ينفع فيه الندم، قالوا عنك ليس حكمة، ولكنها جملة أصبح المجتمع يسمعها مثل الموسيقي، ويتنفسها مثل الهواء كل دقيقة، ولكن لا ريب أن هذا إن دل، فإنما يدل على الجهل الخارق الذي انتشر في المجتمعات، وغياب الوعي والثقافة الدينية في العالم الإسلامي، أن نجد بعض الناس تذهب إليك وتقول لك قالوا عنك، إذا هي النميمة التي حذر الله منها عبادة ونهيا عنها فقال -سبحانه وتعالى-
أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم»، (الحجرات
يا له من فزع كبير، أن نجد الله تعالى قد شبه الغيبة بأكل لحم الإنسان ميتا، فما بالكم بعظم عقابها في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
لذا يجب علينا أيضا، عندما نستمع إلى قول قالوا عنك نتأكد من أقوالهم ونجتنب سوء الظن بالآخرين، حتى نتبين من الأمر واحذروا معشر الناس الوقوع في أعراض الناس، فقد قال رسول الله عن أبي هريرة -رضي الله عنه-
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
قالوا عنك هو قولا يعد جريمة مجتمعية، يجب أن نضع لها قوانين في الحياة لمحاربة من يتداولها، لذا يجب علينا أن لا نلتفت إلى مرضى القلوب، والنفوس الضعيفة، حتى يصبح المجتمع نظيفا ويأتي لنا بثمرات ثقافية متحضرة، على نهج وسطي لا يعرف التعصب، والبغض والحقد والغيبة والنميمة، التي تعتمد على نقل الحديث من شخص إلى آخر لتنتشر الوقيعة بين الناس.
لذا إنني أجد أنه من الأمور التي يحتاجها المجتمع الآن هو عودة دور مؤسسة الأزهر الشريف، الذي يعد منارة الأمم في كل زمان ومكان، الأزهر الذي ينير عقول وقلوب الناس، بالتوعية المستدامة، وحث الناس على التعلم والتفقه في الدين، حتى يعلموا حدود الحلال والحرام لينتقل هذا العلم ويغرز في أبنائهم، ومن هنا يأتي التكاتف المجتمعي لمحاربة هذه الأقوال الضالة وتحرير المجتمع من أسرها، قالوا عنك فلا تلتفت إليهم، حتى لا يقوموا بهدم همتك وأحلامك، قالوا عنك فلا تلتفت إليهم، حتى لا ينقل إليك جهلهم بدينهم، قالوا عنك فلا تسمع لقولهم، حتى تتبين وتعلم الحقيقة، واعلم أن من قال لك قالوا عنك، في الحقيقة هو من قال عنك وذم فيك واغتابك وقال فيك الأقاويل.
وكما قال الشافعي.
إِيّاكَ وَالبَغيَ وَالبُهتانَ وَالغيبَة وَالشَّكّ وَالشِّرْك وَالطُّغْيَان والريبة ما زادَكَ اَلسِّنّ مِن مِثقالِ خَردَلَةٍ إِلّا تَقَرَّبَ مِنكَ المَوتُ تَقريبَه فَما بَقاؤكَ وَالأَيّامُ مُسرِعَةٌ تَصْعِيده فيكَ أَحياناً وَتَصويبَه وَإِنَّ لِلدَّهْرِ لَو يُحصى تَقَلُّبُهُ في كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ مِنكَ تَقليبَه