“المآذن العالية” هو الاسم الأول لخطة العبور التي تم إعدادها داخل أركان حرب القوات المسلحة المصرية بعد إسناد رئاستها للفريق سعد الدين الشاذلي كخطوة أولى في التحرير الشامل لشبه جزيرة سيناء، والتي تم تغيير اسمها قبل بدء العمليات بشهر واحد فقط إلى “العملية بدر”، هذه الخطة التي استطاع كل من الجيشين المصري والسوري أرباك العدو بها وتحقيق تفوق كبير في الأيام الأولى للحرب.
نبذة تاريخية
بعد ما تعرض له الجيش المصري في 5 يونيو 1967 من هزيمة قاسية، لم يكن بمقدرة القيادة في هذه المرحلة إلا محاولة التماسك والصمود لتقليل الخسائر قدر الإمكان، ولكن لم تستمر هذه الحالة طويلا، فبعد بضعة اشهر استطاعت القوات المصرية تحقيق بعد الانتصارات الصغيرة من خلال العمليات التي اطلق عليها “حرب الاستنزاف”، استطاعت هذه العمليات أن تبث الروح من جديد في المصريين للعودة من جديد وتحرير الأراضي المغتصبة، ولكن كيف سيتم ذلك؟ هذا ما أجابت عنه أول خطة هجومية للجيش المصري والتي اطلق عليها “المآذن العالية”.
أهداف الخطة
كانت أهداف الخطة كما حددتها القيادة العسكرية، هي عبور قناة السويس وتدمير خط برليف والاستيلاء على النقط الحصينة للعدو بالضفة الشرقية، ثم السيطرة على من 10 حتى 12 كم شرق قناة السويس، وتكوين أوضاع دفاعية ثابته يتم تأمينها من خلال مظلة دفاع جوي مصرية.
إلا أن هذه الأهداف وحدها لم تكن مُقنعة للفريق أول “محمد صادق” وزير الحربية في ذلك الوقت، فحدث خلاف بينه وبين الفريق “سعد الدين الشاذلي” رئيس الأركان، فالشاذلي اعد الخطة واعتبرها الطريقة الوحيدة لاستعادة الأرض، حتى لو كانت استعادة جزئية، أما الفريق “صادق” كان يرى أن “المآذن العالية” لا تحقق أي أهداف عسكرية أو سياسية، ويجب استبدالها بالخطة “جرانيت” التي كانت تشمل القيام بغارات شاملة على قوات العدو في سيناء وتدميرها.
إلا أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات حسم الخلاف باعتماد “المآذن العالية” كخطة لعمليات تحرير سيناء، حيث اعتبرها أكثر واقعية ومناسبة لقدرات القوات في ذلك الوقت، وعين الفريق أول “أحمد إسماعيل” وزيرا للحربية بدلا من الفريق “صادق”، ليبدأ “الشاذلي” في صياغة كافة التفاصيل الدقيقة لعملية العبور.
فلسفة الخطة
يمكن اختصار الفلسفة التي أعدت الخطة من خلالها في “الأهم من ما أريد تحقيقه هو ما استطيع تحقيقه ” فالهدف الكبير الذي نسعى إليه هو تكبيد العدو أكبر الخسائر وتحرير كامل الأراضي المحتلة، ولكن هل تستطيع القوات تحقيق هذا الهدف؟، قطعا الإجابة في ذلك الوقت، لا، فالخسائر التي تكبدها الجيش في نكسة 67 كانت كبيرة، بالإضافة إلى التفوق الجوي للعدو، وغيرها من العوامل التي تجعل التحرير الكامل للأراضي شبه مستحيل، ولكن ما لا يدرك جلة لا يترك كله، ففي المقابل في حالة النجاح في تحقيق أهداف الخطة والسيطرة على الأراضي التي حددتها الخطة، سيصبح العدو مضطرا لمواجهة القوات المصرية في أوضاع دفاعية أفضل للجانب المصري، ستجعل مدة الحرب أطول والخسائر افدح للعدو، وهذا لن يكون في مصلحة إسرائيل التي تعتمد اعتماد كامل على التعبئة العامة، ولهذا ستتوقف الحياة بالكامل في إسرائيل.
نجاح التنفيذ للخطة
حقيقة الأمر وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، حقق الجيش المصري نجاحا ساحقا في تنفيذ الخطة كما أُعدت من قبل القيادة، فالعبور تم في اليوم الأول بخسائر أقل كثيرا مما كان متوقع، واستطاعت القوات التعامل مع خط بارليف وتدمير كافة نقاط العدو الحصينة على الضفة الشرقية لقناة السويس في الأيام الأولي للحرب، واحتلت القوات أماكنها المخطط لها، واتخذت أوضاع دفاعية مكنتها من صد الهجوم المضاد للعدو في الأيام التالية للعبور.
وفي الختام لا يمكن أن ننسي الدور الكبير الذي قامت به القيادة في التخطيط لكل التفاصيل في عملية العبور والتدريب عليها، وخاصا الفريق “سعد الدين الشاذلي” الذي اطلق عليه مهندس حرب أكتوبر، ونؤكد أن الالتزام الصارم بتنفيذ ما تم التخطيط له في الأيام الأولي قد حقق نتائج مبهرة تدرس في الكليات والمعاهد العسكرية، ولكن الخروج عن الخطة في الأيام التالية للعبور قد تسبب في خسائر كبيرة كان يمكن تجنبها، وهذا ما سوف نناقشه في المقال التالي.
تابعونا.
الله ♥الله ♥
يا رب عبدك الضعيف المديون الذليل إليك وانت القوي المتين المعز المذل انت الديان يا الله.. حقق لي مااتمني ان اربح بمسابقة الحلم لعمي مصطفي الأغا