هو العندليب الذي طرب الشرق بنغمات كلماته، كان تأثيره في وجدان الأمة أبعد من مجرد تأثير مطرب حقق شهرة ونجاح واسعين، فهو عبد الحليم حافظ صاحب ألام مصر وأفراحها فمن ” يا أهلا بالمعارك ” إلى ” عدى النهار ” ضحكت مصر وبكت، وكان النغم واحد والصوت واحد، هو صوت عبد الحليم حافظ ونغمه، ومن مقال كتبه الراحل عبد الحليم حافظ في مجلة ” صباح الخير ” بالعام 1977 تحت عنوان ” أسرار حياتي ” نروى اليكم قصة حدثت للعندليب في طفولته البائسة والتي كانت خليطا من اليتم والحرمان سببت له كما أكد هو نفسه شعورا بالخوف الدائم، حتى بعد أن لامس سماء النجومية في مصر المحروسة بصوته العذب الخالد.
فلقد أكد عبد الحليم في مقاله السابق الإشارة اليه
انه بناء على نصيحة من مدرس التربية الموسيقية ” محمود حنفي ” الذي نصح حليم وهو في المرحلة الابتدائية بالتوجه لقضاء يومه بأحد الملاجئ المخصصة للأيتام وابناء الفقراء، بعد أن شكى اليه حليم سوء المعاملة التي يعانيها في بيت خاله من قبل زوجة الأخير.
بعد أن انتقل إلى كنف خاله بسبب يتمه من الأب والأم.
ويقول عبد الحليم حافظ بمقاله، انه مع أول يوم في الملجأ تقابل مع أحد الأطفال الذي كان يقارب عمره، وما لبث الطفل الا أن خطف منه ” عسلية ” كان اشتراها حليم قبل قدومه للملجأ
ويقول عبد الحليم أن جرى وراء الطفل بكل قوته محاولا استرداد العسلية لكنه فشل
ولم يتحصل الا على موقف سلبى من قبل مشرف الملجأ الذي ظل ينظر لحليم بغضب وترقب شديدين
ثم يضيف عبد الحليم انه في اليوم التالي قدم إلى الملجأ فوجد الطفل الذي سبب له المتاعب بالأمس واقفا على باب الملجأ بجوار المشرف الذي كان الطفل يعمل بالمساء في محل أخيه، وكان وجه المشرف مليئا بالغضب من حليم.
وما أن شاهده الطفل المشاغب الا أن قام بالاعتداء عليه، فما كان من حليم الا أوسعه ضربا، وهنا تدخل المشرف وضرب حليم بشده في ساقه وصفعه بقوة وقال لحليم (الضرب في ولاد الح.. له ثواب كبير عند الله) على اساس أن أطفال الملاجئ في نظر هذا المشرف القاسي، يتصفون بهذا الوصف.
ويقول حليم أن هذا الموقف سبب اليه شعور بالانكسار والخوف الدائمين حتى بعد أن أصبح أشهر مطربي مصر.