بقلم – إبراهيم فايد
بعد التحية،
يروقني اليوم لو تطرقت للحديث عن منظمات ريادة الأعمال لا سيَّما تلك العاملة فيما نسميه بـ«ريادة الأعمال الاجتماعية»، تلكم المؤسسات الوطنية التطوعية التي لا تسعى لربح ولا لتحقيق أية مردودات اللهم إلا تطوير المجتمع والنهوض به تحت مُسَمَّياتٍ عِدَّة ما بين خيرية أو مجتمع مدني أو غيرها من رايات تصنيفية وتعريفية، مستغلين في سبيل ذلك أبجديات ومعايير وعلوم ريادة الأعمال في تحقيق مبتغاهم لِيُسَطِّروا معا مجتمعًا نظيفًا نقيًا واعيًا سليمًا من كل كسر قد يُكَدِّرُ صَفْوَ المعيشة فيه.
وهنا لا يفوتني التفريق بين كل من «ريادة الأعمال الاجتماعية» و«ريادة الأعمال التجارية»، فالأولى لا تهدف لجلب أية أرباح وعوائد وحتى ما قد تحققه من عوائد -نتيجة مشروعات تشغيلية تُدَشِّنها- تذهب لصالح رواتب الموظفين وشراء خامات وأجهزة ومَيْكَنات جديدة لتطوير المشروع وتوسيع دائرة العمل والإنتاج لتعالج بذلك أزمة البطالة وارتفاع الأسعار وغيرها، أمّا (ريادة الأعمال التجارية) ورُوَّاد الأعمال المنتشرين مؤخرًا في شتى مجالات الاستثمار هنا وهناك فغاياتهم الأولى والأخيرة فتح أبواب الكسب المشروع وإن كانوا يراعون كذا ثَمَّةَ قِيَم ومزايا مجتمعية لكنهم وفي الوقت ذاته يهدفون بشكل مباشر لإنجاح مشاريع وتطوير مؤسسات وتوسيع دائرة الاستثمار وضخ رؤوس الأموال والتبادل التجاري والصفقات وما إلى ذلك.
«ريادة الأعمال الاجتماعية» مصطلح وإن بدا مطاطًا قليلًا لكنه في صميم التنمية التي يجب على كل الحكومات أن تُحسِن اسغلالها، وماذا تريد الحكومات أكثر من أفراد ومؤسسات تضامنوا فيما بينهم لتحقيق طفرة في مختلف مسالب الحياة ومعالجة الظواهر والبواطن بشيء من الحكمة والجهد؟! مجموعات شبابية حيوية تضافرت لِتَخرُجَ بالمجتمع من مستنقع التلوث والانحدار وتساعد في حَلِّ أزمات البطالة وتوفير فرص عمل هنا وهناك، فتجد منهم مَن يتخصص في توزيع التبرعات المادية والعينية وآخر يتكفل بإجراء أبحاث اجتماعية لمواطنين وقرى فقيرة وثالث يهتم بتجميل الشوارع والميادين ورابع ينسق خدمات طبية وعلاجية وتعليمية غير راجين في ذلك إلا رضا الله أولًا وسعادة الوطن ثانيًا وثالثًا…. وعاشرًا وأخيرًا.
لكن وللقليل من الحيادية، إن لم يتم تنظيم هكذا تحركات وسَنّ قوانين تراقب وتتابع أنشطة ومجالات عمل هذه الكيانات الاجتماعية العظيمة لَرُبَّما تبدَّلَت التَّوجُّهات وتغَيَّرَت الأيديولوچيات وظهرت بوادر وغايات أخرى نحن في غِنَى عنها، ولذا فالحكومات مطالَبة دومًا بالتعامل مع جماعات ريادة الأعمال في شِقَّيْن متلازِمَيْن، أحدهما التسهيل والتيسير وفتح كل سُبُل ممارسة الأنشطة التنموية البَنّاءة عَبر تسهيل الإجراءات وتجاوُز الروتين العقيم في بعض الأحيان وغيرها من بيروقراطيات، وعلى الجانب الآخر تكثيف المتابعة والرصد وتقييم وتقويم الأنشطة والإنجازات المستحدثة.. وإن كانت تطوعية.
#إبراهيم_فايد