مسلسل ” ونوس ” الذي تعرضه قناة CBC الفضائية، بطولة الفنان الكبير يحيى الفخراني، يحمل في تفاصيله فكرة صادمة، لم يعتاد المشاهد المصري والعربي كثيرا أن يتعامل معها، الا في اعمال سينمائية ودرامية قليلة للغاية، كان اشهرها، فيلم ” الآنس والجن ” بطولة الفنان عادل أمام والفنانة يسرا، وهى فكرة أن يتجسد إبليس للإنسان، فما هي حقيقة تلك الفكرة حسب ما ورد في الشرع.
ان المؤكد أن سلاح ابليس مع الانسان، هو الإغواء والوساوس، فلقد قال الله تعإلى في كتابه الحكيم (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [صدق الله العظيم، وعلينا أن نؤكد أن الله قد جعل للإنسان الذكر خير حصن من وسواس الشيطان أو اغواءه، أو أي وسيلة أخرى يتبعها مع بنى البشر، فلقد قال رسول الله (ص) العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله صدق رسول الله (ص ).
ومن المؤكد أن الشريعة الاسلامية، ذكرت وأوضحت مواطن عدة تجسد فيها الشيطان في صورة انسان، ومن أشهر تلك الاحداث التي ذكرها الاسلام بتجسد الشيطان للإنسان كانت:
عندما تجسد لأبى هريرة، على هيئة لص، ليخدعه.
وأيضاً تجسد الشيطان لكفار قريش في غزوة بدر، حيث قال الله في كتابه الحكيم (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِّنْكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ الله والله شَدِيدُ الْعِقَابِ )
تجسد الشيطان أيضاً لكبار القوم في قريش على هيئة شيخ من نجد بدار الندوة، عندما كانوا يخططون للقضاء على دعوة الاسلام وقتل رسول الله.
ومن ثم أن تجسد الشيطان للإنسان، سبق وان أكدته احداث التاريخ الإسلامي، لكن يبقى الأمر محصورا في ارادة الله لتحقيق غاية يعلمها، وتبقى حقيقة أن ذكر الله هو العاصم حقيقة لا حياد عنها، كما نؤكد أن الله لم يجعل للشيطان على الانسان سلطانا، الا إذا اراد الانسان بعمله واتباعه له ذلك، فيقول الله في كتابه الحكيم إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ. الآية، كما من الممكن أن يظهر ويتجسد الشيطان للأنبياء والصالحين، لعظم ما يقوم بيه هذا الانسان من دور وعمل، لكن لم يجعل الله له سلطان ابدا على هذا الانسان فلقد ورد عن كتاب الدميرى انه ” « خرج رجل من الإنس فلقيه رجل من الجن، فقال له: هل لك أن تصارعني؟.. فصارعه فصرعه الإنسي.. فقيل لعبد الله: أهو عمر؟ قال: ومن عسى أن يكون إلا عمر.
ومما سبق:
ان ما تقدمه الدراما من تصوير لتجسد الشيطان للإنسان، وان كان واقعا بحكم ما ورد من احداث تاريخية سابقة، لكن تبقى الحقيقة أن تجسد ابليس للإنسان لا يكون قاعدة مطلقه، بل محكومة اما بولاية هذا الانسان للشيطان واتباعه له إلى حد أن صار جندي له، أو أن هذا الانسان ذا خطب عظيم، ومن ثم مكنه الله أن يلاقى تحدى تجسد الشيطان اليه