رب العباد – سبحانه وتعالى – حينما خلقنا – بني البشر – وضع دستورًا ومنهجية تضبط أمور ديننا ودنيانا في كل شيءٍ وأي شيء، أحل الزواج، وكما أحله أجاز الطلاق، فهذا حلالٌ وذاك حلالٌ وإن كان أبغضه؛ لما ينجم عنه من تفكك ًأسري، على اختلاف الأسباب والمسببات، إلا أن الآباء أولئك الذين كانوا يتوقون إلى أن يجمعهم بيتٌ واحد، من ثم تكوين أسرة جديدة، فالأحرى ألا ينسوا الفضل بينهم، وجدير بهم ألا ينسوا إن رزقهم الله بما كانوا يتوقون إليه من الذرية ألا يتناسوهم، ويغفلون عن حقوق الطفل الذي يحمل اسمهم!
من حقوق الطفل التربية السوية
سل ذاتك سؤالًا: هل تصل صغارك رحمًا؟! ماذا تعرف عنهم؟!
وأنتِ.. هل تعينين أبناءك وبناتك على بر والدهم؟! أم تمنعين رؤية بعضهم البعض؟! هل تنغصين حياتهم؟ وتفيضين عليهم بوابلٍ من أوزار آبائهم الذي لا ذنب لهم به؟!
استقيموا يرحمكم الله، أما أنتَ وأنتِ فقد انتهى الرباط الذي كان يجمعكما كزوجين، وأما أطفالكما فأبناؤكَ وأبناؤكِ! وحقوقهم موكولة إليكما، ولا شأن لهم بخلافاتكم، ارتقوا فبذوركم بحاجة ماسة إلى تنشئة قويمة أخلاقيًا، مستقرة نفسيًّا…
وحتى تتسنى تهيئة الطفل نفسيًّا قبل أي شيء فلا بد أن يكون كل منكما مهيئًا للأبوة والأمومة قبل أي شيءٍ آخر، فهل أنتما أبوان على حق؟! أم نسيتم مسئوليتكم تجاه أبنائكم؟!
وماذا إن نسيتم ذلك في الدنيا؟! هل ستفرون منها في الآخرة؟!
عجيب أمر الأمهات الذين يرفضون تواصل الأبناء مع الآباء، وهو أمر مفروغ منه في الأساس، شرعًا قبل أن يكون قانونًا، دون أن تكون ثمة علاقة بين صلاح الأب أو فساده، فكونه زوجًا شيء، وكونه أبًا شيء آخر.
والعجب العجاب لأولئك الآباء، الذين كانوا يتوقون لأظافر طفلٍ وحينما رزقوه تجلى التمرد في أعجب صوره! يا أخي ما لهذا بذاك؟! هذا ابنك ومنك، ولا مفر، لماذا كل هذا الإصرار على عقوق الآباء لأبنائهم!
نعم.. نعم.. البعض يعق أبناءه عقوقًا، فلا يتابعه، ولا يتحمل مسئوليته، ولا يحنو عليه، ولا يبره ويرحمه، بل ويطلقهم كأمهاتهم، إن رآهم بعد عام كامل فكأنما شفقة منه عليهم.
حتى أبسط حقوق طفلك عليك لم توفها، وللأسف الشديد هذه مشاعر، لا تُعَلَّم، ولا تكتسب بالقوة، إنما هي رحمة وتراحم يقذبه الله في القلوب، فماذا بينك وبين الله كي تكون بمثل هذه القسوة؟! وغالبًا ما يحثك المحيطون على ذلك حثًّا، وأنت بدورك تتماشى مع التيار مشيًا!
فإن أردت أن تعرف إنسانًا على حق، انظر إلى علاقته بأبنائه، ترقب هل يملى عليه، أم أنه صاحب قرار، هل يتخذ موقفًا في سبيل معرفة الحق من الباطل؟ أم يلبس كلاهما الآخر؟!
من حقوق الطفل الحنو والاهتمام
ما بالك بأب لم يكن رأى طفله منذ فترة بعيدة، فلما رآه، طبعًا الطفل صغير، لا يفقه عن التفاعل إلا برموزٍ بسيطة تناسب كونه طفلًا! القليل من البسكويت، الشيكولا، البونبوني، لعبة مرحة! نعم، فهو طفل، وأنت بدورك لا تعرف أصلًا عن الحنو شيئًا، حتى احتضانك لطفلك تحتاج فيه إلى أمرٍ ونهي!
حينما تود طفلك فأنت يا سيدي الفاضل لا تتفضل عليه، ولا تجود عليه، إنما يرزقك الله برزقه، أنت فقط سبب، وتفعل دورك كأب، وتؤدي مسئوليتك الموكولة إليك! فحينما تستهزئ بطفلك، وتجلب إليه ما لا يليق به، دون تيكيت! مستعملًا! بهيئة لا تسر! شنطة كبيرة تحوي طقمين غير كاملين حتى – تنكيلًا مثلًا إن كان في مخيلتك – فأنت على خطأ فادح!
أنت فقط تجلب قيمتك، وما يليق بك، وتفر فرًّا من واجباتك تجاه بنيك، وهذا إنما يسيء إليك، لا تسيء أنت به لأحدٍ غيرك، ومن تظن يا ترى من أناسٍ استحلوا ألعاب الصغار، وحرموهم إياها!
حقوق الطفل ليست مجرد نفقة لا تكفيه قوت يومه، وأعمق من الماديات التي تستنزفون أنفسكم في سبيلها، دون أن تزيدكم شيئًا، صدقني يا صديقي.. الود لا يجدي مع الكثيرين، تجرع كؤوسًا من القسوة والقهر تباعًا، فلن يصب فشلك الذريع في أن تكون أبًا إلا في نهر آفاتك، وبك وبدونك سيشب أبناؤك يافعين، والسلام!