تمني الوالد أن يصبح إبنه طبيباً ولكنه رفض رغبته وأصر على عمله في الفن وتسبب في موته من الحسرة.. “سراج منير” وإصابته بذبحة صدرية نتيجة فشل أحد أفلامه وخسارة أمواله
الكثير من الأبناء يكون يفرض عليهم أبائهم وأمهاتهم مساراً لحياتهم حتى وإن كان ذلك يتعارض مع هواياته وأحلامه، ولا سيما أن الأهل دائماً يسعون جاهدين في مصلحة أبناءهم وهذه هي أهم شيءفي حياتهم، ولكن يعترض أحلام الأبناء مع أمنيات الأباء، وينشأ بينهم خلاف، وهذا ما قد حدث مع الفنان الراحل سراج منير، والذي كان يحلم بشئ ووالده يريده أن يصبح شيءاً أخر.
كان سراج منير يحب الفن كثيراً، ويريد أن يصبح فناناً مشهوراً، ولكن والده كان يريده أن يصبح طبيباً، فولد بينهما خلافاً، وظل سراج ممسكاً بحلمه وعشقه للفن، حتى مات والده حسرة على ذلك، وتمني الإبن ما يريده وصعد إلى سلم المجد والشهرة، ولكن مهما أعطاه الفن والتمثيل، فلن يعوضه والده وحسرته عليه والحياة التي سلبت منه.
نبذة عن حياة سراج منير
إسمه الحقيقي سراج منير عبد الوهاب حسن، من مواليد 15 يوليو لعام 1904، في حي باب الخلق بمحافظة القاهرة، وإسم سراج منير هو إسم مركب، سمي به بعد أن حدث خلاف بين والده وجدته، فمنهم من يريد أن يسميه سراج، والآخر يريد أن يسميه منير، وإتفقا في النهاية على الإسم المركب الحالي “سراج منير”.
وكان والد سراج منير يعمل مديراً للتعليم بوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) الآن، وكان لديه شقيقان يعملان مع في الوسط الفني وهم المخرجان “حسن عبد الوهاب”، “فطين عبد الوهاب”، وقد بدأ سراج مشواره الفني من خلال المسرحيات التي كانت تشارك فيه مدرسته مع باقي المدارس، وكان دائماً يفوز بكأس المنطقة التعليمية، ولكن والده لم يكن يعجبه ذلك.
في يوم من الأيام كانت هناك مسرحية يشارك فيه سراج، وكان قبلها يجري بعض البروفات ويتدرب على دوره فيها، وما إن عرف والده ذلك حتى ضربه “علقة سخنة”، أمام أصدقائه وطرده من البيت، فذهب إلى بيت جده الذي كان في حي العباسية، وفي الوقت الذي يزداد فيه شهرة ويصعد أكثر إلى سلم المجد، كانت أسرته تحلم بأن يعود إلى صوابه ويكون طبيباً كما أراد والده، وفي عام 1918، غادر إبنهم مصر وإنطلق إلى ألمانيا، من أجل الإلتحاق بكلية الطب، ودرس قرابة الثلاث سنوات بالكلية، حتى إلتفي حينها بزميله الذي يدعي محمد كريم، الذي كان ملتحقاً بالمجال الفني، دراساً السينما بإحدي الإستدويوهات التي كانت في برلين، والذي قد أقنع زميله سراج بأن يترك الطب ويبدأ في التفرغ للفن.
العودة إلى أرض الوطن
وبعد مرور ثماني سنوات عاد سراج إلى بلده مصر، وإستقبله أسرته بأشواق حارة، إعتقاداً منهم أن إبنهم قد أنهي دراسته في كلية الطب وأصبح طبيباً، ولكن عندما اخبرهم بالحقيقة، أصابتهم الصدمة والتي كانت سبباً في موت والده في الثاني من وصول إبنه إلى مصر، وطرد من البيت للمرة الثانية، وكان يريد حينها أي عمل ينفق به على نفسه، بعمل كمترجماً للغة الألمانية في إحدي المصالح الحكومية لقرابة الخمس أعوام.
وإلتفي ثانية بزميله محمد كريم، الذي قدمه إلى الفنان يوسف وهبي، الذي إلحقه بفرقته، وأظهر فيه موهبته، وتوالت بعد ذلك الأدوار السينمائية عليه، وفي عام 1941 إلتفي لأول مرة بالفنانة ميمي شكيب، والتي كانت هي حبه الوحيد، وتزوجا.
بداية نهاية سراج منير
وفي يوم من الأيام عرض الفنان نجيب الريحاني على “سراج منير” أن يقوم هو بدوره لأنه مريض، وكان ذلك الدور في مسرحية بعنوان “حكم قراقوش”، فوافق على ذلك الدور وأداه بكل براعة ونجح فيه، وذلك ما دفعه إلى تحويل تلك المسرحية إلى فيلم سينمائي يخرجه شقيقه فطين عبد الوهاب، إلا أن الفيلم لم يلقي نجاحاً كما توقع وحينها خسر أمواله، مما جعله هذا يصاب بذبحة صدرية، وأمره الأطباء توقف العمل وملازمة الراحة حفاظاً على صحته، وفي عام 1957 صعدت روحه إلى بارئها.
أقرأ أيضاً من مواضيع الكاتب في الفن