الشـخص المبتلى بإدمـان الندم وتوبيـخ النفـس يـرى أنـه لا يسـتحق أن يقـارن مـع غيـره ويظـن بـأن أخطـاؤه فريـدة مـن نوعهـا لم يسـمع عنهـا أحـد قـط ولا يمكـن غفرانهـا، رغـم أن معرفـة أنـك لسـت وحـدك حقـاً قـد يخفف عنـك، فعندمـا تـدرك بـأن اقـتراف الأخطاء مـن طبيعـة البـشر التـي فطـروا عليهـا، وأن وجـود عثـرات وندبـات في الماضي لا يحولك إلى شـخص سيئ بالمطلق، وربمـا تكـون عـلى قـدر مـن العلـم والتربية والالتزام ولكنـك وقعـت ذات مـرة فلا يعنـي ذلـك الوقـوع أنـك شـخص غيـر صالـح للبقـاء بـل إنها مـن أكثـر الصفـات التـي تميزك ككائـن بـشري يصيـب ويخطئ ويتعلــم، وإن كنــت في فــترة مــن الفــرات اقترفت بعــض الأخطاء.
ولإيقاف كل تلـك المعاناة واسـتعادة هـذا السـلام عليـك يقينـاً تطبيـق إحـدى هـذه الأفكار:
- لا تكثـر مـن الغـوص فـي الماضـي بحجـة التعلم من الأخطاء، فاللعب في جـرح قديـم قـد يزيـد الأمر سـوءاً، فالتعلـم مـن أخطـاء الماضي أمـر جيـد، إلا أن تأنيــب النفــس عليهــا قــد يخاطر بمسامحة الــذات، فقــد يمنعــك ذلــك مـن إدراك الوقائـع الحالية، وقـد تصبـح حياتـك راكـدة إن أصبـت بهوس حـول الأشياء التــي فعلتهــا أو لم تفعلهــا، لــذا ركــز عوضــاً عــن ذلــك عـلـى الحاضر وعلـى مـا سـتفعله في المستقبل لتوفـير حيـاة أفضـل لنفسـك.
- تذكر أن الماضــي لا يعرفــك! وأن المســتقبل بــريء ممــا حصــل فــي الماضـي والحياة ماضيـة ومسـتمرة بكافـة الأحوال، فسـامح نفسـك وامـضي قدم فكـر فـي مسـامحتك للآخرين أيضـاً ليـس لأن أحـد منهـم يسـتحق ذلك، ولكنـك لـو تأملـت الجانب المطمئن في قدرتـك عـلى المسامحة وحاجتـك لتوجيه المسامحة في الاتجاه الصحيـح فحسـب، فسـتتخلص مـن حرقـة الفـؤاد تلـك التي تشـبه تماماً حرقـة المعدة ولكنهـا في مـكان بعيـد عـن متنـاول الأطباء.
- أخطــاء الماضــي هــي مــا شــكلت شــخصيتك الآن، لــذا لا تعتـبـر أنها أخطـاء واعتبرها دلائل إرشـادية، جعلتـك كـما أنـت الآن شـخصاً لينـاً.
- الشـخص الـذي تكـون عليـه الآن هـو نتيجـة الأشياء الجيـدة والسـيئة التــي حدثــت فــي حياتــك، وكذلــك الأشياء الجيدة والســيئة التــي فعلتهــا، وطريقــة اســتجابتك للأحداث الســلبية بنفــس أهمية اســتجابتك للأحداث الإيجابية.
- مسـاعدة الآخرين طريقـة رائعـة أخـرى لمسـامحة النفـس، سـخر نفسـك لمساعدة الجميع واستشــعر العظمــة في كونــك أحــد الأسباب والأدوات التــي اسـتخدمها الله لتحقيـق أمـر معـين في حيـاة أحدهـم، ستكسـب بذلـك تعاطـف الآخرين وسـيفوق حـس التعاطـف حـس الذنـب.
- تذكـر أنـك حيـن تحـاول السـعي الزائـد للتصـرف بشـكل صحيـح تماماً وعندمـا تقـدم كل مـا يمكنـك علـى أكمـل وجـه فـإن المجتمع قـد ينبذك ويلفظـك خـارج الركـب، لأنك سـتقع في صراعات المثالية والترقب والتوتـر وهـو مـا يعيـق تقدمـك ويزعـج الآخرين.
- بعـض المشكلات يكـون حلهـا بعـدم حلهـا أصـلاً أي تركهـا دون أي تعقيـب، ومـن ضمـن هـذه المشكلات هـو مـا قـد حصـل في الماضي ولم يعـد متاحـاً تغييره.
- تأمـل فـي مكتسـباتك الجديـدة التـي لـم تكـن لتحصـل عليهـا لولا تلـك العثـرات كالصبـر والرفـق والتحمـل والأمل والرضـا والقناعـة، كلهـا صفــات لم تكــن لتكتســبها لــو أنــك عشــت باســتقرار وظــروف جيــدة طيلــة الوقــت.
- حـرر نفسـك مـن هـذه القيـود فأنـت غيـر مكلـف بـرد المظالـم، ووضـع الأحكام علـى نفسـك والآخرين، ولتبـدأ مرحلـة المعافاة حتـى تصـل إلى يـوم تذكـر فيـه مـا مـضى دون أي شـعور بالغضـب.
- أخبــر نفســك بــأن المعــارك والمواقــف الصعبــة للأقوياء أمثالــك ولا معركـة مـن غيـر خسـائر، فالســفن عــلى المرافئ آمنــة ولكنهــا لم تخلق لتبقــى هنـاك.