الكل منا يحب الأسفار والتجوال عبر العالم، لكن القليل من يحقق ذلك ! ويعود ذلك لعدة أسباب؛ الأهم منها تكاليف السفر الباهظة التي تمنع أغلب محبي السفر من القيام بجولات عبر العالم. في أفق سنة 2004 و مع ازدهار عدد مستعملي الانترنت عبر العالم، برز نوع جديد من السياحة وهو تبادل الضيافة أو مشاركة الإقامة والذي يتميز بخدمتين مهمتين لفائدة السياح والمضيفين على حد سواء. فما هي خدمة الضيافة؟ وكيف تعتبر استثمارا سياحيا وحوارا للثقافات المختلفة؟
مميزات خدمة الضيافة
تبادل الضيافة بكل بساطة هي خدمة تبادل الزيارات بين السياح واستضافة بعضهم البعض في منازلهم الخاصة. كيف يتم ذلك؟
هناك عدة مواقع عبر الانترنت مخصصة لخدمة الضيافة والتواصل الشبكي الاجتماعي، حيث يقوم الزوار بتسجيل حسابات خاصة بهم تتوفر على جميع المعلومات الشخصية للسائح، المعلومات المتعلقة بالمنزل أو دار الضيافة التي سينزل بها الزوار المحتملين وما إلى ذلك من المعلومات المهمة التي تعطي انطباعا تاما بالأمان للزوار.
لكل مستضيف الحق في اختيار الخدمات المجانية التي سيقدمها للسياح الأجانب الراغبين في زيارته. فبالإضافة إلى المبيت المجاني؛ يمكن له مثلا أن يقدم وجبات طعام مجانية، الخرجات الاستكشافية، حفلات وسهرات.. وما إلى ذلك من خدمات أخرى للتعريف بثقافته المحلية. وهناك آخرين يقدمون هذه الخدمات بأسعار تحفيزية للزوار لأن الهدف من تبادل الضيافة هو مشاركة الأهالي ثقافتهم بأسعار رمزية.
و على ذكر تخفيض تكاليف السفر؛ فتبادل الزيارات بين المضيفين يشجع على السفر عن طريق تأمين أسفار مجانية مع المركبات المارة أو التنقل عبر الدراجات الهوائية. وفي بداية انطلاق خدمة الضيافة المجانية كان معظم السياح يتنقلون بين المدن عن طريق مشاركة الاهالي مركباتهم الخاصة. هنا أذكر استضافتي بمنزلي في المغرب لمجموعة من السياح الألبان الذين كانوا يتنقلون بين المدن المغربية والاسبانية مجانا بواسطة مشاركة السكان المحليين لسياراتهم الخاصة، بينما اقتصرت مصاريف رحلتهم على أداء مبلغ تذاكر العبور بين الدول فقط. في حين زارتني سائحة ألمانية قامت بعبور ما يزيد عن 5 دول إفريقية للوصول إلى المغرب مستغلة المركبات المارة.
خدمة تبادل الضيافة.. اسثتمار مدر للدخل
تعتبر خدمة الضيافة في الدول السياحية اسثتمارا مدرا للدخل حيث يمكن للمستضيف أن يقدم عدة خدمات للزوار بأسعار مشجعة كأطباق الأكلات المحلية، الرحلات الاستكشافية للتعريف بالمآثر التاريخية والمناظر الطبيعية؛ وهنا تشمل مصاريف التنقل والقيادة السياحية على عاتق الزوار (في حالة توفرك على رخصة القيادة السياحية من وزارة السياحة في بلدك). كما يمكن لك أن تقوم ببيع المنتجات التقليدية للسياح كالهدايا والأواني المنزلية والألبسة المصنعة يدويا.
هناك أشخاص آخرين استثمروا في هذا المجال عن طريق تأسيس دور الضيافة والملاجئ السياحية خاصة في المناطق الجبلية؛ حيث قاموا باستقطاب السياح الأجانب عن طريق مواقع تبادل الضيافة وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي. لكن مثل هذه الأماكن تعتبر مكلفة ماديا بالنسبة للزوار، وفي الأخير يبقى للسائح الحق في اختيار بين الاقامة في دور الضيافة والمنازل الخاصة.
خدمة الضيافة فرصة للتبادل الثقافي
يقول الله سبحانه وتعالى ” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” صدق الله العظيم. استضافة الغريب في بيتك فرصة للتعارف وبناء جسر المحبة والتفاهم بينكم؛ وعندما تسود المحبة بين الشعوب، يسود الود والسلام عبر العالم. عندما يدخل سائح ما لبيتك فهو يجلب معه ثقافة بلده ويشاركها معك وفي المقابل يكتشف ثقافتك ويعيشها لحظة بلحظة. هذا هو الوجه الحقيقي لما يسمى بحوار الثقافات أو التعايش بين الثقافات المختلفة، حيث تجاذب أطراف الحديث والقيام بالأنشطة اليومية يجعل التبادل الثقافي أمرا سهلا للغاية. يمكن لكي أن تعدين طبقا محليا للزوار وأنتي تتحدثين عن أصل تلك الأكلة الرائعة. كما يمكن لكم أن تتغنوا بأغاني التراث الشعبي المجيد، أو تسردون لهم حكاية شعبية من الماضي العريق. ويمكن لكم كذلك التحدت عن قصص الأنبياء أو مقتطفات من التراث الديني الخاص بك.
يعتبر تبادل الضيافة الوسيلة السهلة والمهمة لبناء الحوار والتفاهم بين أفراد الشعوب المختلفة، كما يعتبر استثمارا جيدا لمحبي السياحة عبر العالم. لكن يبق المشكل الامني العائق الوحيد الذي يخيف بعض السياح، حيث قد يتعرض أحدهم للسرقة أو التحرش أو غير ذلك من الممارسات المخلة بأمن الزوار والسكان المحليين كذلك. لهذا انصح بالراغبين في الاستثمار في هذا المجال باستخدام المواقع الالكترونية الموثوقة لجلب السياح، والتنسيق التام مع السلطات المحلية في بلدك في حالة استضافة السياح ببيتك.