في تجربة رائعة تستحق دار الإفتاء المصرية التحية والتقدير عليها، عندما أقدمت على إقامة برنامج تدريبي لإعداد وتأهيل المقبلين على الزواج، بهدف تدعيم الشباب بالمعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة، وللحد من ظاهرة الطلاق المنتشرة بين الشباب في السنوات الأولى من الزواج، بسبب التسرع في اختيار شريك الحياة، وعلى أسس لا علاقة لها بالتكافؤ.
وبالعودة سريعا للأرقام التي تتحدث عن الطلاق في مصر، وبناء على الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تشهد حالات الطلاق ارتفاعا ملحوظا من بداية عام 2008 وحتى نهاية آخر تقرير صادر في عام 2020، ووفق مؤشرات الجهاز وصل عدد حالات الطلاق خلال عام 2019 حوالي 225.9 ألف حالة، وفي 2018 بلغت حالات الطلاق 211.6 ألف
حالة.
وعن عام 2020 الذي صدر عنه آخر تقارير الجهاز، كشف أن إجمالي حالات الطلاق خلال عام 2020 بلغت 222 الفاو 36 حالة طلاق متنوعة ما بين طلاق، وطلاق نهائي وخلع، والأسباب الرئيسية لا تخرج عن الاختيار الخاطئ، ثم بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الملقاة على الزوجين في بداية حياتهما، ويصيبهم الفشل في التعامل معها فينتهي الأمر بالانفصال.
لذلك شرعت دار الإفتاء المصرية في تنظيم برامج توعية الشباب المقبلين على الزواج، وحسب قول الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى، ومدير التدريب بدار الإفتاء، أن هدف البرنامج تدعيم الشباب بالمعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة، وللحد من ظاهرة الطلاق المنتشرة بين الشباب في السنوات الأولى من الزواج.
وقال إن البرنامج يقوم على تأهيل المقبلين على الزواج من خلال ثلاثة مبادئ أساسية هي:الوعي، باعتباره المحرك الرئيس نحو الحياة الفضلى للإنسان، ولا بد أن يكون المقبل على الزواج متزنا إنسانيًّا قبل الزواج، ومن ثم تم تصميم البرنامج ليكون برنامجًا يسعى إلى الاتزان الإنساني قبل أن يكون مكسبا للمعارف الدينية، التي لا تتعدى حصتها في البرنامج 10% فقط.
كما يهدف البرنامج إلى تأهيل عدد من المقبلين على الزواج على مهارات الحياة الزوجية وكيفية التعامل مع المشكلات والضغوط الحياتية التي يواجهها الزوجان ،حيث يتوقع من المتدرب في نهاية البرنامج أن يكون قادرا على إدراك الحقوق والواجبات الشرعية المشتركة بين الزوجين، وفهم طبيعة كل طرف من الناحية النفسية والاجتماعية، والإلمام بالمهارات والخبرات اللازمة للحياة الزوجية.
برنامج دار الإفتاء المصرية التحق به 650 شاب وفتاة فقط، بالطبع الرقم ضئيل جداً مقارنة بعدد المقبلين على الزواج من الجنسين والذين يبلغ عددهم ملايين الشباب والفتيات، واعتقد أن أهمية هذا البرنامج، أنه يحتاج أن يخرج من عباءة دار الإفتاء إلى ما هو أوسع بكثير، ربما تتلقفه وزارة الأوقاف، أو العدل، أو التعليم، أو حتى جهة جديدة تتولى إقامته على مستوى مدن وقرى الجمهورية.
يستطيع كل شاب وفتاة الالتحاق بالدورة، بل الأفضل أن يكون حضور الدورة شرط رئيسي لموافقة المأذون على إتمام الزواج، حتى يعلم كل طرف حقوقه وواجباته، ويسمع كل منهم الآخر، كيف يتحدث؟ وكيف يفكر؟ وكيف يرى الآخر؟ لأن ما يحدث على أرض الواقع تخطى الحدود، والاتفاق على الزواج يتم بدقة شديدة عن الأمور المادية فقط، دون النظر إلى شخصية الشاب أو الفتاة وهل هناك توافق أم لا؟
دليل برنامج مودة المشروع القومي لتأهيل المقبلين على الزواج 1
في الريف، الأمر كارثي في حالات كثيرة، حيث الزواج لمجرد الزواج، وغالبا في سن مبكرة، وفكرة السؤال عن التكافؤ الاجتماعي من كل النواحي ليس لها وجود، والشرط الوحيد في الشاب أنه يستطيع أن يفتح البيت، وشرط الفتاة أنها تعجب الشاب، ثم يكون الطلاق بأسرع مما يتوقعه أحد، وتعود الفتاة إلى بيت أهلها، وكراتين جهازها مازالت مغلقة.
ظاهرة الطلاق خطيرة والعدد مقلق، خاصة في السنة الأولى من الزواج، والأمر يحتاج إلى التدخل بمثل هذه الدورات أو ما يعادلها، أو أي طريقة أخرى تلفت نظر الشباب والفتيات إلى أفضل طريقة لاختيار شريك الحياة المناسب مهما تأخر الوقت.
اتمني الفوز بالحلم